تعددت تعريفات الومضة وفعل ومضَ في المعجم اللغوي , نقتبس بعضها : ومض ووميض , برق من الضوء . ومض البرق . لمع البرق . وميض الشيء وميضاً . من وهج من الضوء , بمعنى أنار . اشارة , او غمز . وكذلك ومضت المرأة يعني سرقت الانظار اليها . وغيرها الكثير من التعريفات اللغوية . لكن الحديث عن الومضة الشعرية حديث يطول ويتشعب , حول نشأتها واستخداماتها , وبرزوها كجنس شعري حديث . يعتمد على صياغة في بنية محددة ومميزة في الاداء الشعري , الذي يرتكز على التركيز والتكثيف المركز , في تكوين وصياغة الصورة الشعرية , كالبرق الخاطف والسريع . وتترك الاثر في نفس القارئ من ناحية السؤال والتساؤل , او من ناحية الاستعارة والمفارقة . او من حيث الرؤية والفكرة , التي تستدعي التأمل والتفكير والتمعن والتفسير . وتخلق التأويل المتنوع . لاشك ان كل هذه المكونات , تتطلب المهارة الشعرية , في الصياغة والتكوين , وتتطلب النضج الشعري واللغوي , ونضج الرؤيا بطرحها , بما تحمل من افكار روحية وفكرية وفلسفية حتى تكون الرؤية التعبيرية والفنية , تحمل في تقنياتها روح التفاعل المتبادل . بين الشاعر والقارئ أو المتلقي . في دلالاتها الايحائية والرمزية . اي انها تخلق الموقف والرؤيا والابداع , الذي يحرث في المشاعر والاحاسيس الوجدانية . تبرق او تلمع في الذهن أو الخيال . اي ان الومضة الشعرية مفتوحة الآفاق غير محددة بنمطية واحدة وانما على انماط مختلفة ومتنوعة . لكنها تعتمد على جمالية التركيز . من اجل أنارة الايحاء والترميز الدال في ومضة خاطفة وسريعة . هذا الجنس او الشكل الشعري . برز بشكل مكثف في بداية السبعينيات على يد شعراء كبار ومرموقين في الساحة الشعرية والثقافية . . وظل واحتل مكاناً رائعاً بين الاصناف الشعرية . لانه يتلائم من متطلب الزمن والعصر الحديث في السرعة . لذلك فأن الومضة الشعرية , لا تتطلب الوقت الطويل , نتيجة صياغتها الخلاقة في الايحاء العالي في المغزى , الذي يفجر الدهشة الخاطفة تكون متلائمة مع تقنيات السرعة والايجاز . لاشك ان هناك مشتركات بين شعر الومضة , والقصة القصيرة جداً , ولكن هناك مفترقات ايضاً , أهمها إن الاولى تكون بصياغة شعرية , والثانية تكون بصياغة سردية . وتعددت اغراض الومضة الشعرية كتعدد الحياة نفسها , ولكن نتوقف عن بعض من هذه الاغراض في الومضة الشعرية .
1 - الومضة الشعرية في الشائن السياسي :
نأخذ على سبيل المثال الشاعر أحمد مطر . في الرؤية الطرح السياسي . تميز في اسلوبية بارعة الصياغة الفنية والطرح السياسي, في التألق الشعري . حيث برز كشاعر مرموق وله مكانة كبيرة في الوسط الثقافي والسياسي . بانه يقف وبقوة مع المحرمين والمسحوقين والمظلومين , . ويفضح اساليب الطغاة من الحكام . في نهجهم في فرض سطوتهم الارهابية والقمعية فرضاً . وبرز في اسلوبه الشعري المتألق في جانب السخرية والتهكم والاستهزاء , الى حد التندر بالكوميدية التراجيدية ضد الحكام وتعريتهم بشكل مضحك وساخر ولاذع بشدة . ليدلل على مهازل ومهاتر الحكام الطغاة , الذين يقودون الانسان الى المذلة والمهانة , والانتهاك القيمة الانسانية . لذلك عانى العسف والاضطهاد , واضطر ان يأخذ طريق الغربة والمنفى قبل ان تختطفه اليد الباطشة , بعدما تجاوز الخطوط الحمراء .
× رأيت جرذاً / يخطب اليوم عن النظافة / وينذر الاوساخ بالعقاب / وحوله ... تصفيق الذباب .
