 |
•
الموقع :
كتابات في الميزان .
•
القسم الرئيسي :
المقالات .
•
القسم الفرعي :
المقالات .
•
الموضوع :
حياتنا لحظة.. عِبرة نختمها بعَبرة .
•
الكاتب :
الشيخ مصطفى مصري العاملي
.
|
 |
حياتنا لحظة.. عِبرة نختمها بعَبرة
|
 |
 |
قبل نيف وخمسين عاما عندما كنت فتى يافعا كنت جالسا ذات مساء بجانب عمي في منزل الحاج علي عياش قرب منزلنا، والمناسبة هي خطبة ابنتهم الوحيدة الى عمي الوحيد..
صور تلك الأمسية لا تزال حاضرة في ذاكرتي بكثير من تفاصيلها وحضورها..
لم يمض وقت طويل حتى أطلت العروس حاملة صينية أكواب الشاي لتقدمها للحضور.
بعد سنوات قليلة بان الحمل الأول، وبرزت حاجة ماسة الى علاج في القلب، وكانت الخيارات القاسية، فكان القرار الصعب، وكان التحدي، وكانت العناية الإلهية.
كان كلام الدكتور لوالدها قاسيا: عليكم الاختيار بين حياة الام وبين حياة الجنين.
رحم الله والدها فقد كان مؤمنا وأخذ القرار الصعب قائلا للدكتور بعد الاستخارة:
أريد الاثنين معا، لن أقبل التضحية بأي منهما، قم بواجبك والباقي على الله..
رضخ الطبيب على مضض وهو يتوقع وفاة الام، وربما الاثنين معا، ولكن العناية الإلهية فرّحت قلب الاب المتكل على ربه، فكانت المفاجأة للطبيب قبل ان تكون لغيره، وضعت ابنها وانتصرت إرادة الحياة، فكانت العبرة الاولى.
بعد سنوات ساء الوضع الصحي لام علي، وكان القرار الصعب بإجراء عملية جراحية للقلب في مستشفى الحسين في عمان، الأردن، في العام 1977رغم نسبة الخطورة المرتفعة ، وكانت العناية الإلهية حاضرة لتتكلل العملية بالنجاح ولترزق بعدها على مدى عقد من السنين او يزيد بستة أولاد آخرين بنات وبنين.
استذكرت العام 1979 و قرار العودة الى لبنان من الامارات العربية المتحدة مصطحبا ام علي وطفليها بعد أن امضيت بضعة أشهر في منزل عمي في مدينة العين، واستقرت مع طفليها في بيروت بعيدا عن الاحداث المؤلمة في ذاك الوقت في الجنوب، وتشاء الاقدار ان تصدم سيارة الطفل الصغير امام منزلهم في برج البراجنة وتنكسر الجمجمة، وتتدخل العناية الإلهية من جديد فيتجاوز الطفل حالة الخطر الشديد ،ويعود الى الحياة من جديد..
في العام 2005 تذهب ام علي لأداء العمرة ، وبعد ان تكمل مناسكها تصاب بجلطة دماغية وهي في باحة المسجد النبوي الشريف، ويتوقع الجميع أياما قليلة لتودع الحياة، ولكن الإرادة الإلهية تمنحها الحياة من جديد وتمضي فترة في المستشفى ولكن ثمن بقاءها على قيد الحياة كان
فقدانها القدرة على النطق، وعلى الحركة بنشاط وحيوية، ولكن الله عوضها عن ذلك بروح معنوية مرحة عالية واجهت فيها كل الصعوبات طوال ستة عشر سنة والى اليوم، رغم حاجتها في السنوات الأخيرة الى الاوكسجين في اكثر اوقاتها..
اليوم وبعد رحلة العمر المليئة بالعبر يتوقف قلب ام علي عن الخفقان فتسلم الروح..
استعرضت هذا الشريط من الحياة ، وإذ به لا يزيد عن لحظة...
( واحتفظ بالكثير من الخواطر والتفاصيل والارشيف.. ربما لوقت آخر )
نعم الحياة لحظة.. .. عِبرة نختمها بعَبرة.
غدا موعد دفن الجسد في الساعة الواحدة ظهرا..
ربما لن يصل ولداك القادمان من المهجر الا بعد هذا الوقت.
لقد سبقتنا روح ام علي من عالمنا المادي الذي نعيشه في مرحلة وجودنا الرابعة الى عالم البرزخ، عالم الأرواح في مرحلة الوجود الخامسة، فحق أن يقال لمن رحل من عالمنا: هم السابقون ونحن اللاحقون.
