تتسارع خطى الحرب السورية السورية باتجاه تدويلها اقليميا وعربيا واوربيا وامريكيا من جهة وروسيا وصينيا وايرانيا من جهة ثانية فضلا عن تأهب قوى واحزاب عربية ودولية غير حكومية للتدخل عن طريق السلاح أو اعلاميا من خلال تسخير ما تمتلك من وسائل اعلام فعالة كالفضائيات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي للتأثيرعلى مجريات الحرب بما يؤدي الى توسعها الى خارج الحدود السورية لتصيب دولا وقوى ومنظمات واحزاب عربية مع أو ضد هذا الطرف أو ذاك من أطراف الازمة وربما ستكون اسرائيل هي المستفيد الاوحد من تداعيات هذه الحرب رغم انها سوف تتاثر سلبا هي الاخرى من تلك التداعيات.
وتتراوح اشكال التدخل المناوىء للنظام السوري بين محورين الاول ينحى كما يبدو للمراقبين منحيين احدهما هو المنحى الطائفي الذي تقوده السعودية وقطر ودول الخليج الاخرى على خلفية النظام السوري الموصوف بالعلوي القريب من المذهب الشيعي الذي يعد العدو الاول لمريدي بعض المذاهب المتشددة الاخرى والتي تستعملها تلك الدول كلما دعت الحاجة كاوراق ضغط خلال الازمات , وستكون اسرائيل المستفيد من هذا المنحى لانه يعطل جانبا مهما من القدرات العربية باتجاه قضية الشعب الفلسطيني , وثانيهما وهو سياسي ذو علاقة باسرائيل وتقوده الولايات المتحدة وبريطانيا ومعهما دول حلف الناتو الاخرى للدور الاقليمي الذي تتكلف به سوريا كلاعب ممانع ومقاوم في المنطقة وعلاقة ذلك باسرائيل الحليف الستراتيجي للغرب أما المحور الثاني فتشكلاه روسيا والصين انطلاقا من المصالح الستراتيجية للدولتين العظميين لعل في مقدمتها مايعرف بمناطق النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري التعبوي في الشرق الاوسط , هذا من جهة ومن جهة ثانية تقف ايران على الخط الامامي للازمة دعما لحليفها الثابت في دمشق لاعتبارات ستراتيجية تجعلها طرفا مؤثرا فيما تبقى من اشكال الصراع العربي الاسرائيلي وقضية احتلال اراضي المسلمين من قبل الدولة العبرية , فيما يقف العراق موقفا وان بدا معتدلا ويدعو الى حل الازمة بالطرق السلمية الا انه يدعم النظام السوري بقوة لحسابات وطنية داخلية فرضتها المخاوف من صعود قوى اسلامية متشددة تناصب العراق العداء على طريقة تنظيم القاعدة .
وانطلاقا من هذه الرؤية نجد ان ثمة تحركات فعلية تجري على الارض من جميع هذه الاطراف بعد فشل الجامعة العربية ومجلس الامن في حل الازمة سلميا, ففي الوقت الذي تنشط فيه الالة العسكرية الغربية وتتزايد تحركاتها بحرا وبرا وجوا على مقربة من الشواطىء والاجواء والاراضي السورية يعقد قطبا حلف الناتو المهمان بريطانيا وفرنسا مؤخرا اجتماعا تناول القضية السورية اكدا خلاله بان الصبر لديهما ولدى حلفاؤهما بدا ينفد بما يذكرنا بالايام التي سبقت الانقضاض على ليبيا جوا وبحرا , ولاادري اذا كان لهذا الاجتماع أي تأثير على روسيا التي سحبت قطعاتها البحرية المتواجدة قبالة الساحل السوري حيث تزامن هذا الانسحاب مع توارد اخبار الاجتماع المذكورلعلها تتجنب التصادم المباشر مع الغرب مثلما فعلت مع الحالة الليبية والاكتفاء باستخدام حق النقض الفيتو لاجهاض اي قرار دولي ضد سوريا, وبنفس الوقت تحركت قطعتان بحريتان ايرانيتان عسكريتان في المياه الدولية باتجاه المياه الاقليمية السورية ,واعلنت تركيا أكثر من مرة على لسان مسؤولين رفيعي المستوى بان تركيا لن تبقى صامتة ازاء مايحدث في سوريا, واذا كانت القوات العراقية كما اعلنت وسائل الاعلام العراقية واقفة على اهبة الاستعداد لمنع دخول المسلحين أو خروجهم من العراق نتيجة الازمة السورية , وان عيون حزب الله اللبناني مفتوحة على وسعها لاي تحرك في المنطقة ذي صلة كما تقول الوكالات الدولية اضافة الى نشر قطعات لبنانية على الحدود, فأن قوى اخرى