• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أو فليرحلُوا إِذا عجزُوا .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أو فليرحلُوا إِذا عجزُوا

   *أَدناه نص الحوار الذي أَجراه الزَّميل مدحت بدران الصَّحفي في صحيفة [بلدنا اليوم] المصريَّة عن التَّظاهرات التي يشهدها العراق، الدَّوافع والأَهداف.
   ١/ العراق شهد الآلاف مثل التَّظاهرات الحاليَّة التي تخرج في العاصمة بغداد وعدد من المُحافظات الوسطى والجنوبيَّة، لكنَّ الذي ميَّزها هذه المرَّة ثلاثة أُمور؛
   *إِتِّساعها
   *العنف والتَّخريب الذي صاحبها
   *الإِستخدام المفرط للقوَّة القاتلة
   ولذلك كان عدد القتلى والمُصابين بالمئات، بينهم عدد من عناصر القوات الأَمنيَّة.
   ٢/ وكلُّ هذا النَّوع من التَّظاهرات تبدأ بالأَساس مطلبيَّة بسبب شعور المواطن بالظُّلم والغُبن الذي لحق بهِ جرَّاء فساد وفشل الطبقة السياسيَّة الحاكِمة المشغولة بصراعاتِها الفئويَّة للحصول على المزيد من السُّلطة والنُّفوذ والمكاسب، تاركةً المواطن يئنُّ تحت آلام الفقر والعوز والبطالة وسوء الخدمات وغَياب أَبسط أَسباب ومقوِّمات الحياة الحُرَّة الكريمة.
   ٣/ ولذلك لا يمكنُ أَبداً أَن نُطلق عليها صفة [ربيع جديد] لأَنَّها لا تُريد تغيير النِّظام السِّياسي بقدر دعوتها للتَّشديد في مكافحة الفساد وخلق المزيد من فُرص العمل وتحسين الخدمات وغير ذلك.
   ٤/ التَّوقيت حالة طبيعيَّة، فمتى ما انتفض الشَّارع سأَل سائلٌ؛ لماذا الآن؟!.
   وكما قلتُ فإِنَّ التَّظاهرات تعمُّ في كلِّ مرةٍ مناطق معيَّنة من البلاد، وهي لو نُدقِّق فيها، للاحظنا بأَنَّها مُستمرَّة ولَم تنقطع، لكنَّها تتَّسع وتتقلَّص حسب الظُّروف الأَمنيَّة تارةً وحسب قُدرة الشَّارع على الثَّبات والاستمرار والصُّمود.
   وكلُّنا نتذكَّر فإِنَّ الخطاب المرجعي لفت الإِنتباه أَكثر من مرَّة، وهو يحرِّض مؤَسَّسات الدَّولة على وجوب وضرورة تحقيق مطالب المُتظاهرين، إِلى أَنَّ الشَّارع قد يهدأ ولكنَّهُ سيعود بشَكلٍ أَشد وأَوسع.
   وبالفعل فهذا ما حصل الْيَوْم.
   ٥/ وإِذا نجحت الحكومة في قمعِ الشَّارع هَذِهِ المرَّة كذلك كما حصل في المرَّات السَّابقة، من دونِ أَن تُغيِّر من سياساتِها العامَّة لإِنجازِ ما تظاهر الشَّارع من أَجلهِ وهو الإِصلاح لتحقيقِ العدالةِ الإِجتماعيَّة، فهذا لا يعني أَنَّهُ نهاية المطاف، أَبَداً، إِذ ستتبعهُ جولات وجولات إِلى أَن يحقِّق الشَّارع مطلبهُ الأَساس وهو بذل مؤَسَّسات الدَّولة كل ما بوسعها لخلقِ فُرص ومقوِّمات وأَسباب الحياة الحُرَّة الكريمة للمواطن في إِطار الدُّستور والقانون بعيداً عن الفساد والمُحاصصة.
   أَو فليرحلوا إِذا عجزوا.
