• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بيعة الغدير . (لا دين بلا ولاية).  .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

بيعة الغدير . (لا دين بلا ولاية). 

 في كل الديانات ينقسم الناس اربعة اقسام (مسلم ، مؤمن ، كافر ، منافق) وينفرد النفاق كظاهرة خطيرة جدا لا يجتمع معها إيمان، لأن المؤمن لا يكون ذو قلبين ولسانين ولا يجتمع في قلبه حبّين أو ولائين. (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه).(1)
الإسلام إطار عام ولا يكتمل إلا بالايمان.وهو الالتزام بما امر الله وما جاء به النبي ص ، لقوله تعالى : (ما أتاكم الرسول فخذوه).(2) والنبي بعد تبليغهم بالإسلام وتثبيت أركانه أتاهم بتمام الرسالة وامرهم بها في يوم الغدير ولكن (جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا).(3)
فلا يوجد سبب لرفض الايمان بما امرهم به النبي إلا أنهم يرون عليا (ع) مثلا اصغرهم سنّا او على قول عمر فيه دعابة ، او انهم حسدوا بني هاشم أن تكون فيهم النبوة والخلافة.(4) أو لأنهم لا يحبون عليا لأنه وترهم وقتل ابطالهم وصناديدهم وكل هذه الاسباب التي تذرعوا بها موجبة للحالة الثالثة (الكفر).لأن تبليغ ولاية علي جاء بأمر من الله وحماية من الله (ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين).(5)
ففي هذه الآية أمرٌ بتبليغ (ما انزلهُ الله) بشأن ولاية علي وإذا لم يفعل النبي ذلك فإن جهوده التي استمرت سنوات في تبليغ الإسلام سوف تذهب هباء وكأنه لم يُبلغ الرسالة الإسلامية وذلك لأن الاسلام لا يكتمل إلا بوجود خليفة بعد النبي يتولى شؤون المسلمين من بعده والولاية هي الامتحان الاكبر لاخلاص هذه الامة كما امتحن الله قوم صالح بناقة فهلكوا بسببها.
وكذلك في هذه الآية تعهد من الله بأنه سوف يحمي نبيه من الناس.وهذا امرٌ خطير للغاية أن يتدخل الله شخصيا لحماية نبيه ــ ولكن ممن يحميه ـــ وهذا يدل على خطورة بلاغ النبي وخطورة منصب الولاية الذي به يكتمل الايمان ويتم الاسلام. لأن الدين عند الله الاسلام ولا يكتمل إلا بالإيمان لقوله تعالى : (قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).(6) فكان شرط قبول الاسلام هو الايمان . لأن الله تعالى هو الذي (حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم).(7) لأن الله حكم بأن (من يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل).(8)
لقد بلغ من خطورة مرتبة (الإيمان بالولاية) أن الله أمر بصلة الأرحام ولم يأمر بقطعها إلا في مورد الكفر بالايمان لقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان).(9) فلم يقل تعالى هنا (ان استحبوا الكفر على الإسلام) بل قال : (إن استحبوا الكفر على الإيمان). وهذا مما يجب الالتفات إليه بعناية لأن اي زلة في هذا القرار سيؤدي بالانسان إلى الكفر والخسران المبين.
يُضاف إلى ذلك أن الكفار لم يكونوا يخشوا الاسلام طيلة سنينه بل كانوا يُحاربونه ويتآمرون عليه ولكن في بيعة الغدير تبدل الأمر حيث دب الخوف في قلوب الكافرين لمجرد انهم سمعوا أن عليا هو الخليفة بعد النبي (ص) فيأسوا من القضاء على هذا الدين كما يقول تعالى : (اليوم يأس الذين كفروا من دينكم).(10) ذلك لأن عليا مع الحق والحق مع علي وأن إمكانيات الاسلام كلها اصبحت تحت يد علي (ع). 
إن يوم غدير خم لم يدع لاحد عذرا، فقد انتهى عصر النبوة وبدأ عصر الولاية وهذا ما أكدتهُ السيدة فاطمة الزهراء لجمهور الصحابة في خطبتها في مسجد رسول الله (ص) عندما سلبوها فدكا عندما قالوا: (يا بنت محمد! لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر ما عدلنا بعلي أحدا. فقالت: وهل ترك أبي يوم غدير خم لاحد عذرا؟!). فأطبق الصمت على الصحابة.(11) 
(وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين .).
المصادر : 
1- سورة الأحزاب آية : 4.
2- سورة الحشر آية : 7.
3- سورة النمل آية : 14.
4- تاريخ الطبري - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩.وهذا القول لعمر بن الخطاب في حديثه مع عبد الله بن عباس. 
5- سورة المائدة آية : 67.
6- سورة الحجرات آية : 14.
7- سورة الحجرات آية : 7.
8- سورة البقرة آية : 108.
9- سورة التوبة آية : 23.
10 سورة المائدة آية : 3.
11- الصدوق في الخصال ج ١ / ص ١٧٣.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=136906
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18