• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق :إلى متى يتمْ إهدار الفرصْ؟ .
                          • الكاتب : عزيز علي .

العراق :إلى متى يتمْ إهدار الفرصْ؟

كثيرة هي الفرص التي أهدرها رواد العملية السياسية  في العراق ، حكومة وبرلمان وفرقاء سياسيين ، منذ لحظة سقوط النظام السابق وحتى اليوم ولعل الأهم فيها بالإطلاق هو التدبير السيئ لعلاقة العراق الجديد مع أمريكا الدولة الأقوى في العالم ، وبغض النظر عن الموقف من توصيف الوجود الأمريكي بين احتلال أو تحرير فالأكيد إن هذا الوجود متحقق وبشكل قوي جدا وسيبقى إلى مدى غير منظور لاعتبارات تتعلق ببرامج إستراتيجية جيوسياسية كبرى ، وتلك الحقيقة الأكبر التي لن تلغيها تصورات هنا أو أراء هناك ، وهذا موضوع أخر ليس هدف هذه المقالة .
 
على مدى أكثر من ثمان سنوات ، لم تفلح العملية السياسية في إفراز نخبة سياسية تُحسن إدارة حوار حقيقي مع الفاعل الأمريكي – محتلا كان أو محررا -  نخبة تستخدم  وسائل حديثة وفعّالة في تنشيط حوار من هذا النوع ، منها – مثالا لا حصرا - اعتماد خبرات دولية متراكمة لدى العديد من مراكز بحوث متخصصة وخبراء مهتمون بصناعة القرار الأمريكي واليات التأثير فيه ، لو فعلنا ذلك وأشياء كثيرة أخرى في ذات الاتجاه لتجنبنا في الأدنى إهدار فرصا كثيرة  أخرى ، ولفعّلنا الجانب الايجابي المعطل – عمداً أو سهواً - لدى هذه القوة الدولية الجبارة  وهو جانب إعادة بناء مؤسسات الدولة  و تأهيل البنى التحتية لجميع نواحي حياة المجتمع العراقي اقتصاديا وخدماتيا وسياسيا خصوصا في سعينا لإعادة ترتيب علاقاتنا دوليا  وهي الفرصة التي تُتاح أمامنا  – بالأصح أمامهم أصحاب القرار في بغداد -  اليوم وفي جانبها الإقليمي والعربي تحديدا  :
 
