• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حياتي في البيت .
                          • الكاتب : د . عبد الجبار الرفاعي .

حياتي في البيت

 استفقنا وكل المجتمعات البشرية فجأةً على أن الكلَّ في سفينة كونية واحدة، إن غرقت نغرق معًا، وإن نجت ننجو معًا. التفكيرُّ الإيجابي ضرورةٌ للاستمرار في إنتاج معنى لحياتنا، يتمكن صاحبُ هذا التفكير من تحويل تحدي كورونا إلى فرصة، تمكّنه من تبديلِ نمط حياته، والتكيفِ على العيش بطريقة أخرى يتواصل فيها عطاؤه، ولا يكفُّ فيها تفكيرُه عن ابتكار طريقة أمثل للعيش الذي يتواءم وطبيعةَ شخصيته وبنيته السيكولوجية.

انغمست في سبعينيات القرن الماضي في عمل سياسي، أغرقني في ادارة 24 اجتماعًا وندوةً اسبوعيًا، ولفرط انهاكي الجسدي والنفسي والروحي استفقت فجأة، وجدت كل من حولي؛ لكني لم أجد نفسي، لذلك قررت الرحيل عن ذلك العالَم الذي لا يشبهني ولا أشبهه إلى الأبد... لم أشعر بالعزلة أو الغياب عن الحياة، لأني غائبٌ منذ أكثر من 40 سنة في بيتي، الذي هو كان ومازال: مكتبَ عملي، ومكتبتي، ومنبعَ راحتي وسكينتي وطمأنينتي... لا أجد نفسي في المنتديات الاجتماعية والثقافية، عندما تصلني دعوةٌ لحضور مناسبة أشعر كأني محاصرٌ في داخلي، لأني أشعر بصراع حاد، بين تلبيةِ طلب الصديق الذي دعاني، والنفورِ من الحضور... وأحيانًا عندما أرضخ لرغبة الأحبة فأحضر مناسباتهم، أختنق لحظةَ الحضور، وأشعر بغربة، لذلك تجدني أتهرب على الدوام من الاستجابة للدعوات... لا أجد نفسي إلا بين عائلتي وأبنائي وتلامذتي وكلِّ الأبناء من الجيل الجديد الذي أرى في ضوء عينيه الصورةَ الأجمل للعالَم... منذ شهر تقريبًا لم أخرج من المنزل الا مرتين، عشت في صمت المنزل بين الكتب، وانشغلت بمطالعات وكتابات تأخرت عن موعدها... يمكننا أن نجعل من الصمت منبعًا للتأمل والتفكير بهدوء، وللشعور بالسلام الداخلي والطمأنينة والسكينة، التي غالبًا ما نفتقر لما نحتاجه منها في مخاضات الحياة اليومية وضجيجها بين الناس.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143200
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15