روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ان عمر بن الخطاب همَّ بإضافة ما يسمى آية الرجم الى القرآن الكريم بعدما اكد انها آية قرآنية نزلت على النبي صلى الله عليه وآله ولكنه خشي من قول الناس انه زاد في القرآن ! , ولا أعلم اذا كانت فعلاً آية قرآنية فلماذا لا يرضى الناس بإثباتها في القرآن ؟! , وإذا لم تكن آية قرآنية برأي الناس ومنهم الصحابة فكيف أراد عمر اضافتها للقرآن وجزم آنها من القرآن النازل على النبي ؟! وما علاقة رأي الناس بالموضوع ؟! وهل إثبات آيات من القرآن او حذفها منه يكون وفق رأي الناس ؟! وهل اخذ عمر رأي الناس في جمع القرآن عندما أمر زيد بن ثابت بجمعه رغم معارضة بعض الصحابة من قراء القرآن لذلك مثل ابن مسعود ؟! , ولماذا توقع او خشي عمر من ان الناس سيفتقدون الآية في المستقبل فلا يجدونها في القرآن ؟! , ثم كيف فات عمر ان الله هو من تكفل بحفظ كتابه فلا ينبغي له حينئذ ان يخشى من ضياع آية منه وإلا أُعتبر مكذبا لله تعالى ؟! وو ... الخ من الاسئلة التي لم ولن نجد جوابا شافيا كافيا لها , وتبقى هناك علامات استفهام كبيرة حول هذه الحادثة الغريبة .! .
....
وأليك حديثي البخاري ومسلم في ارادة عمر اضافة آية الرجم للقرآن الكريم :
صحيح البخاري - باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ في وِلاَيَتِهِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ .
.... قَالَ عُمَرُ لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ في كِتَابِ اللَّهِ . لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بيدي ....
...........
صحيح مسلم – باب رجم الثيب في الزنا
15 - ( 1691 ) ... عبد الله بن عباس يقول : قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله إن الله قد بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن ... الحديث ...
.....
ولكن العجيب ان هذه الآية التي يسمونها آية الرجم تبيّن من احاديث اخرى للبخاري ومسلم انها آية توراتية يهودية ؟!
....
وإليك الدليل :
صحيح البخاري - باب ( قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
4556 - ... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النبي بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا ، فَقَالَ لَهُمْ « كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ » . قَالُوا نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا . فَقَالَ « لاَ تَجِدُونَ في التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ » . فَقَالُوا لاَ نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا . فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ كَذَبْتُمْ ( فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِى يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ وَمَا وَرَاءَهَا ، وَلاَ يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا هي آيَةُ الرَّجْمِ . فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا ... الحديث
صحيح مسلم – باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى
26 - ( 1699 ) ... عن نافع أن عبدالله بن عمر أخبره : أن رسول الله أتى بيهودي ويهودية قد زنيا فانطلق رسول الله حتى جاء يهود فقال ( ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ ) قالوا نسود وجوههما ونحملهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما قال ( فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين ) فجاءوا بها فقرأوها حتى إذا مروا بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم وقرأ ما بين يديها وما وراءها فقال له عبدالله بن سلام وهو مع رسول الله مره فليرفع يده فرفعها فإذا تحتها آية الرجم فأمر بهما رسول الله فرجما ... . الحديث
....
فبان الى هنا بحسب البخاري ومسلم أن آية الرجم كانت في التوراة اليهودية وان النبي صلى الله عليه وآله وجدها في التوراة هو ومن معه من اصحابه ورآها بعدما اراد احد اليهود اخفائها بوضع يده عليها ! . وفوق ذلك ان النبي صلى الله عليه وآله طبق حكم الآية اليهودية وهو حد الرجم على اليهوديين الزانيين ! .
.....
ومن الضروري ذكر ان علماء القوم اجابوا عن هذه القضية بأن آية الرجم منسوخة وهم بصدد الدفاع عن موقف عمر هذا وايجاد مخرج لهذه المشكلة التي واجهتهم , وفيه انه جواب متأخر زمانا عن الحادثة ربما بعشرات او مئات السنين وهو تأويل وليس خبر مسند ينص على ان الآية من المنسوخات , ثم ان ظاهر الحادثة وتفاصيلها تبين ان الآية ليست منسوخة اذ كيف خفي على عمر انها منسوخة ؟ وكيف يريد دمجها في القرآن بعدما نسخها الله ؟ وكيف خفي على الصحابة ايضا انها منسوخة حيث لم يقل احدا منهم لعمر ذلك حتى ابن عباس راوي الحدث والذي قيل فيه انه ترجمان القرآن ؟! ولماذا يخص عمر هذه الآية اليهودية بالتحديد ليضيفها للقرآن مع ان هناك آيات اخرى منسوخة بحسب زعمهم مثل آيات الرضاع ونحوها ؟! ومتى نزلت ومتى نسخت ؟! ثم أين الآية الناسخة لها ؟! أليس قد نص القرآن انه ما من آية يتم نسخها الا تأتي آية مكانها خير منها أو مثلها ؟!, وفوق هذا وذاك ان مسألة نسخ التلاوة وبقاء الحكم التي اعتذروا بها عن هذه المسألة وغيرها لا تكاد تدخل العقل السليم ولا يصدّق بها سوي الفهم , ولماذا يتم نسخ التلاوة الذي هو دليل حكم الرجم وابقاء الحكم بلا دليل ؟! فهلّا بقيت التلاوة دليلا على الحكم _ مع ما يبذله كثير من علماء القوم اليوم وقبل اليوم من جهود لإثبات دليل للرجم في مواجهة من ينتقده فهم يقولون للآخر ان الرجم موجود ودليله منسوخ !, ويتسبب ذلك بحرج شديد لهم , _ ثم ان فتحهم باب القول بقضية نسخ التلاوة وبقاء الحكم كان وسيكون اعظم باب للطعن في القرآن اذ من الممكن لأي شخص ان يدعي ان هناك آية للحكم الفلاني ولكن نسخت تلاوتها الذي هو دليل حكمها وبقي حكمها من دون دليل الى ما لا نهاية ... ! .
...
وفي النهاية لابد ان نقول اننا نؤمن أن القرآن محفوظ ومنزه عن التحريف بحفظ الله له وهو الآن بين يدي المسلمين كما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المخلوقين محمد صلى الله عليه وآله ولم ولن تستطيع يد التحريف ان تناله , إنما كانت هناك محاولات من بعض الجهات لإضافة شيء إليه أو انقاصه و التشكيك فيه بانه سيأتي زمان تختفي منه آيات _ كما في الاحاديث محل الكلام _ ولكن هذه المحاولات بائت بالفشل الذريع والحمد لله رب العالمين .
|