What do the terrorists want from the media????
ويجب هنا الاشارة الى ان البحوث والدراسات العلمية التي اجريت في معاهد متخصصة في الغرب تؤكد ان "لا معنى للإرهاب من دون وسائل الإعلام"، ذلك لأن عرض ما تنتجه ماكنة الدعاية الإرهابية وخصوصاً ما ينشره داعش على نحو متعمد من بيانات ومقاطع فيديو بشعة تركز على الأجساد الممزقة والأشلاء المتناثرة والآليات المحترقة، يعد اسهاما مجانياً مباشراً في الحرب النفسية التي يشنها هذا التنظيم الإرهابي وتشجيعاً على ارتكاب المزيد من الجرائم بهدف التأثير في الرأي العام وارباك بعض مفاصل الحياة في البلد المستهدف.
"داعش" لا يفتقر الى منصات إعلامية تقليدية مثل الصحف الورقية ولا الى فضائيات تروج للفكر العنيف، وثمة العديد من الصحف والفضائيات العربية القومية والإسلاموية، التي تسهم بشكل مباشر أو مستتر في الدعاية لداعش عن طريق التركيز على فعالياته وابراز وتهويل انتصاراته الحقيقية والموهومة، ولكن تأثير الصحف الورقية، لم يعد كما كان في الماضي بل آخذ في التضاءل يوماً مع الانخفاض المستمر لعدد قرائها، والفضائيات ليست منصات ملائمة لتجنيد الجهاديين أوالتواصل بين أعضاء التنظيم، لذا فإن استراتيجية داعش الإعلامية قائمة على استغلال الانترنت وشبكات التواصل الأجتماعي والهواتف الذكية للوصول إلى الناس والتنسيق بين الإرهابيين، على شتى المستويات.
اولت الجماعات الإرهابية منذ فترة ليست بالقصيرة اهتماماً بتوظيف الإعلام لخدمة أغراضها وتحقيق أهدافها، ولو عدنا لتاريخ المنظمات الارهابية نلاحظ أن تلك التنظيمات وظفت الإعلام للدفاع عن أفكارهم وتبرير أفعالهم اللامشروعة.
ففي عام 1988 أنشأ زعيم القاعدة أسامة بن لادن (إدارة إعلام القاعدة) ، كجزء من الهيكل التنظيمي للتنظيم، وذلك بغرض الاحتفاء بـ"المجاهدين" في أفغانستان الذين كانوا يحاربون الاتحاد السوفيتي. غير أن الرسالة الإعلامية تحولت إلي الهجوم على إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية والمذهب الشيعي والديانات الاخرى ومنها المسيحية واليهودية.
ونلاحظ شغف التنظيمات الإرهابية بالإعلام وسعيها الدؤوب لتوثيق علاقتها بوسائل الإعلام المحلية والعالمية، وذكرا بعض الأمثلة لبعض وسائل الإعلام التى استخدمها تنظيم القاعدة، ومنها مؤسسة سحاب للإنتاج الإعلامي، والجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، وشركة الكتائب الخاصة بحركات شباب المجاهدين في الصومال والتي أنشئت عام ٢٠٠٩.
كما دشن تنظيم القاعدة موقع "النداء" على الإنترنت في أوائل عام ٢٠٠٢ ، لنشر أفكارها حول عملياتها إبان الحرب في أفغانستان والعراق لبث أفكاره وترويج مبادئه، وتوجد عشرات الآلاف من المواقع الالكترونية التابعة للجماعات الإرهابية في مختلف دول العالم، والتي تتزايد أعدادها مع التطورات التكنولوجية المتسارعة لشبكة الانترنت.
واصبحت شبكة الانترنت واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة التي نجحت التنظيمات الإرهابية في توظيفها لخدمة أغراضها الإجرامية.
وإذا كان امتلاك الجماعات والتنظيمات الإرهابية لوسائل إعلام خاصة بها يعد أمرا مشروعا في ظل صراعها مع الدول والشعوب المختلفة، فإن ما يثير الريبة هو أساليب تعامل تلك الجماعات والتنظيمات مع وسائل الإعلام غير التابعة لها.
