في بداية دوران العملية السياسية في العام ٢٠٠٣ ،كان بريمر يتحكم في كل شيء وأنشأ مجلساً للحكم الذي تكون بالمحاصصة من ٢٥ عضو هم رؤساء الكتل ،تتم رئاسته بينهم التناوب لمدة شهر واحد لكل عضو ،وهو أول تأسيس رسمي للمحاصصة بمقاسات (قومية وحزبية ودينية )،فتكتلت تلك المكونات بشكل سريع في مراحل مؤقتة عدة كالجمعية الوطنية الانتقالية والمجلس الوطني المؤقت..ثم ما لبثت تلك المكونات ان ذاقت حلاوة السلطة والنفوذ فبدأ تشظيها دون الاخلال بالمحاصصة وركائز بنائها الذي يعود في الأصل الى مؤتمرات المعارضة منذ العام ١٩٩٢ ..
وفي عام ٢٠٠٦ أعادت المكونات السياسية للتكتل سنيا وشيعيا وكرديا..مصحوبة باهتزازات داخلية ظهرت على شكل تعددية مفرطة في عدد الكيانات السياسية ،وألبُست المحاصصة ثوبا جديدا بإطار حزبي لم يخرج عن المحاصصة، فوزعت السلطة بين ثالوث الحكم أيضا.واستمر الحال على هذا المنوال رغم تحذيرات مؤكدة من وصول العملية الى فشل حتمي ان لم يتم الاستغناء عن نظرية (تقاسم الكعكة)، والمفارقة أن الكتل في تلك المدة استجابت ورفعت شعار (التكنوقراط)الا انها سرعات ما اماطت اللثام عن كذبة تم تسويقها فهي (محاصصة تكنوقراطية) .
واليوم وبعد أربعة جولات انتخابية لمجلس النواب أثبتت المحاصصة بكافة انماطها وأشكالها وعناوينها بأنها أفضل بيئة لولادة الفشل ونمو الفساد ..بل هي التي دفعت باتجاه تآكل الدولة وانهيارها المتوقع ان لم يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
نسمع بين الحين والآخر بان السيد المكلف (مع التحفظ على طريقة تكليفه) يسعى الى تشكيل حكومة من المستقلين ..لكن بشرط عدم الخروج عن المحاصصة..لنكون اليوم أمام(محاصصة مستقلة) لا يتم فيها اختيار الأكفأ لانه افضل ،بل لأنه ينتمي الى فلاتر ثلاث يجب ان يمر من خلالها ليتم استيزاره:-
حصة مكون -->حصة --> حصة حزب ..
ولا مجال للحديث عندئذ عن (مستقل) لان اساس الاختيار لم يخرج عن معيار المحاصصة.
|