موعد لقاء الأجساد ثانية هناك في مرحلة المحشر في حياتنا السادسة، قبل ان ينتقل الجميع الى مرحلة الخلود الدائم في المرحلة السابعة والاخيرة.. هناك ..فريق في الجنة وفريق في السعير..
جعلك الله وإيانا من فريق أصحاب الجنة..
الى روحك نور الصباح عياش مصري ثواب الفاتحة..
|
|
كافة التعليقات (عدد : 2)
• (1) -
كتب :
الشيخ مصطفى مصري العاملي
، في 2021/03/11 .
جزاك الله كل خير .. على مشاعرك الصادقة..
تقبل الله عملك، وأثابك عن ذلك خيرا كثيرا..
لقد كتب الله لفقيدتنا أن يتأخر دفنها الى اليوم فيكون دفنها ليلة الجمعة..
رحم الله امواتكم.. والى ارواحهم ثواب الفاتحة
• (2) -
كتب :
محمد جعفر الكيشوان الموسوي
، في 2021/03/10 .
سماحة الشيخ الفاضل مصطفى مصري العاملي دامت توفيقاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كنتَ كفيلا بي الى ان اجريتَ دموعي في هذا الليل والناس حولي نيام. لم اعتد ان اقرأ مقالا عدة مرات متأملا كل كلمة فيه كهذه المرة مع مقال جنابكم الكريم. كلام نوراني يدخل الى القلب لأنه خارج من القلب وبأسلوب لا تكلف فيه ولا تصنع وهذا سر جماله الآسر وتأثيره العميق... وانا اقرأ مقالكم مرة تلو أخرى تذكرت تلك الفقرة من دعاء الإفتتاح للإمام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى له الفرج :"فَكَمْ ياإِلهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها، وَهُمُومٍ قَدْ كَشَفْتَها، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها، وَحَلْقَةِ بَلاٍ قَدْ فَكَكْتَها". فعلا كما تفضلتم عِبرة و عَبرة، فكم من كربة قد فرَّجها الحق سبحانه وكم من مكروه كفانا الله شره وكم من بلاء دفعه الرحمان الرحيم عنا ولكن أنا وأمثالي لا نعتبر بل ننكر ولا نشكر، نعود من بعد النجاة الى غرورنا المعهود فتزل اقدامنا فنعثر كما اول مرة ويعود علينا الرؤوف بعباده فيقيلناعثراتنا ومن ثم نعود بما نحن أهله والحق سبحانه يعود علينا بما هو أهله من الرحمة والشفقة. بقيت لوقت متأخر أراجع كلمات جنابكم الكريم فوجدتها جامعة لكل معاني الوعظ والتنبيه عن الغفلة... انها دعوة كريمة لمراجعة اقوالنا وافعالنا وتهيأنا واستعدادنا ليوم لا ينفع فيه ندم ولا حسرة ولا إرجعوني أعمل صالحا فيما تركت. شيخنا الفاضل.. أسأل الله تعالى ان يجعل لك بكل كلمة نبهتنا بها عن غفلتنا حسنة ويضاعفها لك اضعافا كثيرة ويثبتها في سجل اعمالك الصالحة وينفعك بها في الدارين ويجعل لك نورا تمشي به في الناس ويضاعف لك النور ويصلح بالك ولا يحرمنا من وعظ امثالكم الكرام فما احوجنا لذلك فقد ساء الحال كثيرا فقلت البضاعة وكثرت الإضاعة. نأمل النجاة يومئذ ببركة وعظكم وارشادكم وجزاكم الله خير جزاء المحسنين. لقد قرأنا سورة الفاتحة على روح المرحومة الفقيدة اسكنها الله فسيح جناته كما اننا سوف نقرأ على روحها الطاهرة ختمة قرآن ونذكرها في سائر الأدعية الشريفة والزيارات أنّى ذهبنا. رزقكم الله العافية وتمامها وكمالها ودوامها وله الحمد تبارك وتعالى اولا واخيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكر الإدارة الموقرة للموقع المبارك كتابات في الميزان
|
|
•
المصدر :
http://www.kitabat.info/subject.php?id=152911
•
تاريخ إضافة الموضوع :
2021 / 03 / 09
•
تاريخ الطباعة :
2025 / 03 / 13
|