لا تكاد تحمله قدماه من الفرح ، وقد خرج بعد لقاء قصير بمحبوبه الذي أخبره أن فرجه قريب ، وقد أعطاه موعد اللقاء ومكان اللقاء وزمان اللقاء .
نعم إنه علي بن سويد يقول من شدة الفرح أكاد أطير لأُبشر أصحابنا بموعد اللقاء .
ومن شدة الفرح أطرق الباب طرقاً مسرعا فيخرج لي أصحابي خير يابن سويد ما وراءك ؟
أقول لهم : وبلهفة فرج الإمام فرج الإمام !
متى ؟
وأين؟
وكيف؟
غداً
على الجسر
ضحىً ضحىً
وما تركتُ بيتاً لأصحابنا إلا وقد أخبرتهم كلهم .
لم يزر النوم عيوني تلك الليلة ، ولم تكتحل بغمضٍ،
الشوق أرقني ، والعشقُ أحرقني ، إلا أن طرَّ عمود الفجر ،وأشرقت شمس ذلك اليوم الجديد .
نعم إنه يوم ما بعده يوم سوف تشرق به شمس الإمامة علينا .
يوم سوف نتشرف بالنظر إلى الطلعة البهية للإمام .
بدأ أصحابنا يتوافدون على الجسر زرافاتٍ ووحدانا، تكاد دموعهم تنهمر كقطرات المطر لتختلط بما النهر شوقاً للقاء .
أنظر ُ إلى بعض أصحابنا منهم من يفرقع أصابعه ، ومنهم من اتكأ على أعمدة الجسر ، ومنهم يمسح على لحيته ، ومنهم من الابتسامة لا تفارقُ فمه ، ومنهم من يقوم ويقعد متلهفا للرؤيا .
ومنهم من جاء بأطفاله ليحظوا بلمسة من أنامل الإمام ، ومنهم من جاء بمريضه لكي يدعو له الإمام .
وانظر إلى إصحابنا وقد تسمرت أقدامهم بالأرض وعيونهم شاخصةٌ إلى باب السجن تنتظرُ متى يطلُ علينا الإمام .
اهٍ إنها ساعات ودقائق تُحبسُ فيها الأنفاس .
بينما نحن كذلك وإذا بالسجانين يحملون جنازة لم تكن محمولة بصندوقٍ من خشب ، ليس لها أحدٌ يستقبلها ولا خلفها من مشيع .
وقد اعتدنا على تلك المناظر فكم من أُناس ماتوا بسجون الظالمين تحت سياط التعذيب .
وكم من إنسان مات في السجن وهو غريب .
لم نُعر لتلك الجنازة أي إهتمام ، بل جُل همّنا هو رؤية إمامنا .
تجاوزنا السجانون بالجنازة ووضعوها على الجسر ، ونحن نترقب أن يطل علينا الإمام من فتحة باب السجن ليفتح لنا عهداً جديداً .
عم السكون المكان ، وإذا بصوت أحد السجانين ينادي على تلك الجنازة المطروحة على الجسر الملفوفة بعباءة قد تغير لونها من ظلمة السجن .
هذا
هذا
إمام الرافضة .
وكلمات جارحةٌ وقاسية .
كان النداء كأنه صاعقة نزلت علينا من السماء ، وكان وقعه عظيم علينا.
فسالت الدموع ، وضج الناس بالبكاء والعويل ، ومات الأمل مع موت الإمام ،وتحولت البسمة إلى دمعة ، والفرحة إلى رنة حزن .
فبقينا حيارى ماذا نصنع ، حتى إذا تحركت مشاعر الرحم من سلمان عم الرشيد وأخذ خدمه جنازة الإمام ، واستبدلوا ذلك النداء الشنيع بنداء.
ألا لمن أراد أن يحضر جنازة الطيب بن الطيب موسى بن جعفر .
فلبت الشيعة النداء
وما زالت يابن سويد في كل عام تلبي الشيعة هذا النداء بالملايين ، لتقف على الجسر لتحمل جنازة الإمام بدموع الحسرة .
نعم يابن سويد أنظر إلى المشيعين لقد جمعهم حب الإمام ولم يخافو التفجير التفخيخ .
فالعقيدة أكبر
والولاء أعظم
ولا شك ولا ريب يابن سويد أن مع الزوار فرج الله ، وينتظر الفرج .
فمتى يابن سويد تطرق دور أبوابنا لتخبرنا عن
موعد الفرج
ومكان الفرج
ووقت الفرج
|