× الحق ليس له لسان
والعزم ليس له يدان
والسيف يمسكه جبان
وبدمعنا ودمائنا يسقط الكيان
فبأي آلاء الولاة تكذبان
× قرأت في القرآن
( تبت يدا أبي لهب )
فاعلنت وسائل الاذعان
( أن السكوت من ذهب )
× ترك اللص لنا ملحوظة
فوق الحصير
جاء فيها
لعن الله الامير
لم يدع شيئاً لنا نسرقه
إلا الشخير
× قبل ان تخرج
دع رأسك في بيتك
من باب الحذر
يا صديقي كل راس في خطر
ماعدا راس الشهر
× ولي عذري
فأني أتقي خيري لكي أنجو من الشر
فأخفي وجه أيماني بأقنعة من الكفر
لأن الكفر في اوطاننا لا يورث الاعدام كالفكر
× قال لنا اعمى العيان
تسعة اعشار الايمان
في طاعة أمر السلطان
حتى لو صلى سكران
حتى لو اجرم أو خان
حتى لو باع الاوطان
أنا حيران
× ما أغنى عنه ماله وما كسب
فصودرت حنجرتي
بجرم قلة الادب
وصودر القرآن
لانه ....... حرضني على الشغب .
2 - الومضة الشعرية في الحنين والفراق :
الشاعرة نجاة عبدالله : تملك براعة متمكنة في الصياغة الشعرية . ذات دلالات عميقة في مرأة الواقع . وقد صقلتها الغربة في تجربتها الشعرية , بشكل متألق . بما تفرزه الغربة من الحنين والشوق ولوعة الفراق . فقد احتلت موقعاً مرموقاً في تجربتها الشعرية , بالارتباط الوثيق في الانتماء الى الوطن , البلد البعيد الذي شطر القلب الى نصفين . واشعل نار المعاناة بالحنين , الى تلك الذكريات الراقدة في اعماق الوجدان . الى الارض التي انجبتها ودفعتها الى معاناة الغربة , لتحترق بنار الفراق . هذه المعاني الدالة بالايحاء والمغزى العميق في انجازها الشعري .
لذلك تشرع اشرعتها الشعرية تجاة الوطن البعيد . الذي يعاني القهر والحزن . من عبث الخراب والحروب المجنونة . التي تحرق ازهار الوطن , وتأخذ فلذات الاكباد ظلماً , وتترك القلب يتلوع بنار الوجع والحزن .
× ضوء خافت
يتلألأ خلف سؤالك
منْ أنتْ !!
تعقد كفيك
وتنصت لأنين النار
× احذر
بارود الصدفة
قد تأخذك شهيدا
في دمية خاسرة
× كلهم غرباء
قطف الغيم وردتهم
وفرق النوح
أصابعهم
نسألك شمساً أيها الضباب
× أحذر فمكَ
قد يصرخ مرتجفاً
في البراري
× أنا القرية
لا تحفل بك ,
أنتَ غربة
لا مأوى لها .
× نحن أخوة يا أبي
هكذا يقول الصباح
وهكذا يقول الندم .
× لما تزل شجرة النوح
أقطف دمعة منها ,
تثمر ميتا في البلاد .
× يا شمس لا تأبهي
بظلام أحبتنا
ويقين فراقهم .
× وطني يقتلُ صباكِ
أيتها الدموع
يعلق وردة بحجم قذيفة
على صدره الذهبي ,
يأخذنا الغياب
× اكتموا نعش البلاد
أو لم تنته الحرب
أيها الاصدقاء
× قدمي في المنفى
قلبي يرتجف
كلما يتنزه رغيف
قرب النار .
× المرغم على الشوك
وقلبها
تسعل فيه الحروب ,
خذ بخطوتي
إليك
تفترق البلاد
× أيها الندم
يا حلة أيامي القادمة
أقدم إليك قرابين الدموع
وبلادة الروح العطشى .