حزمت امرها ’ فشمال لبنان بدأ ينقسم على جنوبه وحدثت اول اعمال عنف طائفية في طرابلس شمال لبنان بين الطائفة العلوية والطائفة السنية , ويعلن الظواهري انضمام القاعدة للمعركة القادمة , فيما بدأت قطر والكلام على ذمة الوكالات بتمويل مشروع شراء اسلحة اسرائيلية بقيمة 650 مليون دولار ومازالت تبحث عن منفذ لادخالها الى الاراضي السورية وان عددا من السياسيين اللبنانيين المناوئين للنظام السوري مثل سمير جعجع ووليد جنبلاط يرعون هذه الصفقة خاصة وانها تعاني من صعوبة ادخالها الى شمال لبنان تمهيدا لتمريرها الى ريف دمشق وحمص . وبنفس الوقت ذكرت صحيفة (( الناس البغدادية )) بعددها الصادر في 19 شباط الجاري بان مركز ستراتفور للاستخبارات في واشنطن اكد مؤخرا بأن عمليات تهريب السلاح الى سوريا عبر ميناء جونية اللبناني تحت اشراف ضابط لبناني تحتل مكانا بارزا حاليا وان يكن اقل من المطلوب بسبب رقابة مخابرات الجيش اللبناني , وطبقا لتقرير ستراتفور وحسب نفس الصحيفة فان السلاح الذي يجري جلبه عبر ميناء جونية يجري نقله الى منطقة زحلة في البقاع الجنوبي التي تعد حاضنة مهمة لجماعة جعجع بينما يعد محيطها احدى حواضن تيار المستقبل (( تيار الحريري )) والطرفان يتعاونان في عمليات تهريب السلاح الى الداخل السوري ’ ويبدو ان عمليات تهريب السلاح هذه لم تأت اكلها ولهذا تبنى الساسة اللبنانيون المشروع القطري , فاذا اضفنا بان اعدادا من العرب وبشكل خاص من ليبيا بدؤوا يتوافدون على الاردن تحت عنوان الاستشفاء لكنهم يقيمون في مخيمات قريبة من الحدود السورية , فان جميع هذه المعطيات تؤكد ان حربا اخرى ستندلع وستتجاوز الحدود السورية واللبنانية وربما الاردنية لتشمل اطرافا اخرى في المنطقة وان اسرائيل ستكون أحد أطرافها لتتخلص من غريمها القوي ((حزب الله اللبناني )) وقد يؤدي ذلك الى تقسيم لبنان فضلا عن تقسيم سوريا خاصة اذا ماتدخلت الولايات المتحدة وحلف الناتو بشكل مباشر , كما ستستغل اسرائيل ذلك لضرب المفاعل النووي الايراني في وقت سترد فيها ايران للدفاع عن نفسها واحتمال تدخل روسي بشكل اوبآخر في هذه الحال لصالح ايران التي تعتبر بالنسبة لروسيا البوابة الرئيسية نحو المياه الدافئة , اما دول الخليج فهي الاخرى سوف تنال نصيبها من هذه الحرب بشكل أو بآخرلاسيما وان الرئيس السوري هدد بضرب قطر بشدة بالصواريخ في حالة قيام الغرب بشن هجوم على بلاده ناهيك عن حدوث ارتفاع كبير في اسعار النفط .
ان احتمالات اندلاع حرب اخرى او حرب تمتد حارج الحدود السورية يظل قائما امام اصرار الاطراف المعادية للنظام السوري على اسقاطه بأي أسلوب ويزداد هذا الاحتمال اذا ماتعرضت سوريا الى اي هجوم عسكري خارجي جدي وقوي يتذرع اصحابه بحماية المدنيين وان مثل هذه الحرب الخطيرة التي لاتعرف مدياتها سوف لن تكون على غرار الحروب الاسرائيلية الخاطفة ضد العرب كما فعلت عام 1967 لتغير ميزان القوى وتعدد اشكال وانماط القتال الفعال مثلما حدث في معارك حزب الله اللبناني ضد اسرائيل بعد ان كان جيشها يوصف بالجيش الذي لايقهر , فضلا عما ينشأ من تصادم بين الطوائف والمكونات على غرار الحروب الاهلية , اما تجنب الوقوع في هذا المسلك الخطيرفيكون في حصر الازمة السورية في بيتها حين تتجنب المعارضة السورية الاعتماد على القوى الخارجية وبخاصة القوى الاجنبية ومعها الدول العربية التي وضعت نفسها كوسيط حسابي في تلك الازمة لاسيما قطر وبنفس الوقت يتوقف النظام السوري عن اسلوب العنف المفرط والاعتراف الكامل بحقوق الشعب في الحرية والعيش الكريم وفق مبادىء حقوق الانسان بعيدا عن تسيد فئة سياسية واحدة كالحزب القائد وتنفيذ مطالب الشعب الوطنية دونما تردد لان لغة الحوار هي الاجدى وسوف لن يكون هناك أي منتصر وتظل سوريا هي الخاسر الاوحد . |