• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الطائفية تلقي بظلالها على المنطقة .
                          • الكاتب : د . نصيف الجبوري .

الطائفية تلقي بظلالها على المنطقة

كلمة د نصيف الجبوري في
(( ندوة الاسلام والحياة)) (الطائفية وتاثيرها في المجتمع)

الطائفية تلقي بظلالها على المنطقة
أن هناك تساؤلا كبيرا  لدى اصحاب الشأن من مخلصي هذه الأمة وهو هل النموذج الطائفي في العراق في طريقه الى التعميم في المنطقة؟
للإجابة على هذا السؤال لابد من العودة الى مشروع تقسيم العراق، الذي تبناه جوزيف بايدن بمباركة من وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت ابان حكم الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون. ففي بداية تسعينات القرن الماضي رسمت تلك الادارة مشروعها ونفذته على الأرض من خلال تقسيم العراق على اسس مذهبية واثنية، وذلك عشية طرد قوات النظام العراقي السابق من الكويت عام 1991. لقد عملت تلك الادارة على تعريب مشروعها التقسيمي عندما جمعت حولها بعض السياسيين العراقيين ليكونوا كحصان طروادة لتحويل العراق الى حقل تجارب لذلك المخطط.
اليوم نسمع ونشاهد تطورات المشروع الفيدرالي المشوه في العراق الذي يقوده ويرسم ملامحه اليوم جوزيف بايدن نفسه، الذي اصبح نائبا للرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما، والذي يحمل في طياته تشتيت العراق. ليس فقط من الجانب الطائفي والقومي انما هو مشروع مفتوح على كل الاحتمالات مناطقيا وعشائريا وحزبيا. فالأمور تسير على قدم وساق بهذا الاتجاه وتهدد الوطن في هويته وكيانه وتماسك اطيافه.
نسمع اليوم ونرى بأن هناك محاولات لتعميم هذا النموذج السيئ الصيت في ليبيا واليمن وسوريا وغيرها تحت مسوغات وحجج متعددة.
ان مثقفي هذه الامة يعلمون بأن هناك فرق شاسع بين تطبيق النظام الفيدرالي في الغرب كالولايات المتحدة الامريكية وسويسرا وألمانيا وبلجيكا وغيرها. فثقافة تلك الشعوب وتاريخها وظروفها القومية والاثنية والدينية قد حتمت عليها انذاك من تبني المشروع الفيدرالي. الذي بات اليوم اشبه ما يكون بالنظام اللامركزي ضمن الدولة الواحدة. وما نراه من نظام فيدرالي فوضوي في العراق ليس له اية علاقة بالانظمة الفيدرالية الغربية.
ان كان مخطط مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي طبلت له امريكا كثيرا وزمرت في بداية التسعينات، والذي كان من المفترض ان تهيمن عليه اسرائيل. لقد كانت الادارة الامريكية والإسرائيلية تطبخ ذلك المخطط على نار هادئة، ابتداءا من توريط النظام الدكتاتوري السابق بغزو الكويت، وفرض الحصار الظالم على الشعب العراقي، وصولا الى الغزو الامريكي للعراق عام 2003. عندما تصور راسمي تلك المخططات بأن الوقت قد حان لتنفيذ ما رسموه، معتقدين بأن سنيين الحصار العجاف التي زادت عن عشرة اعوام، قد أتت اكلها وأتعبت الشعب العراقي كثيرا، لذا فأنه سوف يستقبل الغزاة الجدد بالورود ويرحب بهم.
لقد أفشل الشعب العراقي ذلك الغزو البربري فشلا ذريعا، وذلك بفعل مقاومته الباسلة وصمودها المشرف امام الاحتلال الامريكي. قلب العراقيون تلك المخططات الشيطانية التي بدأت من بلد الرافدين، وكان من المفترض ان تسير وتستمر باتجاه شبه الجزيرة العربية ودول الخليج الغنية بالنفط، لتصل حتى مصر لتطال فيما بعد دول المنطقة الاخرى.
ان من الغباء ان نتصور بأن فشل تلك المخططات الاستعمارية عام 2005 في العراق سوف تثني المستعمرين الامريكان والاوربيين من متابعة ومعاودة مخططاتهم، عندما ستسمح لهم الظروف بذلك. وهكذا فقد رأينا كيف تمكنوا من اشعال الحرب الطائفية في العراق عام 2006 بين ابناء الوطن الواحد ووقع الكثير منهم في الفخ الذي نصب له.
اليوم ان كانت امريكا وحلفائها قد فشلوا ابان ثورات الربيع العربي من الهيمنة والسيطرة على ثورتي مصر وتونس. فأن الجهود مستمرة والمؤامرات كبيرة وكثيرة للاستحوذ واحكام السيطرة على مسارات ثورات اليمن وليبيا وسوريا وحرفها عن نهجها التي ثارت من اجله.
هناك خطر محدق بأمتنا العربية والاسلامية فلسنا بمأمن من مؤامرات الأعداء فالمخطط القديم الجديد في تفتيت المفتت وتمزيق الممزق لا يزال يهدد كياننا. فتجربة الحرب الطائفية في العراق ابان فترة 2006 و 2007 اصبحت تغري المستعمرين لتكرارها في سوريا وليبيا، او حتى في اليمن ومصر وتونس. لذا فأن امامنا شوط طويل لمواجهة البرامج والمخططات الامريكية والإسرائيلية.
ان تفعيل الفكر الاسلامي المقاوم للهيمنة الاجنبية ورص صفوف العرب والمسلمين فيما بينهم، وذلك بنبذ الطائفية والعنصرية والقبلية والحزبية والفئوية والأنانية، وتعزيز الثقافة المنفتحة والمتسامحة بين ابناء البلد الواحد. يذكرنا بمبدأ إسلامي مهم وهو الشدة والقوة مع الكفار والغزاة والظلمة، والرحمة والشفقة مع ابناء البلد ايا كان دينهم ومذهبهم وقوميتهم وفكرهم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور نصيف الجبوري
كاتب وباحث مقيم في فرنسا


   Nassif.jibouri@hotmail.fr 

 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=15174
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15