كل العالم تقريباً قد شهد الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة وتطورات احداثها خاصة بعد إصرار الرئيس الحالي دونالد ترامب على عدم الاعتراف بالهزيمة..
مايهمنا في هذا الموضوع هو كيف كان سلوك السلطات الاربع - التشريعية، التنفيذية، القضائية، الاعلام - حيال هذا الامر، كيف تفاعلت وكيف أثبتت بأنها سلطات منفصلة بعضها عن البعض الاخر؟
أولاً: نأتي الى سلطة الاعلام بما إنه يمثل السلطة الرابعة التي تهيمن على باقي السلطات وخاصة بعدما ظهر الرئيس الامريكي من خلال مؤتمر صحفي من داخل البيت الابيض وبدأ يتحدث عن تزوير في البطاقات الانتخابية وفي هذه الاثناء كان الاعلام الامريكي يبث الخطاب على الهواء مباشرة، ونحن نتحدث عن إعلام رسمي خاصة من وكالة فوكس نيوز الاخبارية المقربة من البيت الابيض.
فجأة يظهر مقدم النشرة الاخبارية ليقطع البث وليعتذر ويقول بأن: "رئيس بلاده بدأ يتحدث عن معلومات غير صحيحة بالمطلق وبدون أدلة ولايجوز تداول مثل هذه المعلومات في الاعلام".
ثانياً: السلطة التنفيذية وتمثلت بموقف رئيس أركان الجيش الامريكي عندما تواجد بالزي العسكري مع الرئيس ترامب أمام إحدى الكنائس خارج البيت الابيض وبدأ الحديث حينها عن دور الجيش في الحياة الاجتماعية وتورطه في السياسة الداخلية وبعدها خرج رئيس الاركان في الاعلام معتذراً عن هذا الخطأ وقال: "بأن الجيش الامريكي لايؤدي الولاء لأي ملك أو ملكة أو دكتاتور أو طاغية بل للشعب والدستور الامريكي ولم يكن من المناسب أن أتواجد هناك".
السلطة التشريعية: وتمثلت بمواقف وتصريحات كانت تصب في مصلحة البلد والشعب بالدرجة الاساس على الرغم من أن مجلس النواب ذو أغلبية ديمقراطية ومجلس الشيوخ ذو أغلبية جمهورية ولكن كان هناك توجه نحو المرشح المناسب بغض النظر عن كونه ديمقراطياً أو جمهورياً وفي كل الاحوال فإن الجدالات السياسية كانت تنحصر فقط في هاتين القبتين.
السلطة القضائية ومفوضية الانتخابات: وتمثلت بالتسليم لها ولإستقلاليتها من قبل الطبقة السياسية المتمثلة بالمرشحين للرئاسة من خلال الاحتكام لها فيما يخص مزاعم وجود بطاقات إنتخابية مزورة وسوف يكون للسلطة القضائية كلمة الفصل بدون إعتراض كما حصل في إنتخابات عام 2000 بين جورج بوش الابن وآل غور أو في إنتخابات عام 2016 بين هيلاري كلنتون ودونالد ترامب.
هكذا يتم بناء الديمقراطيات والمؤسسات الدستورية في العالم المتحضر من خلال مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعتبر العمود الفقري لكل نظام ديمقراطي من أجل أن لاتتحول هذه السلطات الى أدوات سياسية بيد الاحزاب الحاكمة من أجل تمريرمشاريع سياسية معينة.
|