على نحو الحقيقة أيها الأحبة ماهية السحر يعني ما الذي يجري بالضبط لا نعرفه الذي نعرفه فقط الخطوط العامة التي سأذكرها بتبسيط وسهولة حتى تكون مفهومة لدى الجميع .
الساحر عمدة عمله يعتمد ويتعكز على ثلاثة أمور :
الأول : يعتمد هذا الساحر على طبيعة الانسان فنحن مخلوقون من طبيعة ترابية مسامية (طين وماء) كما في قوله تعالى ((من طين لازب)) هذه طبيعتنا طينية كثيفة فيها كثير من المسامات والثغرات، هذا الركن الأول يعتمدون عليه السحرة .
الثاني : الجان من أين خلقوا ؟ بحسب آيات القران الكريم قال ((والجان خلقناه من نار السموم )) في نص أخر قال ((من مارج من نار)) ماذا يعني بالسموم ؟ سأبين لكم بالتأكيد شاهدتم النار ورأيتم ما يتصاعد من نهاية النار وهو ما يسمى باللهب ويكون شفاف كالسراب هو هذا السموم الذي عبرت عنه الاية الكريمة من تلك الطبيعة خلق الجان مما أعطت له قابليات وقدرات خارقة لم تتوفر لدى بنو الانسان .
مثلا من هذا القدرات : العروج الى السماء (( وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا )) أعطتهم ايضا قدرة قراءة باطنك إن لم تكن محصن بذكر الله وتكون على طهارة وإلا تخترق من الداخل ويكشف ما في باطنك ، وأعطتهم قابلية الوسوسة في صدور الناس ((من شر الوسواس الخناس )) وكما في الحديث الشريف ( ان الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق ) .
وقدرات أخرى من قبيل السرعة اختراق الجدار الخطف ((إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب)) وهكذا .
اذا فهذا الساحر يستخدم ويستثمر تضاد الطبيعتان فيقوم بأرسال الجن وأنت جالس في وحدتك يرآك من حيث لا تراه ((يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)) فيبدأ بنقل معلومات تخصك الى الساحر المشعوذ
ويبدأ الساحر بسرد ما كنت تفعل في الساعة الفلانية في المكان الفلاني مما يصيبك بالذهول والتعجب والتسائل عن كيفية معرفته بهذه التفاصيل ليستغل جهلك وضعف إيمانك فتذعن وتنقاد له وتأتمر بأمره والحال أن الامر طبيعي فالجن له قدرات انت لا تملكها فيستطيع ما لا تستطيع فهو تفاوت بالقدرات لا أكثر .
الثالث: يعتمد الساحر وهو الركن الأبرز على بساطة الناس وسذاجتهم وقلة إيمانهم ووعيهم فيستغلهم لمصالحه الشخصية ويجعلهم يترددون عليه في كل وقت وحين كل ما أصابهم شيء ولو كان بسيطا بسبب غرزه لأفكار سلبية ووسواس شيطانية مما يسبب للضحية بعض الكوابيس المرعبة التي تتعلق بالعقل الباطن وذلك بسبب تلقين الساحر للضحية بالأوهام الشيطانية مما يجعل الضحية يعيش دوما في ضعف وخوف ووجل وهواجس نفسية واوهام لا حد لها ويبقى دوما محتاجا للساحر المشعوذ لعنه الله وأسقط ما بيداه .
أما ما هو شائع بين الناس من أن الجن يتلبس بالأنسان ويبدأ بالتحكم به فهو خلاف القرآن الكريم والعقل أما القران فالايات في ذلك صريحة كقوله (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )) ((إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ))
(( ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )) وكما هو ثابت قرآنيا الشيطان من الجن (( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا))
أما عقلاً : اختلاف السنخية يبطل التمازج والتداخل لأن سنخ الجن من النار وسنخ الانسان من طين لذلك يستحيل إجتماعهما .
وإنما وظيفته الوسوسة وخلق الاوهام السوداوية المزعجة مما يؤثر سلبا على تصرفات الانسان وسلوكه .
وللأسف الشديد كثير من النساء التي هن الضحايا غالبا ما تلتجئ للسحرة والمشعوذين بحجة جلب المحبة والطاعة والخضوع وغالبا ما يكون الضحية هو الزوج أو احد أفراد عائلته وهي طامة كبرى تفكك الأسرى وتهدم البيوت وتشعل النوائر وذلك لنقص في عقول بعضهن وغلبة عاطفتهن على عقولهن وتمسكهن بالأمور السطحية غير ناظرات الى العواقب الوخيمة التي يمكن أن تحدث والأدهى والأمر من ذلك بعضهن يتعلمن السحر ويواصلن في ممارسته ((ومن شر النفاثات في العقد)) كفاكم الله وعوائلكم كل ذلك .
يقوم الساحر أحيانا بالتلاعب في بعض الامور العصبية لك او النفسية من المذاق والأمزجة ، وبعض عناصر جسدك لأن الجسد كما تعلم يتكون من الحديد، والماء ، والقير ، والتراب ...الخ
فيقوم بأحداث اضطرابات في داخلك وكلها تزول بالمواظبة على ذكره تعالى .
هناك أشكال من السحر تبع لتنوع الجان وإختلاف قدراته قوة وضعفا مثل : السحر الهوائي تبع للجن الهوائي ، والترابي ، والمائي وهكذا ...
وهناك سحر الأثر : وهو اخذ أثر من الضحية من قبيل : شعره او لعابه ، ظفره، دمه ، ويعمل عليه وأنواع كثيرة من أراد معرفتها يراجعها في مظانّها ولا أحبذ ذلك .