تستعد بغداد وباهتمام بالغ لاستضافة القمة العربية التي من المتوقع أن تُعقد الشهر القادم ، لكن ثمة أسباب تدعونا  إلى اعتبار هذا الاهتمام ينشغل كثيرا بالشكل دون المضمون ، فالحكومة استجابت بشكل لافت لجميع شروط انعقاد هذا التجمع العربي التي وضعها المتوقع حضورهم وخصوصا الخليجيون ومنها الامتناع عن دعوة الرئيس السوري  ، وبدا واضحا إن الحكومة يكفيها انعقاد المؤتمر بغض النظر عن النتائج وتعتبر الانعقاد لوحده يمثلا انجازا كبيرا لها باعتبار إن بغداد لدواعي مختلفة – أمنية بالأساس -  لم تستطع استضافة أي تجمع عربي أو إقليمي أو دولي منذ 2003 ، وهو بهذا المعنى يعتبر انجازا  لكن هل هذا يكفي العراق ؟
من المؤكد إن أسوء الملفات تدبيرا من الحكومات المتعاقبة في بغداد ، هو ملف السياسة الخارجية
فالعراق لم يُنجز شيئا ذا قيمة نوعية في سياسته الخارجية سيما وان النظام السابق ترك لنا إرثا ثقيلا في علاقات خارجية سيئة مع الجميع  والسيد زيباري  في عرضه الذي الذي قدمه في جلسة الاستماع الشهيرة للمائة يوم التي وُعِدَ بها العراقيون وكأنها أيام الخلاص الأخروي ؟ ، اعتبر فتح سفارات عراقية جديدة ( 78 سفارة ) وبعض الإجراءات الإدارية كأنه فتح كبير لوزارته وتكلم عن " انجازات " أخرى غير ذا أهمية .
لكن السيد زيباري لم يذكر لنا لماذا مازالت علاقاتنا سيئة بكثير من الدول ودول الجوار خصوصا ، وشاهد العلاقات المتردية مع الكويت والسعودية وتركيا وحتى إيران مافتئ يتأكد  في كل مرة.
 المشهد السياسي الإقليمي والعربي يشوبه اليوم كثيرا من الاضطراب  والقلق المشروع الناجم عن عديد من المتغيرات المتزايدة  في السرعة والتحول ، بدأت بلحظة التغيير التونسي المثيرة وامتدت لتشمل مصر ولبيبا واليمن وسوريا اليوم وغدا الآخرين دونما شك ، إنها أشبه برياح العواصف الضاربة التي لن تنتظر إذنا للدخول حتى من شقوق الأبواب والنوافذ . كما إن التصعيد للازمة الإيرانية – الأمريكية يُشيع أجواءا مفتوحة على كل الخيارات السيئة ، لذا فأن الجميع مهيأ اليوم أكثر من أي وقت مضى للاستماع إلى الجميع في كل شيء ، حينما تعيش قلقا يطال وجودك فأنك مستعد أن تستمع حتى للعرافات  وللخرافة .
كل هذه الأجواء الاستثنائية غير المسبوقة تفتح فرصا استثنائية غير مسبوقة أيضا وعريضة  أمام العراقيين لتطبيع علاقاتهم مع الآخرين  إنهم – الآخرون -  يحتاجون العراق  هذه المرة بأكثر مما يحتاجهم ، فالعراق لن يخشى تحولات عاصفة كالتي حدثت في أكثر من دولة بسبب انه وسط  ذات العاصفة منذ 2003 وما يزال.
للأسف يبدو إننا سنهدر هذه الفرصة أيضا إذ لم تتحرك الدبلوماسية العراقية بمستوى هذا التقييم للحظة الحرجة وكما تخلفت عن موعدها في بناء علاقات متميزة مع الأنظمة الجديدة التي نشأت في المنطقة كما فعلت تركيا ، تتخلف اليوم كذلك عن استثمار كل مايحدث عربيا وإقليميا باتجاه إعادة بناء سياسة خارجية فاعلة مع دول الجوار خصوصا .
ولم نجد سببا مفهوما لإحجام السيد المالكي على المبادرة في زيارة دول الجوار كافة وتفعيل  التطبيع للعلاقات معهم سيما إن مناسبة انعقاد القمة في بغداد تعطيه مجالا مثاليا للحركة.
الأكيد إن غياب تصورات  وأفكار إستراتيجية عن البرامج الحكومية منذ 2003 ومنها السياسة الخارجية هو المسئول الأكيد عن حالات التخبط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي يعيشه العراق كل هذه السنوات التي مازالت عجافا .
رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي الشاب والمؤطر سياسيا وأكاديميا في جانب العلاقات الدولية يقود الدبلوماسية التونسية اليوم  بمعية الرئيس المرزوقي بمستوى متميز من الفاعلية والحركية والانجاز الملفت للنظر وبزمن قياسي بكل المعايير ، وقبله يقود السيد اوغلو السياسي والأكاديمي الاستراتيجي البارز الدبلوماسية التركية  بشكل باهر من الفاعلية والحركية والانجاز .
هكذا هي الحقائق عصية دائما على التأويل اللا منطقي والتبريري الذي يتقنه فقط سياسيونا في المنطقة الخضراء.
ترى هل ثمة أمل أن نُدرك ركاب القافلة ولو متأخرين ؟ حتى ألان لاشيء يشي بذلك حتى يثبت العكس.

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : المهندس رافد الجنابي ، في 2012/02/23 .

الاستاذ الفاضل عزيز علي
ان من اولويات تقوية الحكومة هي العلاقات الخارجية بينها وبين دول العالم وان الحكومات القوية هي التي تمتلك وزير خارجية قادر على احتواء الازمات قبل نشوبها. وعلى مايبدوا ان الحكومة العراقية مكتفية بعلاقاتها بدول محددوه لسببا ما.
سيدي الفاضل انت وكما تعودناه منك على انك تصيب كبد الحقيقة وتقلب صفحات ما مسها غير انامل فكرك الرقيق لتصف لنا حالة العلاقات القراقية واهمية مؤيمر القمة واثرت بهذا المقال الرائع نقاط قد تغفل على الكثير من سياسي العراق او الحكومة العراقية املين ان يتامل السياسي بالنقاط المهمة التي اثرتها
وفي الختام اقول لكاتبنا الجليل ها انت تضع زهرة اخرى في بستان الاعلام الهادف .

رافد الجنابي



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14351
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13