3 - الومضة الشعرية في التصوير المدهش :
- فلاح الشابندر : السليقة العفوية في الموهبة والخيال الشعري الملهم . يقف ببراعة فائقة دون منازع الشاعر فلاح الشابندر . يقف بكفاء عاليه ومبهرة في اسلوبيته الشعرية في الرمز وتكوين الصورة الشعرية , بشكل غير مألوف في الشعر , بأن يعطي وهج التصوير بتكثيف وتركيز بأقل المفردات , انه نحات ورسام بتصوير الكلمات بصورة مدهشة , واعطائها بعداً رمزياً بليغاً , لها خلفيات عميقة من مشاهدات الواقع المحسوس وغير المحسوس , المرئي واللامرئي في تقنيات احترافية في الشعر . وقد اثبت بأسلوبيته وجدارته , بأنه ظاهرة جديدة في الشعر الرمزي وفي تثوير الكلمات , ليخلق منها رؤية مركزة . يعتبر في اسلوبيته الفذة في شعر الرمز تخلق , اطنان من الاسئلة والتساؤلات في المفارقة والسؤال , حول صلتهما الوثيقة مع مجريات الواقع الفعلي . ان تجربته الشعرية غنية بالابداع كظاهرة شعرية جديدة , تتفاعل بفعل ديالكتيكي او جدلي من عمق السؤال , الذي يحتضن العالم والوجود . انه السؤال الذي يختصر المحنة وحيرة الواقع , يحتضن ماهية قيمة الانسان ضمن هذا التناقض المتنافر والمتشابك , الذي يخلق المحنة في السؤال , لذلك يحاول ان يفرز في هذا الصراع المحتدم بين الفرقاء المعلومين والمجهولين . لماذا وكيف ومتى ولمن نتوجه في ظل هذا الضباب الكثيف , الى احد الفريقين المتصارعين . او اين نوجه السؤال ضمن احتراق الحياة , كأنها تأكل نفسها بنفسها , لذلك يقود طرح السؤال , بجمالية نحو ضفاف البعد العميق والقريب . ليس له بد , إلا من طرح صراخ السؤال المكتوم .
× من عُسر الأجوبة
جبلاً أصعد
- كسار حجر لعله -
الفأس أخطأت الرسم ,
واجترح الاسف
× الى الحرب : مع التحيات
ماتت ...
ماتت , زهرة البراري
× الليلة , عاودني الوجع .
مُصاب بقصيدة , توسلت القصيدة .....
هل أطلقت سراحي ؟
× إلا هاوية .....
لا احد يكترث لك ,
إلامن يُعبي صمتك َ
أيغيبني الفأر ؟
× الكرة : جدل الاقدام
الحبل : جدل الرقص
السؤال : جدل السؤال
والجدل : جدل نفسه
× من جمرٍ ,
أصرخ ..
الاسرار كتمتُها لا يغيبها النسيان
أحبك انتِ
× هل بيننا سؤال لا نعرفه ؟ لمستك .
× سألتها موعدا, فانتشر عطر الغواية .
صديقتي : أنثى الندى ,
تسألني ..
صاغت الضوء أساور !
× للفقد ملح دم الصبار ,
فاهَ الصبر : شتاء النازحين ,
يا عراق ....
× على كتفي ,
أنتِ ظل الوردة .
وأنا : دهشة السؤال !
× الصورة ,
لا تنظر إلا لسواي
كل الذي حولي ,
غير الذي أراه !
× أضاع زهرة , بلا عقل ....
هي
أجملُ منك !
4 - الومضة الشعرية في رمزية الاشجار :
الشاعر سعد ياسين يوسف : الشاعر والاعلامي والاكاديمي المتمكن , في براعته في صنوف الادب والاعلام . وقد وظف رمزية الاشجار , كحالة في تطوير التعبير الشعري , ربما لم تتطرق لها القصيدة من قبل , بهذا الزخم في رؤية رمزية الاشجار , في رؤيتها الفكرية والفلسفية , ان ترمز المعنى الدال بشكل شمولي واسع الآفاق , يعني الاشجار هي اصل الحياة والوجود , وترتبط بعلاقة عضوية بحياة الانسان , بكل شمولية واسعة , بهذا الخلق الابداعي الخلاق , يرفع شأن رمزية الاشجار ودلالتها , الى الآفاق الاعالي الى حد القدسية للاشجار . وفي علاقتها مع الانسان وفي حالة تبادل التأثير على الجانبين , اي عندما تكون الاشجار وارفة وعامرة الحياة والاغصان والخضار , ينعكس ايجابياً على طبيعة الحياة والانسان, والعكس عندما تكون الاشجار في حالة سلبية , ينعكس سلباً على الحياة والانسان , بهذا الرمز الدال والعميق , في معنى الايحاء الرمزي . بأن الاشجار تأخذ البعد الكلي للحياة في الرؤية الفكرية والفلسفية . وفي المفاهيم الحياتية المحسوسة وغير المحسوسة , وكذلك في الظواهر المرئية وغير المرئية , فهي تحمل دلالة الحياة . الموت . الضياع . الحنين والشوق . الغربة . الحب والجمال . المعاناة والقهر الاجتماعي . الوطن والانتماء . الانسان وموقعه في الحياة . بهذا التعبير الشمولي , نستخلص بان رمزية الاشجار , تعني الوجود والحياة نفسها . في علاقة عضوية متجانسة ومتناسقة ومتبادلة . فالاشجار هي مانحة الحياة والعطاء والنماء والخصب . بدون الاشجار لايمكن ان تقوم الحياة بذاتها , بل تكون صحراء موحشة , وبدون الاشجار لا يمكن ان يكون هناك انتماء وهوية للاصل . بل يكون هو الجحيم نفسه . بهذه الصياغات الفذة , يكون الشاعر امتلك اسلوبية شعرية فريدة في نوعها , وخوض غمارها في ظواهر الشعر الجديدة .