ان بغض الأبواق الإعلامية لبعض الدول الأجنبية، التي عارضت التدخل الأميركي في العراق عام 2003 وتضررت مصالحها بعد سقوط النظام الدكتاتوري، تسهم أيضاً على نحو فعال في تهويل ما يجرى في العراق اليوم وتتحدث عن الغزو الداعشي ليس لإظهار وحشيته بل تشويه صورة الإسلام، وبذلك تسهم هذه الأبواق في تضليل الرأي العام المحلي والعالمي وهي مهتمة بمصالح الدول الناطقة باسمها، أكثر من اهتمامها بأمن واستقرار العراق وحياة ومصير شعبه.
ولا شك إن حجب حسابات الإرهابيين أو ازالة المحتوى الإلكتروني، الذي يبثونه في الفضاء الإعلامي الالكتروني، ستعرقل الى حد كبير تنفيذ أجندتهم وسيؤدى إلى حصر الآثار النفسية للعمليات الإرهابية في نطاق ضيق وتفويت الفرصة عليهم لتحقيق مخططاتهم الشريرة.
وتشير بعض البحوث الإعلامية الجديدة التي اجريت في الغرب، إن الحرب النفسية التي تشنها الزمر الإرهابية، تفقد تأثيرها، عندما لا تهتم بها وسائل الإعلام.
وفي الوقت نفسه فإن التركيز المتعمد والعرض المتكرر للمشاهد الدموية لعمليات القتل والذبح والتي تثير الرعب والأسى لأول وهلة، يعتاد عليها المشاهد تدريجياً ويفقد اهتمامه بالآم الآخرين وتعاطفه الإنساني مع الضحايا إلى حد بعيد ويركز على أمنه الشخصي وأمن عائلته ويظل نهباً للقلق والهواجس لأنه يخشى أن يتعرض لحادث إرهابي في اي مكان من المدينة التي يسكن فيها، وهذا ما يهدف إليه الإرهابيون، اي نسيان آلام الضحايا وعذاباتهم والاستهانة بالأرواح البشرية.
يتضح مما تقدم، إن العنصرالضروري لأية سياسة فعالة ضد الإرهاب والحد من مخاطره يكمن في منع استغلال وسائل الإعلام من قبل زمر الإرهاب والتزام هذه الوسائل بالموضوعية والحيادية والمعايير المهنية في تغطيتها للعمليات الإرهابية.
وهنالك من يحاول ان يسوق لمفهوم او نظرية ان المواطن يجب ان يعلم ويطلع من خلال حرية الإعلام على كل مايقوم به الارهاربيون ، لانه ربما قد يقول البعض إن منع داعش من استغلال وسائل الإعلام وتجاهل بياناته وما يبثه من مقاطع فيديو يتعارض وحرية الإعلام وان من حق المواطن الحصول على المعلومات الوافية عن الحوادث التي تقع في البلاد ولها مساس بحياته ومستقبله ولكن من جهة أخرى من حق المجتمع أيضاً أن يحمي نفسه من الآثار السلبية الخطيرة للحرب النفسية التي تستهدف أمنه واستقراره ومستقبله.
ومن المفيد إن نستذكر هنا الوعد الذي قطعه الرئيس الأميركي (فرانكلين روزفلت) لشعبه عند توليه السلطة، بضمان الحريات الأساسية ومنها التحرر من "الخوف".
ولكن عرض المشاهد المروعة للعمليات الإرهابية يتعارض تماماً مع التحرر من الخوف، ولحل هذا التناقض، لا بد من التوصل إلى توازن بين وقاية المجتمع من الخوف وبين حرية الإعلام، ذلك لأن أية سياسة فعالة لمكافحة الإرهاب والحد من مخاطره وتأثيراته النفسية البالغة تستدعي إن يكون الإعلام عوناً للمجتمع، لا سلاحاً يستخدمه الإرهابيون ضده.
