يختتم مؤلف كتاب ( الدكتور فنانا ) الكاتب رياض رمزي بعد تحليله لنموذجه الدكتاتور ليست الا تنويعات لرجل واحد عندما يختفي عن المسرح يكتشف النظارة انه كان يمثل دورا واحداً بأزياء متعددة ما ان تنتهي المسرحية حتى لا تعود لاحد الرغبة في تذكرها وان من قبيل الفضول !
على ان السياق يسمح لنا ان نقترح اكثر من خاتمة منها ان تلك النماذج الاستثنائية من هانيبال الى الإسكندر الكبير ومن نيرون الى نابليون ومن بسمارك الى هتلر .. الخ وللعرب في القرن الأخير اشباح شواهد تماثل تلك الشخصيات النادرة وغير القابلة للنسيان حتى بعد اختفائها من المسرح لا لانها محملة بدوافع بالغة التعقيد او لانها جزء لا يتجزء من بنية تاريخ الطبيعة البشرية وجزء من انظمتها او لانها تركت اثارا تدميرية فحسب بل لانها تعيد استنساخ أدوارها مرة بعد أخرى بأثارة وفضول ودهشة تضعها في المقدمة .
ولانها تتميز بحجم تأثيرها على ملايين الأرواح وتغير الخرائط والاتجاهات والثقافات والانساق الاجتماعية ولانها تخص مادة التاريخ بالسلب او ببعض المنافع فأن ظهورها على المسرح لا يستدعي حظور النظارة فحسب بل يمثل دعامة وليس واجهة للمسرح .
ولننظر الى الخاتمة لا كما تجري في تسلسلها الواقعي او بالنهايات الحتمية لزوال الطغاة بل لانها ستستدعي الجمهور للمشاركة في صياغة مكونات هذا المسرح والمشاركة في احتفالاته .
فالتاريخ لم يخضع لفلسفة واحدة او اخيرة لا اقتصادية ولا اجتماعية ولا نفسية ولا خاصة بمذهب من المذاهب ... الخ
فهو يتقدم ويرتد ويمضي بجميع المحركات المنظورة وباليات مازالت مشرعة الأبواب فلا الرأسمالية ولا الاشتراكية ولا الأنظمة الاستبدادية ولا الديمقراطية خلال القرن الأخير لم تتعرض للنقد والدحض او التعديل .
لكن ظهور عدد من النماذج الاستثنائية في قسوتها وبطشها وحنكتها.. الخ وقدرتها على التدمير وجد الملايين وبصلاحيات تصبح فوق القانون لا تتوارى تلك الشخصيات حتى بعد انتهاء أدوارها او بعد زوال المسرح بل تبقى علامة معتمدة لها ومضاتها في الذاكرة .
فكيف يحدث لعدد منها ان يحرق المراحل ويستحوذ على المصائر وكأنها وحدها تمتلك فك ملغزات التاريخ واسرار الطبيعة البشرية .
هل للشعوب بتنوع مذاهبها و فلسفاتها وجغرافيتها وتاريخها وخصائصها المختلفة اثر لا يقاوم لظهور الطاغية الدكتاتور والترحيب بقدومه من ثم الإطاحة به .
أين هي القوانين والأعراف واين هم الحكماء والخبراء في الحضارة والعلماء والعقلاء كي لايسمحو لصدام القوى والأطماع والهوى وقوع فوضى تستدعي ضرورة بزوغ نجم ما ان يمسك بغصن الزيتون ويلهب المشاعر بأوهام التفوق حتى تجد انه دمر الذاكرة وافسد في الأرض ولكن بعد فوات الأوان في الغالب وبعد خراب روما كما يقال !
|