× عفوكَ ربي
قامت قيامتهم
سيأتونك عند سدرة المنتهى
ولكن كما رسمتهم النيران
لا كما خلقتهم في أحسن تقويم
× الغصون وتساقط
غصناً فوق غصنٍ
فوق غصةٍ ...
حتى تقطعت أزرار السماء
وتدلى ثديُها
× منذ أن توضَّأ التراب
بدمك الاخضر
قامت قيامتها الارض
صار لها وجه السماءِ
× معنى التجذر ألآتي بموج انبثاق
الخضرة التي أشعلتها في خشب السكونِ
وكلما جفت ينابيع صوت الله
× مذ أحببتكِ
قضى سبحانه
أن نظل رافعي رؤوسنا
ونحن ننظر الى بهائكِ
× تغادرني البهرجةُ
تشاغلني النوافذُ
الاكف التي تلوح لأشجارها
عند الغروب
× فقد بقيت عارياً منها ,
تلك الابتسامة
التي علمتني
اياها ...
يوم كانت ....
إينانا .... !!!
× عابراً
بحر اشتعالي
بأسئلة ثقالٍ
× إن القصائد التي
لا تنبت أشجاراً تظل غربتك
ليست سوى
عصافير ميتة ...
× وما إن أبصرت المرآة
انتفضت
وتشظت معلنة ضدي
الحرب ..... !!
× بحسها الأزليَّ
الريح التي عرفتُ كيف تسقطُ
أوراق الاشجار . .
كلما أجتاحها طوفانُ رغبتها المريرة
× مذ أمطرت سحابتي
والموج يغمرني
× ضوءكِ الصاعدُ
الى الجبل بجلالِ وحشتكِ
يطرقُ السؤالِ .....
× أنتَ جدار ساكن
وليس لك سوى سقفٍ
سيغمض جفنهُ
قبل أن تدركَ
معناكَ ......
5 - الومضة الشعرية في جمالية الحلم والعشق :
الشاعر يحيى السماوي : يعتبر بحق عملاق القصيدة الشعرية العربية , المجدد والخلاق في الصياغة الفنية وتقنياتها المتطورة في اسلوبية حديثة ومتجددة . وكذلك في الرؤية التعبيرية , الروحية والصوفية في الحلم والعشق . التي حلق بها الى السماء السابعة , الى قمم الاعالي , نحو المدينة الفاضلة في الحلم والعشق . ان تحتضن الاشياء المادية والمعنوية لمجريات الحياة والواقع . في الارتباط العميق للوطن . لقد جعل قصيدة عجينة طيعة وسهلة الانقياد والتشكل في اشكال تعبيرية فذة من المعنى والرؤية , لتعطي الوهج الضوئي , على منصات العشق , في وجهه الانساني والنوراني في الحالم في مدينة العشق , وحارس فردوسها الرمز الاسطوري المقدس ( إينانا ) , ان تكون البديل الاسمى لجراحات ومعاناة الواقع الذبيح من الوريد الى الوريد . ان تجربته الشعرية الطويلة , خلقت من خبرتها العميقة , انضج قصيدة شعرية حافلة بالجمال المتألق , في دهشة الابتكار والخلق والتجديد . وهو يؤسس فلسفة شعرية عشقية قائمة بنفسها بين ( عشقائيل وصوفائيل / العشق والحكمة ) , بوجهها المشرق , كحلم بديل يمشي على الارض , ويغسل الاحزان والمعاناة والقهر , التي خنقت الواقع خنقاً , وحاصرته بمثالب معيبة وجارحة كالاشواك المسمومة , مما دفعت الحياة الى البؤس والشقاء , لذلك يعطي البديل للمحنة الحياتية والانسانية , لواقع منكوب وميؤس , يضع بديل الخراب هو مدينة العشق الفاضلة , التي تعيد للانسان قيمته ومنزلته السامية . وتعيد للحياة وجهها المشرق , وتمزق السواد والحداد . هذا الاستخدام المبهر في اللغة الشعرية الانزياحية , لها القدرة الفذة , في توظيف الاستعارة والمفارقة , من خلال توظيف الاسطورة العشقية , في آله العشق والجمال ( إينانا ) لتكون السقف العالي في السعي الحياتي نحو الحلم . ان الوهج الروحي والصوفي في العشق , يملك مبررات وجوده , كمضاد لمشاق الحياة الثقيلة والمرهقة , ولكي يشق جدار الظلام الطويل , بضوء عشقي ونوراني , يحفز الذهن في الخروج من شرنقة الواقع الاخطبوطية , الى مدينة النور , مدينه الحلم الفاضلة في مملكة العشق . ولكن هذه المدينة الفاضلة , لا يدخلها كل من هب ودب . وانما هي للعاشقين الذين يحبون الحياة دون غيرهم , يحبون الجمال والانسانية دون غيرهم . يحبون العشق كناموس حياتي دون غيرهم , فأن ابواب فردوس المدينة الفاضلة , مفتوحةً لهم فقط , ليقطفوا فاكهتها واثمارها وانهارها العذبة . هذا البديل الحياتي القائم على العشق والحلم .
