• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شخصيات كارتونيه .
                          • الكاتب : جاسم جمعة الكعبي .

شخصيات كارتونيه

غدا امسي قريبا بعد ان تجمدت صورة الواقع التي لم تنجب صورا وشخصيات تنافس الماضي القريب. فظل السندباد متصدرا قائمة المغامرين وعلي بابا ذلك اللص الظريف صديق الفقراء وعلاء الدين الذي صادق الجن وملكهم شابا وآثر الحكمة شيخا كما تطفو على سطح ذاكرة الرجولة شخصية شاه بندر التجار بفراسته المعهودة وأبنته الجميلة المدللة وماله الوفير ولا يفوتني ذكر البهلول وقضائه العادل ولطافة حكمه وذلك المسكين جحا الذي تحمل أخطاء الجميع و الكثير من الصور التي رسمها الذهن المهزوم او شكلها الواقع الضبابي نتيجة تعادل القوى التي تفرز حروب وحصار و كوارث وشخصيات كارتونية سرعان ما تختفي مع طلوع الشمس.

أن من اخطر ما يمر على الشعوب انقلاب المفاهيم .فقد غادره الفرد امس ذكرياته بعد ان شوهها الواقع من خلال تطابق النماذج بين الماضي والحاضر فأن جيمس بوند لم يختلف كثيرا عن السندباد ولا العميل 007 ذلك الذي لا يموت ويخرج في أي بلد بإمكانيات هائلة ليكن بين ليلة وضحاها صديق الملك والمقرب من السذج ليخرج منتصرا بعد ان يسلم موارد البلاد والعباد الى عبدة الطاغوت ولا يختلف علي بابا عن صاحبه روبن هود والطيور على أشكالها تقع فما أنفك علي بابا عن اختراق القوانين وقطع الطرق وسرقة اموال معارضيه ليطعم فقراء الناس وصعاليك القوم ليخلط الحابل بالنابل دون ان يضع حدود وشروط لأي عمل يقوم به حتى يصبح مطلق اليد والذي طالما اخاف الفقراء بقصص وخرافات تبني مفهوم صورة الفرد المنقذ في شخصه الوحيد. وفي مقام أخر لمن نحته الظروف بعد ان اسرف و خاض في مقدرات الشعوب ليكن بعد ذلك المستشار والامين المخلص للمغامرين والسراق لما يمتلكه من خبرة في ادارة شؤون الناس ذلك الشخص هو علاء الدين الذي أضطهد الحاكم وأزاحه عن ملكه بالترهيب والترغيب والسحر والشعوذة حتى زوجه ابنته وألبسه تاجه .

الغاية مما ذكرت انفا ان تلك الشخصيات هي مؤشرات يجب ملاحظتها لئن نشوئها في المجتمع يدل على انهيار المنظومة الحاكمة او زيادة الصراع بين افراد الحكم الواحد نتيجة الضغوط الإقليمية وتزايد التحديات التي من شأنها تمزيق القرار كما انها نذير شؤم عن تفشي الامراض الا أخلاقية لتسقط كل الأنظمة الداخلية مثل الصحة والتعليم والقضاء.

ومن اجل وقاية المجتمع عند انقلاب المفاهيم و تزايد التحديات يجب ان نضع كل شيء في موضعه الحقيقي وبالتحديد في النقاط الحرجة والانقلاب ولا يمكن ذلك دون تصنيف الاشياء وتبويبها فيأتي الوصف اولا والوظيفة بمهامها ثانيا وتميز بين الاعمال و مقدماتها فمثلا اختفى من مفردات الناس الكلامية والتي تؤثر على منطق أدراكهم للمواقف وهي تعتبر مقدمات (الحيف. المراء. الريب. المعرة....الخ..) على سبيل المثال للحصر وهذه مؤشرات ايضا تبين مدى تزاحم الاشياء في ذهن شعوب المرحله الراهنة مما ينتج عنه عدم إدراكها للواقع وتبدد أحلامها مع تلك الشخصيات الكارتونية مما الجأها الى الوقوف على التل اسلم كما سوف يلوذوا الاغلب بالقول المشهور (سوء الظن من حسن الفطن) حفاظا على ما تبقى ونتيجة نكون في أرض يباب و عصر سباب. فالحيف بداية الظلم والريب بداية الشك والمراء بداية التخبط الذي يقعنا في الخطأ والمعرة مقدمة لبناء الحاجز للعمل بلا احتياط وكثيرة هي الامثال التي جعلت الاعمال بلا مقدمات التي من شئنها الحفاظ مسافه ثابته بين الاشياء وبالتالي امكانية اصلاح الامر قبل عطبه. لكن كيف يكون حال الاغلب في موسم جني الثمار الذي يصيب الكثير بالهلع و التفكير بالارباح يفقدهم صبرهم فيخرج الأغلب عن مساره وبسب فقدان تلك المفردات في اجواء ضبابيه تنشأ الشخصيات الكارتونية فيصبح الإخلاص شهيد الجهل وان كانت النوايا طيبه  . فأن التأني مع ظهور البرهان وامتلاك الدليل و أسبابه الواضحة الجلية ليس موجب لإصدار الحكم حتى نستكمل الخطوات المحددة للحكم من سماع ومشاهده وبيان ولا نستنطق الحكم استدراجا من خلال أدخال حيثية غير موجبة قد تقدح في عدالة الحاكم كما حدث مع نبي الله داود عليه السلام فأسرع عند ظهور الأمر جليا وادخل أمرا غير موجب ولم يسمع الطرف الآخر فعاتبه الله على ذلك ومن أحسن من داود الاواب سلام الله عليه .وبعكس ذلك فأن سليمان كان شديد الحفاظ على إطلاق الحكم رغم الأدلة والبراهين التي قدمها الهدهد ليس لعدم صدق الهدهد ولكن القضيه أصبحت لا تخص فرد بل قضية مصيريه فقال فننظر اصدقت ام كنت من الكاذبين. فمهمة العدل وضع الشيء في موضعه والفصل بين الاعمال ومقدماتها فكما قالت( الزهراء سلام الله عليها العدل تنسيقا للقلوب). وبذلك نبعد التزاحم وتطمئن  النفوس . وهذه الحالة ممكن ان ننتفع من انعكاساتها على الكثير من المفاصل بتسليط الضوء على مناطق الجهل في زوايا العقل المظلمة قبل زوايا الواقع. وهذا يحول دون نشوء هذه الشخصيات الكارتونية......




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142479
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14