المشهد الصحفي الراهن ، هو مشهد يسير وفق آليات يرتفع من خلالها نحو آفاق الإبداع عامة . ويتداخل المشهد مع بعضه من اجل الحفاظ على هويته دون إشكالية التنوع الفسفسائي الموجود في العراق ، وبذا هو نتاج فكري الكل يشارك بصنعه وهذا ما كان عبر التاريخ .. فكان لا بد من مشاركة الجميع بنمو وتطور الإبداع الإعلامي العراقي الخالد والذي ظل عنوانا لتاريخ صحفي طويل . وفي مجالات الإعلام المتنوعة نجد أن الصحافة العراقية أخذت مديات ابعد من كونها صحافة تواصل لأنها امتداد تاريخي لأصول متجذرة في عمق التاريخ العراقي . بل تعدى ذلك إلى اعتبار الصحافة العراقية صحافة متطورة ومتحضرة لأنها تعتمد على الإنسان ومعاناته وآلامه وقدرته على التغيير والتطلع نحو الغد .. هذه الصحافة تظل بحاجة إلى كل الأقلام المبدعة دون النظر إلى جنس الكاتب أو انتمائه . ومطلوب مشاركة أوسع للمرأة العراقية في صناعة المشهد الصحفي الملتزم والتي سبق وان صنعت فيه تاريخا إبداعيا متميزا من خلال أسماء نسائية شاركت في صناعة المشهد والإبداع فيه .. وكلنا يتذكر أسماء كان لها تأثرها في واقع الصحافة العراقية , وقد كانت الأسماء النسائية الصحفية تؤرخ لمراحل متعددة من الكتابة ، فهن كتبن منذ مطلع الخمسينيات وحتى طلوع الألفية الثالثة ، بإبداع تميزن به على اقرأنهن في البلاد الأخرى . وما مشاركتهن في المشهد إلا دليل وعي وإدراك لحقيقة التأثير المباشر على واقع الصحافة العراقية في كل الأزمنة.
وإذ نستذكر اليوم المشهد النسوي العراقي ، فإننا نريد إضافة كل المنجز الذي صنع من قبلهن أن يذكر ضمن تاريخ الإعلام العراقي باعتبار إنهن عانين وقهرن وتألمن واستشهدن وتعوقن كما هو حال كل العراقيين الآخرين .
إن نقابة الصحفيين العراقيين ووزارة الثقافة واتحاد الأدباء والمنظمات النسوية ، كفيلة بان ترعى المواهب الجديدة في الإعلام النسوي وتكون بمستوى الأهمية التي تشكلها القفزة الصحفية النسائية في العراق . كالاحتفاء بصدور مجموعة مقالات أو أعمدة أو مجموعة شعرية أو قصصية أو الاحتفاء بحصول إحدى الأديبات على جائزة ما في مسابقة أدبية أو الاحتفاء بالمنجز النسوي الشعري أو القصصي أو الروائي على مدار تاريخ أول الكتابة النسوية في العراق وحتى ألان . ويسهم هذا في تشجيع الكثير من المواهب الجديدة في الظهور وإعطاءهن الدعم اللازم في هذا الاتجاه. ولتكن كل الصحفيات تحت أنظار نقابة الصحفيين العراقيين لكي نخلق قاعدة متينة لصناعة الإبداع الصحفي والإعلامي الذي يحتاج لقليل من التشجيع ليس إلا . إضافة إلى تخصيص بعض المؤتمرات أو الندوات عن بعض الأسماء النسائية في الخبر والتحرير والتقديم والإعداد من المواهب الجديدة وتخصيص زاوية للدراسات النقدية لما ينشر عنهن . ويعمل هذا الإجراء على ظهور أسماء كثيرة يمكن لها أن تبلور أسلوبها الكتابي بعد نشر نتاجهن أمام الملأ.. وبهذا سيتحقق نموا تصاعديا في تسجيل الأقلام الجديدة والتي كانت مخبوءة تحت ركام التقاليد واحتكار الصنعة الإعلامية لبعض الصحف التي لا تتعامل مع الأقلام الجديدة خوفا على مطبوعها من الضعف ولا تدري هذه الصحف بأنها ترتكب خطا فادحا بحرمان الأقلام الواعدة من فرصة النشر وإظهار المبدعات إلى الناس . وقد سجلت الصحافة العراقية تأشير عدد كبير من الأقلام النسائية في العقدين الماضيين وصرنا نقرأ لكل الأسماء الصحفية والشعرية والقصصية باستمرار حتى تألقت تلك الأسماء وكتبت عن بعضها الدراسات النقدية والبحثية وأشرت تجاربها الصحافة المحلية والعربية ، بل حتى اشتركن في تجارب قصصية وشعرية في خارج العراق واستقطبن جمهورا ونقادا ناهيك عن الإصدارات الكثيرة والمتعددة من شعر ورواية وقصة ودراسات نقدية سجلت حضورا في الساحة الثقافية والأدبية والصحافة العراقية .. نأمل لكل جهد صحفي جديد أن يرى النور طالما انه يصب في صالح الفضاء الإعلامي العراقي عامة .. ولا يفوتني أن اشكر نقيب الصحفيين الأستاذ مؤيد اللامي على مبادرة ( تكريم الصحفيات العراقيات المتميزات للعام 2011 ) واشكر كل النماذج الوطنية التي عبرت بصدق وموضوعية عن مواقفها المساندة والداعمة للصحفية العراقية .. وأخيرا مبروك لنقابة الصحفيين ورائدها مؤيد اللامي و لكل المكرمات , ومبروك للصحفية سناء النقاش عضو مجلس نقابة الصحفيين والتي بذلت جهدا متميزا في هذه الاحتفالية , والشكر والتقدير للدكتور صابر العيساوي على تعاونة ودعمه المطلق للصحفيين , والشكر موصول للأستاذين الفاضلين حكيم عبد الزهرة وأمير الحسون .
وأخيرا .. إني اعرف واعلم أن الأسماء المكرمة قد تم اختيارها من قبل المؤسسات الإعلامية والصحفية , وان نقابة الصحفيين العراقيين لم ترشح أحدا بهذا التكريم المتميز, لكن أتمنى من نقابة الصحفيين العراقيين ومدراء القنوات الفضائية ورؤساء تحرير الصحف والمجلات وغيرها أن يشمل تكريمهم المستقبلي بعض الصحفيات والإعلاميات الرائدات المتميزات , وتجنبا للإحراج أمتنع عن ذكر الأسماء النسوية اللامعة في الصحافة والإعلام واللاتي قدمن الكثير الكثير في هذا المجال . ولنحسن الظن لأن يبدو سقطت أسمائهن سهوا أو نسيانا من قوائم المكرمات في احتفالية الزوراء .
* مدير مركز الإعلام الحر
majidalkabi@yahoo.co.uk |