بالتالي كلها تبطل بالثقة العالية بالله والتوكل عليه وتفويض امورك إليه فهو الشافي المعافي الكافي
للأسف نحن عادة نخاف غير الله اكثر منا نخاف من الله وهنا المصيبة فلو كنا نخاف الله لخاف منا كل شيء كما في الحديث الشريف عن الامام الصادق ( عليه السلام) ( من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء) .
فمتى ما كانت ثقتك بالله عالية وتخاف منه وحده شق طريقك لا تخاف دركا ولا تخشى ((قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ))
:؛ علامات الساحر كيف تعرفه قبل الأنتقال الى حرمة السحر وموقف الدين من السحر والساحر .
هناك طرق تعرف بها الساحر عادة سنذكرها على شكل نقاط .
1. اذا طلب منك نوعا من الحيوانات فهي علامة على انه ساحر مشعوذ دجال أسحب يدك منه .
2. اذا رأيته يتحدث بطلاسم غير مفهومة تخلو من ذكر الله أتهمه وقم عنه .
3. لو طلب منك مبالغ مالية هذا بالأحرى كذاب دجال
4. لو كتب لك طلاسم أيضا تخلو عن ذكر الله عبارة عن خطوط ومربعات ورموز غير مفهومة
5. لو طلب منك أن تعتزل الناس في غرفة لا تطلع عليها شمس او الاعتزال من الناس مطلقا .
6. لو طلب منك أمرا يناقض الشرع يعني كأن يقول للفتاة أخلعي حجابك أو طلب منك ترك قراءة القران او ترك الاستحمام وهكذا كل ما يخالف ويناقض الشرع الحنيف .
7. لو طلب منك أشياء نجسة قذرة كالدم او بعض النجاسات فأعلم أنه ساحر دجال .
هذه العلامات الشائعة والتي من خلالها تميز بين الساحر والروحاني لأننا لا ننكر أن هناك بعض الصلحاء الذين جاهدوا انفسهم وأهوائهم فأعطاهم الله بعض الكرامات وفتح عليهم وقربهم وأدناهم منه تعالى وأفاض عليهم بعض صفاته منها الشفاء فهو المشافي وهم عباده يختص برحمته من يشاء .
ومن يطلب الشفاء من الداء فعليه بالقرآن الكريم ففيه شفاء لما في الصدور والاحراز والطلاسم الشرعية الواردة عن طريق الائمة صلوات الله عليهم وهي موجود في كتاب مفاتيح الجنان للمحدث الشيخ عباس القمي (طيب الله ثراه)
(؛الان نصل الى موقف الدين والشرع من السحر )
: هل مزاولة السحر شرعية ؟ : قطعا لا
إلا ما استثناه الشرع وهي حالة واحدة فقط لا غير
وهي تعلم السحر لإبطال السحر نفسه ودحض كيد ومكر السحرة .
أما السحر بذاته والساحر وما موقف الدين منه فسأذكر بعض الروايات الشريفة .
" عن علي المرتضى(عليه السلام) قال : من تعلم من السحر قليل أو كثير فقد كفر وكان أخر عهده بربه .
أخر علاقة لك مع ربك تنتهي بأول لحظة في تعلم السحر .
النبي الأكرم (ص) : من أتى عرّافاً فسئله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة .
بمجرد السؤال لأنك لو لم تعتقد به لما سئلته .
النبي الأكرم (ص) : من أتى كاهناً او عرّافة فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد .
هذا فقط اذا كنت تسئلهم فكيف اذا كنت أحدهم .
النبي الكريم(ص) : جاءته إمرأة فقالت يا رسول الله زوجي به غلظة وسحرته ليلين قال لها : أفّ لكِ كدرتِ البحار والطين ولعنتكِ ملائكة السماء والارض والملائكة الأخيار .
لتعلم النساء عظم حرمة اللجوء الى السحرة والكهنة وأن ذلك لا يجلب لهن غير الوبال والخسران في الدنيا والأخرة .
ولا بأس بذكر هذه القصة للطرفة : احد ذراري الشيخ مهدي الطرفي رحمه الله ينقل للخطيب المتفوّه الشيخ سلام العسكري قائلا له : جاءت أحد النساء الى والدي وقالت له إن زوجي لا يتقرّب مني ودائما ينفر عني وأريد ان تساعدني وتعمل لي شيء يجعله يتقرب مني طلسما حرز اي شيء فقط أريده بجانبي قال لها الشيخ مهدي حسنا سأعطيك هذه الاوراق لمدة عشرين يوم كل يوم تحرقين واحدة وتستحمين وهذه زجاجة عطر ضعي منها ايضا أخذتهن المرأة وذهبت وقبل أن تكمل العشرين يوما جاءت الى الشيخ حامله معها الهدايا وأعطتها للشيخ وقالت له جزاك الله خيرا لقد ُحلّت مشكلتي وبدأ زوجي بالتقرب مني فسئله احد اولاده ماذا كتبت لها في الاوراق وهكذا قضيت حاجتها بسرعة قال له الشيخ لم أكتب شيئا الاوراق فارغة فقال له اذا كيف قضيت حاجتها قال له لمّا دخلت عليّ شممتُ رائحتها وكانت نتنه وكريهه جدا فعرفت أن هذه هي المشكلة لعدم إقتراب زوجها منها فأعطيتها العطر وطلبت منها الاستحمام .
الى هنا وأختم بهذه الاية المباركة :
(( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)).
والحمدلله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
|