لا يخفى على الكثير ان السرعة هي من اهم خصائص وسمات الحياة والحضارة المعاصرة وكما يطلق على عصرنا ب"عصر السرعة" السرعة في التنقل والسرعة في الحصول على المعلومة والسرعة في اجراء وإتمام عمليات كبيرة تعد سابقا وغير ذلك ,ولا شك ان هذه السمة مفيدة ونافعة وساهمت في تقديم الكثير من الخدمات للبشرية, ومنها سرعة الحصول على المعلومة , وتداولها في اللحظة او اللحظات من خلال توفر وسائل الاتصال الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعية والمواقع الاخبارية الالكترونية...الخ . ومن يرقب هذا العالم الرحب و الواسع يلحظ سرعة هائلة في تقديم زخم من الاخبار والمعلومات وتفاصيل الاحداث لمختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية ...الخ . لكن ما ينبغي الوقوف عنده وتأمله جيدا هو مصداقية وواقعية ما ينشر ويعرض ؟ وكيف نثق بصحة وسلامة البضاعة المعروضة ؟ خصوصا في في مجال الحياة السياسية وما تكتنفه ما تقاطعات وخلافات بين اغلب القوى والتيارات والأحزاب. اعتقد ان التثبت والتروي في ما يتم نشره وعرضه من خبر او معلومة لا سيما التي توصم ب" العاجل , ورد الان , حدث الان " قضية ضرورية وهامة قبل بناء المواقف عليها وإصدار الآراء والخوض في جدالات ونقاشات على امر ربما لا يمت بصلة للواقع وتصبح المسالة كما يقول علماء المنطق "سالبة بانتفاء الموضوع" ولذا نجد الشريعة الاسلامية الغراء احاطت مسالة ابداء المواقف وإصدار الآراء اهمية خاصة , يقول تعالى "يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" فالآية تأمر بالتبيين والتثبت من نبا الفاسق وغير العادل والملتزم , ويقول تعالى " ولا تقفوا ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسئولا" وهنا جاء النهي عن الخاطر النفساني الذي لا دليل عليه ، ولا غلبة ظن به, كما في تفسير التحرير والتنوير , وورد في الحديث عن رسول الله (ص) " كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما يسمع" فأن نقل الحديث قبل التمحيص والاحتراز مسؤولية وعليه فان التلقي للمعلومات والأخبار والكلام ضرورة ان يكون بعقل واع وذهن متأمل قبل تداوله وبناء المواقف وترتيب الاثار عليها بقول او سلوك .
|