يزعم بعض الإعلاميين إن المتلقي نفسه يرغب في مشاهدة صور العنف، ولكن هذا الزعم غير صحيح، لأن دراسات كثيرة أخرى أشارت إلى إن وسائل الإعلام هي التي تخلق مثل هذه الرغبات لدى الجمهور المشاهد وان الاستمرار في خلق رغبات سلبية ـ إن صح التعبير ـ يلحق الأذى بالمجتمع وان من حق المجتمع أيضاً الرفض القاطع لتحويل الرعب إلى سلعة تتاجر بها وسائل الإعلام وتجني من ورائها أرباحاً طائلة ويكفي أن نشير إلى أن شريطاً يتضمن بياناً للبغدادي أو الزرقاوي أو مشاهد للمقاتلين الملثمين وهم ينحرون او يقتلون ضحاياهم، لا يستغرق عرضه سوى بضع دقائق (والتي تحصل عليها بعض القنوات التلفزيونية بطرق مشبوهة وتحتكر ملكيتها) يباع للفضائيات الأخرى ووكالات الأنباء العالمية بسعر يتراوح بين (150-250) ألف دولار، أي إن المنفعة المادية متبادلة بين الإرهابيين والقنوات التلفزيونية، التي لا تبالي بالنتائج المترتبة على عرض مثل هذه الأشرطة. وبطبيعة الحال، فإننا لا ندعو إلى الحد من حرية الإعلام، ولكننا نرى ضرورة الألتزام بالمسؤولية الأجتماعية وتجنب كل ما يلحق الضرر بالمجتمع والأمن الوطني.
وكانت هذه الخطوة التي أقدمت عليها تلك الفضائيات بمحض إرادتها مثالاً جيدا على الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع، ذلك لأن عرض الريبورتاجات المصورة عن هذه الحوادث، خلال وبعد حدوثها مباشرة ألحق ضرراً بالغاً بالحالة النفسية لملايين الأميركيين وأدى إلى رفع معنويات الإرهابين، وبعد إدراك هذه الحقيقة المرة، قامت بعض الفضائيات الأميركية بعرض بعض اللقطات المتفرقة الثابتة غير المتحركة ومن دون صوت. وامتنعت عن عرض كل ما يلحق الضرر بأميركا والأميركيين.
ولا شك في إن وسائل الإعلام الأميركية تتمتع بمساحة واسعة من الحرية تفوق ما تتمتع به وسائل الإعلام العربية، ومع ذلك، فإن امن المجتمع الأميركي والمعايير المهنية والأخلاقية هي أكثر أهمية لديها من مصالحها الضيقة، فمتى تستيقظ ضمائر المسؤولين في الفضائيات العربية وبعض الفضائيات العراقية المشبوهة ويحترمون أخلاقيات المهنة ومشاعر المواطنين العراقيين وامن واستقرار العراق، أكثر من اهتمامهم بالإثارة والانتشار والمال.
ومن مبدأ أن اقرب صديق للإرهابي هو الصحفي استغلت الجماعات والتنظيمات الإرهابية الإعلام وادركت أهمية وخطورة وسائل الإعلام الجماهيرية وقدرتها الفائقة على التأثير في الرأي العام وتوجيهه.
وتستغل الجماعات والتنظيمات الإرهابية حاجتها إلى وسائل الإعلام للحصول على المعلومات وتحقيق السبق الإعلامي، فتصدر لها أخبارها وتحركاتها بحًثا عن الأضواء وإثارة الرعب في الشارع وإحداث حالة من الخوف والقلق الجماهيري.
وعندما تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث والعمليات الإرهابية فإنها توفر للإرهابيين فرصا ذهبية للانتشار والظهور وتقدم لهم خدمه مجانية قوية ومؤثرة.
ولقد نجحت وتفننت الجماعات والتنظيمات الإرهابية في التعامل مع وسائل الإعلام حتى في المجتمعات الغربية المعادية لها، إضافة لوسائل الإعلام في البلدان التي يمارسون نشاطهم داخل أراضيها.
وتعد "التغطية الإعلامية" لأنشطة الجماعات والتنظيمات الإرهابية بمثابة اعتراف صريح بوجودها ومشروعية ما تقوم به من إرهاب وقتل وتخريب.
كما أن ظهور القيادات الإرهابية وإجراء الحوارات الصحفية والتليفزيوينة معهم يحقق لهم الشهرة والانتشار؛ فيستمع الناس ويشاهدون هؤلاء "الإرهابيين" الذين يبذلون جهدا كبيرا في تبرير أفعالهم وتحسين صورتهم لدى الرأي العام.
والإقناع بأفكارهم التي ربما تتوافق مع كثير ممن يتابعون تلك اللقاءات والحوارات؛ فيقتنعون بما يقوله هؤلاء الإرهابيون - لا سيما أنهم كثيرا ما يوظفون الدين لتبرير أفعالهم والإقناع بأفكارهم - كما يستغلون السخط الشعبي على الحكومات في الدول النامية والفقيرة التي لم تستطع أن تحقق آمال شعوبها، وتركتهم ضحية للفقر والجهل والمرض، في حين يتمتع قادتهم وزعماؤهم بخيرات بلدانهم الفقيرة.