× لو كان في صلبي خلاصي
ما خشيت
من الصلب
× أمس قبلَ الفجر
أو قبل أذانِ الظهرِ
لا أعرف بالضبط , التقينا ...
أين ؟
× خلعت فستانها الوردَ .....
فأعشى نورُ نهديها
مرآيا مُقلي
× كنْ كما شئتَ
تَنسكْ
أو تَشَيطنْ
فأنا كُلي لكَ الآنَ ..
وأنتَ الكلٌ ليْ
× ليقومَ
من تحتِ الرماد ِ ببردة العشقِِ الرميم
وترتدي الصحراءُ فستاناً
من الشجرِ الضليلْ !
× تبكين ....
تشتعل الحرائقُ ....
أستغيث بماءِ عفوكِ
تضحكينَ
فتخشعُ الاوتارُ في محرابِ حنجرتي ....
× سُورُ الكتاب جميعُها
بُدِئتْ
بسطر ’’ البسملة ’’ !
× هيأتُ
للتنور أمسي فاحرقيهِ
وطهريني
من ذنوبِ لذاذةِ العشقِ الحرامْ
× نام الشاطئُ العطشانُ ...
ها أنذا وحيدٌ كالعراق ....
ومثل باديةِ السماوةِ
لا الغديرُ ترودُهُ الغزلانُ
والشجرُ الظليلْ
× فالسومري ونخلةُ الله الغريبةُ
يقنعان من البيادرِ بالقليلْ
× فلنُقِمْ
مملكةَ القبلةِ والضحكةِ والعشبِ ..
نصلي
كلما كبرََ عصفورٌ
وأمَّتْ بالازاهير الفراشاتُ ..
× أشكٌ أنْ أكون قديساً
إذا لمْ أرتكبْ
معصيةً اقتطافِ تُفاحةِ فردوسكِ
وارتشافِ خمر تينِ بستانكِ والزيتونْ
× أشكُ
أنْ يغفرَ اللهُ خطيئاتي
إذا لم اتخذ منكِ يقيناً
يدرأ الظنونْ
6 - الومضة الشعرية في الحب :
الشاعر سعد جاسم : شاعر واديب متعدد المواهب والامكانيات الاديبة المتنوعة . فهو شاعر وكاتب مسرحي وشاعر في ادب الاطفال . يمتاز بأسلوبيته الخلاقة في الصياغة الشعرية , في الخلق والتجديد , والبحث الدائم عن محطات اضافية في التعبير الشعري , بالصياغة المتألقة والخلاقة والمتجددة . يملك رؤية جميلة وانسانية في تعاطي شفافية الحب العذبة , ويجعلها قرينة الحياة , فلا حب بدون حياة , ولاحياة بدون حب , بهذه الجدلية , يعطي سمة وقيمة بارزة للحب , بأنه مانح الحياة والعطاء, في انسجامية متدفقة في الترابط العضوي , بهذا الشكل يعزف على سمفونية الحب بمرح وانتشاء واشتياق , في نغمات تتراقص لها العواطف والمشاعر , بدفئ متدفق من ينابيعه الصافية . لكي تتغلب على معاناة الحياة والقهر الاجتماعي . بالحب المليء بحواسه الانسانية , بشفافية تشتهيها الروح , لكي تسكن اوجاعها . انه يغرس فسائل الحب بشكل جميل , يجعل المعشوقة بمصاف آلهة الحب والجمال .
