حسبي أتوجّه إليكَ سيّدي، أنا الذي التقيتُكَ يومًا في بيتكَ على غير موعد. لأتعرّفَ بكَ صديقًا لدوحةٍ عاشت في ذاكرتي الدفينة، توقيعُها أبي! "أنتَ ابْنُ يونس فغالي، المدير في الجمارك... هذا الصديق الوفيّ والإنسانُ الكبير...؟!! تعالَ بُنيّ، أنتَ في بيتكَ!!
أكتبُ إليكَ ، وأنتَ الْيَوْم في عليائكَ، تتشكَل وجهًا حبيبًا من عالم أبي، قال لي فيكَ: أنطوان كرم، جامعُ الأحبّة! في تلك المرحلة، كنتُ أعدّ "كتاب أبي"، فهلّلتَ مرحّبًا بتدوين شهادةٍ يحتضنها الكتابُ على الزمن...
إن كان يومٌ جمعتَ فيه أقطابَ إدارةٍ، يتّخذون في مجلسِكَ قراراتٍ مصيريّة، فلأنتَ مخزنُ ثقتهم الأمين، لجأوا إليكَ محبّين، يودِعون إنسانيّتَكَ خوالجَ مهَنيّتهم... وأنتَ، تدفق عليهم، على كلّ واحدٍ منهم، ما يحتاج من جوٍّ يروق له، وحضورٍ يضمنُ له أمانًا وراحة.
في ذلك اليوم الذي أهداني إليك، انكشفتَ لي جامعَ العائلة الكبيرة التي لكَ، وأبناء غبالة الذين يجدون أنفسَهم عندكَ كما في بيتهم، وأنتَ تستقبلُ حاضرًا لكلّ حاضر، كي يكون حضورُه لائقًا. وفي حضرة أبي والرفاق، اسمُكَ حبيبٌ رغم البُعدِ والفراق. لكنّ القلبَ دليلٌ يسأل ويُرسل إشعاعاتِ اهتمامات، كم آلمها نبأُ ارتحالكَ، على أجنحةٍ غافلة...
رحتَ إلى الله، تلتقي في حضرته أحبّةً من عائلة وأصدقاء، تنعمون بمواعيدَ أرسيتم لها أسُسًا كُنتَ فيها مثالاً، تبثّها علينا بركاتٍ من علُ، وتمطرُ على الرفاق هنا زخّ رضىً وكلّ محبّة...!!
|