   ٦/ هذه التَّظاهرات لا علاقةَ لها بمشاريع التَّقسيم لا من قريبٍ ولا من بعيد، فالعراق الذي فشل الإِرهاب في تقسيمهِ على الرَّغمِ من خطورة مشاريعهِ التدميريَّة وقساوة أَدواتهِ، فكيف يمكن لمثل هذه التَّظاهرات أَن تقسِّم العراق؟!.
   والتَّقسيمُ أَساساً غير وارد في أَجندات المُتظاهرين.
   ٧/ التَّظاهرات شعبيَّة بلا نقاش، لم تحرِّكها أَياد خفيَّة أَو جهات مجهولة أَو ما اإِى ذلك من العناوين والأَسماء والمُسمَّيات.
   الذي يحرِّك الشَّارع هو الدُّستور الذي ضمِن للمُواطن حقَّ التَّظاهر والإِعتصام والتجمُّع للمُطالبة بالحقوق المسلوبة والمسحوقة.
   وما بعدَ التحرُّك، نعم هناك جهات داخليَّة وخارجيَّة تسعى لإِستغلال الفوضى مثلاً وسوء تعامل الدَّولة مع الشَّارع المُنتفض لأَجنداتها الخاصَّة، وهو أَمرٌ يحصل في كلِّ بلدان العالم الثَّالث التي تشهد حراكاً شعبياً من نوعٍ ما.
   ٨/ أَما حوادث التَّخريب والإِعتداء على الأَملاك الخاصَّة والعامَّة، فهي لحدِّ الآن مجهولة السَّبب والمصدر، فقد تكون وراءها ميليشيات أَحزاب السُّلطة لتشويهِ سُمعة وصورة الحراك وللطَّعن بمصداقيَّتهِ.
   هذا الكلام لا أَقولهُ رجماً بالغيب، فلقد شهدت تظاهرات سابقة مُماثلة وقعت قبل عامَين في مُحافظة السُّليمانيَّة، حالات تخريب طالت مقرَّات الحزبَين الحاكمَين في الإِقليم تبيَّن فيما بعد أَنَّها من عمل الحزبَين لتصفيةِ حساباتهما مع بعض ولإِيجاد الذَّريعة لاستخدام الرَّصاص الحي ضدَّ المُتظاهرين السلميِّين، وبالفعل فقد أَسفر إِستخدام السُّلطات المحليَّة للقوَّة ضدَّ المُتظاهرين عن سقوط العشرات من الضَّحايا خلال يومَين فقط.
   فضلاً عن أَنَّ المُتظاهرين ليسوا ملائكة لننتظر منهم أَن يتعاملوا بطريقةٍ حضاريَّةٍ وملائكيَّةٍ وهم في حالةِ غضبٍ وفَوَران وعصبيَّة.
   ٩/ كل التَّظاهرات في كلِّ العالم، بما فِيهِ الدُّول الديمقراطيَّة كفرنسا مثلاً، تشهد مِثْلَ هذه الحالات التخريبيَّة، وكلُّنا تابعنا عمليات التَّخريب التي تعرَّض لَهُ شارع الشانزيليزيه في باريس العام الماضي على يد تظاهُرات ما أُطلق عليهم بأَصحاب السِّتر الصَّفراء.
   طبعاً، هذا لا يبرِّر عمليَّات التَّخريب التي تُصاحب أَية تظاهرات ولكنَّ الذي أُريدُ قولهُ هو أَنَّ ذلك طبيعة الأَشياء.
   كما أَنَّ من طبيعة الأَشياء هو ما يتعرَّض لهُ المتظاهرون دائماً وأَبداً، للطَّعن والتَّشويه من قِبل أَبواق السُّلطة من خلالِ التَّعريض بهويَّتهم وولائِهم ووصفهِم بالمتآمرين تارةً والخوَنة أُخرى والمأجورين تارةً ثالثةً وهكذا.
   فعل هذا نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين ضدَّ العراقيِّين كلَّما تظاهرُوا وانتفضُوا، وتفعلهُ الْيَوْم سُلطة الأَحزاب الفاسِدة والفاشِلة وأَبواقها وذيولها.
   ٥ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=138523
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 10 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29