× جسدكِ ... ؟
مجرد الحلم بأحتضانكِ
يجعلني أرتجف
من اللذة
في مرآيا الطقوس
× عندما تقوظني قبلاتكِ
معلنة
أبتداء طقوس الماء
× خلاص
الموت
خلاص وحقيقة
وأنتِ
حقيقة وخلاص
× وأرتشاف زلال نهركِ
الصاخب ...... العذب
والمتمرد أبداً
على الاعراف والثعالب
× أنت أسطورتي الشخصية
والاخريات
حكايات
في ذاكرة السرير
× صلواتكِ
نوافذ شفاعة ٍ
وسلالم الى السماء
× التي تجلى الله
وخلقها من اجلي
كما لو أنهُ يقول لي
- خذ يا أنتَ
× كل تراب
لا يزدهر تحت قدميكِ
أديم كافر
× البرد يشدني اليكِ
يدفعني الى حضنكِ البعيد
فأتوهُ في غابات الثلج
× كل ليل
لا أكون فيه بأحضانكِ
ظلام لعين
× كل عطرٍ
لا يضوعُ من مساماتكِ
رذاذ مغشوش
× كل هواء
لا تتنفسين نسيمهُ
ريح فاسد
7 - الومضة الشعرية في الغربة والمهجر :
الاديب والشاعر قصي الشيخ عسكر : أديب وشاعر متمكن بجناحي السرد والشعر . وبتقنيات جمالية رائعة الابداع , وفي اسلوبيته الواقعية , في جوانب الغربة والاغتراب والمهجر . ويخلط في ابداعه المتجانس , بين تجربته في المهجر , وزمن الماضي الراقد في الذاكرة , بما يملك من تجربة وخبرة طويلة وعميقة , من مواجع المعاناة الحياتية في بلدان المهجر , يجسدها في خيال فني بجودة وابداع متألق . لان عوالم الغربة والمهجر , لا يمكن لاديب وشاعر مهما بلغت جماليته الادبية والشعرية , ان يخوض غمار ادب وشعر الغربة بصورة متمكنة , أو نجد تجربته وابداعه ناقص . لان من يجسد معضلة الغربة والمهجر وقهرها النفسي , إلا من ذاق مرارتها , وتجرع لوعتها , وخاض غمارها بعواصفها الهائجة والمتقلبة . لذلك مثل مايقولون ( أهل مكة ادرى بشعابها ) فقد برع الشاعر الاديب قصي الشيخ عسكر , بمنتهى روعة الشعروالادب والابداع . والشيء البارز في نتاجه الشعري والادبي , يربط الغربة ومعاناتها بالوطن البعيد , بما يحمل من ذكريات حياتية , وكذلك من عسف وظلم دفعته الى خوض غمار الغربة . لذا نجد في انتاجه الابداعي , ترابط الحياة الماضية بواقع الحاضر . الغربة والاغتراب , في ادق التفاصيل الحياتية بين الجانبين , بعلاقة متداخلة بشكل عضوي . وكذلك محاولات التكيف مع الوضع الجديد في الغربة , رغم الصعوبات الجمة . ان ابداعه في المهجر , احتل مكاناً بارزاً ومرموقاً , في أدب المهجر , بحيث لا يمكن لاي كاتب وناقد موضوعي , ان يتجاهل ابداعاته المرموقة في هذا الجانب , حتى أن بعض الكتاب والنقاد , اطلقوا عليه تسمية . رائد أدب المهجر , ويشارأليه بكل اقتدار ابدعي يستحق الثناء والاعجاب .
×
مأواك قلبي وذاك البحر والأرق
يانفحة من بقايا الأمس تحترق
يالمحة من بقايا الأمس ساطعة
كم شدني نحوها الحرمان والنزق
×
كفني صمتك ياوطني
فمتى تنطق عني!
×
لمـّي الطريق ولملمي خطواتي
فلقد سئمت تشتتي وشتاتي
كلّ الحكايات انتهت في ليلة
إلا أنا لما تزل مأساتي
×
في الشارع إعلان
في المنزل إعلان
إعلان يتبعني في كل مكان
وأنا أخرج من بلد النكبة أدخل في بلد الإعلان
×
باسمكِ
أخلق فوضى
لايتورع عنها الكون
×
لست أدري إذ اعترفت بذنبي
كلّ مافي الوجود حولي مدان
فدعيني أفنى بعطرك إنِّي
لا مكان يضمني أو زمان
×
البصرة أضحت تتجرد من ساعة سورين
اما ساعة بيغبن فلقد كانت تعلن وقفا للنار
لكنا أدركنا فيما بعد ان الحرب وان ماتت
تبقى في فرشاة الرسم وفي كل الألوان
×
في مملكة البترول
الله وحده ولا شريك
يجلس في عزلته على الرصيف دونما يدين!