ففي عام ١٩٩٧ أجرت شبكة CNN الأميريكية أول حواراً مع أسامة بن لادن - برنامج «في تتبع أثر ابن لادن»، تقدّمه رئيسة مراسلي CNN الدوليين كريستيان أمانبور على مدار ساعتين. ويتعمّق البرنامج الوثائقي الفريد في حياة ابن لادن، وكيف تحوّل من طفل مميّز إلى إرهابي سيء السمعة، مع عرض آراء لمجموعة من الأفراد الذين عرفوه وتعاملوا معه في مختلف مراحل حياته؛ وهذا ما أتاح أمام بن لادن فرصة غير مسبوقة لشرح أفكاره وتبرير مواقفه ليشاهدها الملايين عبر قارات العالم المختلفة.
وكان ظهور الإرهابي أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في وسائل الإعلام العربية والعالمية أحد الأساليب الجهنمية التي حققت له حضورا ولأفكاره مزيدا من الانتشار.
كما حققت جبهة "النصرة" والتي تحولت إلى "جبهة تحرير الشام" شهرة أوسع بظهور قياداتهم على شاشات التليفزيون العربية والعالمية وعلى رأسهم زعيمهم ابو محمد الجولاني .. ولا شك أن هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية تحقق تواجدا فاعلا ومؤثرا في وسائل الإعلام وخاصة قناة الجزيرة القطرية يفوق - في كثير من الأحيان - تواجدهم الحقيقي على أرض الواقع.
ومن خلال الظهور المستمر لقيادات الإرهابيين يكتسب الإرهاب أرضية وشعبية أكبر، وتبدو الأعمال الإرهابية التي يرتكبها الإرهابيون مجرد وسائل مشروعة وردود أفعال طبيعية ومحدودة أمام ما ترتكبه ضدهم القوى والحكومات التي تربوا في كنفها.
وفي خطوة جريئة وشجاعة العراق يصدر توجيهات الجديدة تُسكِت وسائل الإعلام وقد يقول البعض ان التوجيهات الإعلامية الجديدة في العراق تتسم بالإبهام لدرجة فتح الباب واسعاً للانتهاكات. تؤدي التوجيهات إلى تقييد حرية الصحافة دون مبرر، بما في ذلك عن طريق اشتراط التغطية التي تتبنى رؤية الحكومة. أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات التي تتبع الحكومة خطوطا إرشادية "إلزامية" في 18 يونيو/حزيران 2014، لتنظيم الإعلام "أثناء الحرب على الإرهاب".
وتطالب التوجيهات المنافذ الإعلامية بتجنب نشر معلومات عن قوات المتمردين، كما تلزمها بتغطية أنباء القوات الحكومية على نحو إيجابي وحسب، فتمنع المادة الأولى وسائل الإعلام من بث أو نشر مواد "تحمل تأويلاً أو تعميماً أو طعناً بحق القوات الأمنية، أو بث معادلات صورية مسيئة لها"، وتصر بدلاً من ذلك على "التركيز على المنجزات الأمنية للقوات المسلحة، وتكرارها خلال ساعات البث اليومي"، مما يشمل "الإشادة بالأعمال البطولية التي يقوم بها منتسبو الأجهزة الأمنية".
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تبدو التوجيهات الجديدة لحكومة العراق وكأنها ترغم وسائل الإعلام على التوقف عن التغطية والتحول إلى ملحق حكومي للعلاقات العامة. إن هذه التوجيهات محاولة واضحة لمنع التغطية الانتقادية للأحداث الهامة وإسكات النقاش، بينما تخوض البلاد غمار هذه الأزمة الأمنية والسياسية الحادة".
وقد تحدث عاملون بمنافذ إعلامية عراقية مستقلة لـ هيومن رايتس ووتش عن ضغوط تشمل التهديد بسحب الترخيص، من هيئة الإعلام والاتصالات ومسؤولين حكوميين، بسبب تغطياتهم الانتقادية.