×
وطن ...ولكن للصوص
قسمة ضيزى
×
من دونك ياأمي
كالطفل القابع في عزلته
والعالم طفل
محروم من لغة العفو
×
وطني
وطني أواريه بقلبي ان يمت ان القلوب مقابر الاوطان
×
منفى
بل
قشرة ُ موز ٍ
كانت ملقاة فوق رصيف ٍ مهجور
لم تدعسها إلا قدمي!
×
لكني
أبقى
أبحث عن وطنٍ
يُشرق في قلبي أي الأوقات أشاء
×
مذْ غسلت أمي
شعري
بالغرينِ كان الغرينُ منفى
تسعى نحوه باقي الأوطانْ
×
خنجر
المنفى وحده
خنجريَ الباقي
من أسلاب حروبي
وحده يغرزني في صدر اليأس
×
تهويمة
غريبة المزاجْ
تقبع في زاوية على الرصيف
تعثر بي
وحدي أنا
من دون كل العابرين!
8 - الومضة الشعرية في المرأة :
الشاعرة رند الربيعي : الشاعرة اثبتت وجودها المتمكن في الابداع الشعري . وقد اكتسبت مميزات واسلوبية خاصة في التناول الشعري . الذي ينحو نحو الشفافية الواقعية , في مجال مايخص الواقع المرأة . وما يحرك وجدانها الداخلي , ان تقف مع المرأة ضد الانتهاكات الظالمة بالجور والقهر , تقف وبقوة وبكل خوالجها وهواجسها , في الدفاع عن حق المرأة الانساني في الوجود , تقف بكل شجاعة ضد جروح المتكسرة في ظلم المجتمع تجاه المرأة , بحياة مهشمة وذليلة , التي يمارسها الرجل تجاه المرأة , كأنه امتلك التفويض الالهي بتقرير مصير حياة المرأة , بأن تظل المكسورة الجناح وعنصر معيب , كما تخلقه العقلية الاجتماعية المتزمتة والمتعصبة , والسائدة , التي تمارس القهر الاجتماعي لجنس حواء , كأنها تحمل خطيئة التفاحة واحدها , دون ان يشاركها الاخر ( آدم ) . وتظهر في ابداعها الشعري على المكشوف , معاناة القهر والاستلاب . بأن المرأة لعبة بيد الرجل يحركها وفق ما يرغب او يشاء , وما على المرأة سوى الطاعة العمياء , اما اذا رفضت او تمردت , اصبحت خطرة على المجتمع , ولابد ارجاعها الى بيت الطاعة للرجل . بهذه العقلية السائد في الموروث الشعبي والديني في عقلية الرجل , بنقصان عقل المرأة . وليس انها شريك ورفيق اساسي للرجال , يسيران في الحياة سوية بالاحترام والتقدير المتبادل . هذه منطلقات الشاعرة , تعرضها بأسلوبية منطقية , وتطالب بميزان العدل الحياتي للمرأة . لذلك ركزت في ابداعها الشعري , من اجل انسانية المرأة بأنها تحمل قيمة حياتية , لا تقل قيمة عن الرجل .
×
وجهُكَ معجزتي
انفاسُكَ...
هشيمُ زِجاجٍ،
في رئتي!
×
لن أبتكرَ صهيلًا لخيولٍ موتى
مقطوفةُ حقولٍ
زمنٌ معتقٌ دونَ طبقٍ
بالوجعِ
×
نعلنُ سفرَنا الكاذبَ لها...
حقائبَ وَ مسافاتٍ،
غرباءٌ برؤوسٍ مثقوبةٍ،
النوافذُ مشرعةٌ لرذاذٍ مطري،
زاغَ مِنْ غيومٍ تشرينيةِ
×
كنت أحدثني في المرآة فلا أجدني
ينتهي حديثي
كصوت فاختة
×
كم هي خائبة الحظ
نسوة يوسف اللائي
لم تريْنَ عينيك !؟
إستحالة أن يحلَّ الشتاءُ
فوقَ مصاطبَ عشاقِ
×
ولأنكَ لم تأتِ؛
يوم ولادتي...
تاريخ خيبتي!
ولَمّا طَعَنتَني... ذاتَ مساء
×
مَنْ قال إني هكذا؟ مَنْ قالَ إني خُرافةٌ؟
اللّهُ .. حتى اللّه ! ها قدْ خصّني بكتابهِ
مَنْ سالبٌ حقوقي؟
ياأنتمُ يامعشرَ القمامة ياكُلكم مَنْ يدّعي الحضارة يفيضُ لؤمآ إسمّهُ ..