أعلن العراق حالة الطوارئ في العاشر من يونيو/حزيران، لكن بموجب القانون الدولي لا يجوز للحكومة، ولو في حالة طوارئ، أن تقيد حرية التعبير إلا بالقدر الضروري لمقتضيات الوضع. وليس لحالة طوارئ، حتى ولو كانت جدية، أن تبرر للسلطات اشتراط التغطية المحابية للحكومة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن بعض المنافذ الإعلامية العراقية معروفة بإثارة الجدل الطائفي، بما فيه التحريض على العنف، لكن هذه القيود الأخيرة تتجاوز ما يسمح به القانون الدولي في حالات الطوارئ، فتعمل دون مسوغ على حماية الحكومة والقوات الأمنية من الانتقاد والمحاسبة. كما يبدو أنها تطبق على نحو تعسفي، حيث لم تستهدف أية قنوات موالية للحكومة بعمليات الإنذار أو الإغلاق.
يمنع منعاً باتاً، بحسب المادة الخامسة، بث أية رسائل من جماعات مسلحة أو مقابلات مع أحد أعضائها، وتحذر التوجيهات الإعلاميين من "البحث عن ‘سبق‘ على حساب مصلحة البلاد وتعكير الأمن".
كما أن المادة التاسعة تلزم وسائل الإعلام بـ"بث برامج تشيع الحماس والروح القتالية ضد الإرهاب"، مما يعنى البث المنتظم لـ"الأهازيج الوطنية، وبث لقطات وصور الحشود الجماهيرية وبطولات قواتنا الأمنية".
وقد أجاز قانون السلامة الوطنية الذي أعلنه رئيس الوزراء نوري المالكي في 16 يونيو/حزيران، أجاز للحكومة تقييد وسائل الإعلام، فالمادة 8، فقرة 11 من إعلان الطوارئ تلزم جميع وسائل الإعلام بتقديم كافة موادها للمراجعة قبل النشر أو البث، رغم أن هيومن رايتس ووتش لم تستطع التحقق من مدى إنفاذ هذا الشرط.
وتسمح المادة 13 من إعلان الطوارئ للمسؤولين بمراقبة "الرسائل البريدية والبرقية وكافة وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والإلكترونية".
أما مدى قيام الحكومة بمراقبة مراسلات الصحفيين وغيرهم فهو غير معروف، لكن صحفيين عراقيين قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم اعتادوا عدم التحدث في مسائل حساسة على الهاتف أو الإنترنت.
في 26 مايو/أيار أثناء اشتباكات حكومية مع جماعات سنية مسلحة بمحافظة الأنبار، أرسل مدير هيئة الإعلام والاتصالات الدكتور صفاء الدين ربيع رسالة إلى كافة وسائل الإعلام تنطوي على تهديد لتلك المنافذ التي "تؤيد الجماعات الإرهابية عبر وسائل الإعلام بنشر عمليات تلك الجماعات". وقد حذر ربيع من "مساءلة" من يخفق في احترام هذه القواعد، لكنه لم يستفض في الشرح.
وفي 21 يونيو/حزيران أرسلت الهيئة خطاباً إلى منفذ إعلامي نشر تغطية انتقادية للحكومة ولم يشأ الكشف عن اسمه مخافة التنكيل. وورد في الخطاب: "برامجكم تهدد الأمن القومي ومن ثم وجب عليكم الحذر. إذا تكرر مثل هذه البرامج فسوف يتم سحب الترخيص".
وفي 24 يونيو/حزيران قالت الهيئة المنظمة للبث الإعلامي في مصر، الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، إنها حظرت بث قناتين تلفزيونيتين عراقيتين تبثان من القاهرة، هما البغدادية والرافدين، على النظام الفضائي المصري الرئيسي، النايلسات، بعد تلقي مسؤولين مصريين لشكاوى من بغداد بشأن ما تبثه القناتان.
قال زياد العجيلي ، المدير التنفيذي لمرصد حرية الصحافة، لـ هيومن رايتس ووتش إن الرافدين معروفة بتوجهها الموالي للسنة المتشدد ، وإنها "كانت دائماً تحرض على العنف داخل العراق". أما البغدادية فهي تبث ترير استقصائية تنتقد الحكومة في كثير من الأحيان، ولم يعرف عنها الدعوة إلى العنف، بحسب قوله. قبل أسابيع قليلة قامت الشرطة الأردنية بإغلاق قناة العباسية في عمان، التي كانت تعارض المالكي، بحسب تقرير من "صحفيون بلا حدود".
التكملة ان شاء الله في الجزء 3
|