وتسرقونَ عمرَنا وتذبحونَ حُلمَنا يا معشرَ الخُرافة
×
يحييني ويهديني
لأسلو بالقصيد ْ
ياأراجيح سنيني
قد علمتُ إنني عدتُ غريبآ
ساخرآ
×
تَجمَّرَتْ آهاتٌ
في حنجرتي
واحدةٌ تلو الأخرى...
سكةُ قطار موت..
رَبضَ في وطني المَكلومِ
×
من الدهاليز المختبئة
تحت صخور الموت
راحت الدماء تلعق أقدامنا
×
في آهاتِ الشجنِ،
من غولِ الليالي...
أَغرقتني كَسفائنَ .
مرتجفةٍ
×
صنعتْ نعوشًا...
من عبقِ أحلامٍ مذبوحةٍ
في المهدِ...
وَ نبتتْ بين أصابعهم الغضّةِ
سنابلُ اِنتظارِ يُوسُفَ
×
وَ أنا... إنْ قُتِلْتُ فَوطني قاتلي!
وَ سأُخَلَّدُ في سجلِّ المقتولاتِ،
ظُلمًا وَ بُهتانًا...
9 - الومضة الشعرية في الايروسية :
- سردار محمد سعيد : يقف في طليعة شعراء هذا النمط الايروسي , بكل اقتدار متمكن بجدارة , ويضيف لهذا اللون الشعري مسحة جمالية , بأن العشق يتسلل بكل جوانحه الى مخدع العاشقة . ليضيف وهج مضيء في معنى ايروسية الفراش . لا يعتلي المرأة ظلماً واغتصاباً , ولا يلعب ويراهن على فحولته على حساب انسانية المرأة , ولا يبرز عضلاته ليقع في رغبات الشبق الجنسي الوحشي والخشن , بل يتعامل بشكل ميزان متكافئ , ليس فيه ثقل كفة على حساب كفة اخرى , بل الكفتان متساويتان , بالعشق والرغبة الجامحة . متساويان في قطف ثمار الايروسية على فراش العشق الوثير . بكل ود واحترام , وبشغاف عذبة , في الصلاة الايروسية . لا شهرزاد ولا شهريار , ولا عنتر بن شداد ( عنتريات ) . او ليس هناك أمير وجارية , بهذا مفهوم العشق الايروسي , التي يطلقها شعرياً , بكل جرأ وصراحة . انه لا يتعامل في الشعري الايروسي , بأن يحرث في النوازع ( البرنوغرافية ) في الابتذال الجنسي , بل يعطي قيمة معنوية في العشق الايروسي , يعطي قيمة وحياة انسانية للجانبين , لا غالب ولا مغلوب . وانما معاً يقطفان الفاكهة المشمشية . معاً يذوقان حلاوتها اللذيذة , على عتبات العشق المتوهج , بين العاشق والعاشقة .
غضب الخليفة لجواب البكر
ألذ شيء في هذه الدنيا نكاح
ولمّا قالت من نسائك
نكس رأسه خجلاً
×
تأوهات الواد
تستفزسفح خصري
تضج في عيني صخباً
وتسيل على تفاح خدّي المفرط بالغنج.
×
طائر يشدو بلا سبب
ولهاث العاشق الطرب
يرتجي في سورة الغضب
رشفة من ابنة العنب
×
تقحمْ
أمامك أثمارجناتي
فما تشتهي أقطف وهشم ْ
فكم مرّة أينعت
×
واعصف بي عصفاً
لا يمنعه سدْ
اغرز في قلبي سيفاً
من وجد ْ
مَن يحصي نبضات الرعد ْ
×
فكّ الفجر مسامير الظلمة
أرجوك تعالي ثانية
حتى لو جئت بأجزاء مما كانْ
لأحس بأني إنسان
×
لا تهجر السرير
ستعود مرغمة
لتأخذ المناقير
قد تسأل النسوة
ألهذا القدر تحب عبق الزهور
×
ترقص مع ارتعاشات لهيب القناديل
ورجفات السرير
وصيحات ربّات الخدور
يذبن بلدغة عقرب النشوة
×
وحق الفحولة
لم تشتمل نساء الأرض أنوثة كأنوثتك
وحق الرجولة
لا فاكهة تداني قبلاتك
لاالمشمش ولاالتين
×
لم تبق جملة عذراء
فُضّت البكارات
كن باسلاً
واقتحم القلاع
كن عاصفة
تهزّالشجرة
×
في روحي ضجيج حروف
شبق من عنيد التورية
رقيق طيورتلوذ بالسنابل
ضوضاء وحوش جائعة
لكنها بهمسة تنهار
×
وعشقت فيك .. كل الذي فيك
رضابك على فنجان القهوة
يقول لي : تعال
هنا موضع شفتيها
ألا تلثم
|