• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : عربية ودولية .
                    • الموضوع : كيف تنظر دول منظمة الاتحاد الاوربي الى التوتر الامريكي ــ الايراني؟ .
                          • الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب .

كيف تنظر دول منظمة الاتحاد الاوربي الى التوتر الامريكي ــ الايراني؟

بعد تراجع لغة التصعيد المتبادل من قبل طرفي الازمة الولايات المتحدة الامريكية من جانب، والجمهورية الاسلامية في ايران من جانب اخر، لابد من توضيح موقف دول منظمة الاتحاد الاوربي(28 دولة) من كل هذا التصعيد الذي بدا من خروج الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي الموقع بين ايران الدول الستة التي من ضمنها الصين، والولايات المتحدة نفسها وصولا الى العقوبات الامريكية على ايران، وتصنيف الحرس الثوري منظمة ارهابية، وربما ليس اخرها التهديد بالهجوم العسكري على ايران، وقد راقب العالم بحذر في الاسابيع الماضية حدة التوتر عندما ارسلت الولايات المتحدة تقنياتها العسكرية الى مناطق نفوذها في منطقة الشرق الاوسط، ودول الاتحاد الاوربي من دون شك تشكل نقطة توزان في ميزان القوى والعلاقات والمواقف ويمكن بيان موقف دول منظمة الاتحاد الاوربي من خلال الاتي:
اولا: الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي وفرض العقوبات الاقتصادية
تعد دول منظمة الاتحاد الاوربي من اكبر المشجعين على توقيع الاتفاق النووي، وبذلت موغريني مسؤولة السياسة الخارجية لدول الاتحاد الاوربي جهوداً استثنائية في انجاح الاتفاق لاسيما بين الدول المتخاصمة الولايات المتحدة، والجمهورية الاسلامية في ايران، وقد تمسكت دول الاتحاد بالاتفاق حتى بعد الانسحاب الامريكي منه، والمنظمة بذلك تدرك ان خطورة البرنامج النووي الايراني من الناحية الفنية وليس السياسية ملثما ترى الولايات المتحدة الامريكية خطورة البرنامج النووي الايراني على مناطق نفوذها وحلفائها في منطقة الشرق الاوسط بل ان الجمهوريين في امريكا يعتقدون ان خطورة ايران في منطقة الشرق الاوسط ليس فقط برنامجها النووي وانما نفوذها المتصاعد فيه وبذلك ارادت ادارة الرئيس دونالد ترامب صفقة جديدة تزيد من نفوذها وتحقق مصالح اضافيه من الدول العربية الغنية بالنفط المناوئة لإيران، مع ذلك ان هناك قلق اوربي واضح من تهديدات ايران بالانسحاب كليا من الاتفاق والعودة الى اكثر من سابق عهدها قبل الموافقة على الاتفاق، ولا اعتقد ان من مصلحة ايران الان الانسحاب من الاتفاق لانها تواجه ضغوط اكثر مما تواجه الآن لاسيما وان هناك رفض اوربي مطلق لخطوة ترامب في الانسحاب من الاتفاق اما اذا خرجت ايران منه فأنها قد تخسر الدعم الاوربي الذي حظيت به من ايام المفاوضات والى ما بعد الانسحاب الامريكي بان هناك دول اوربية خالفت الامريكان في ما يخص الشركات الاوربية المتعاملة مع ايران، واحتالت بعضها بطرق اخرى لتجنب الامريكان.
ثانياً: تصنيف الولايات المتحدة الحرس الثوري كنظمه ارهابية وتهديده بالمواجهة العسكرية
من اسباب تدهور العلاقة بين ايران والولايات المتحدة الامريكية هو دور الحرس الثوري الايراني(ت1979) في الداخل الايراني والخارج حيث تنظر الولايات المتحدة الامريكية الى الحرس الثوري بعين الريبة بدءاً من ايام تأسيسه والى اليوم، اغلب الحوادث التي وترت العلاقة بين الطرفين ترجعها الولايات المتحدة الى الحرس الثوري الايراني ومنها حادثة اقتحام السفارة الامريكية على الرغم من ان الحرس الثوري لم يكن قد تأسس في الايام الاولى من عام1979 لكن الولايات المتحدة تعتقد ان الحرس الثوري يضم المتشددين الايرانيين وبالتالي هؤلاء هم من اقتحم السفارة كما تٌنسب الولايات المتحدة اعمال اخرى من ضمنها تدريب مجموعات عسكرية لمواجهة حلفائها كحزب الله بالتأكيد ان الولايات المتحدة لا تبحث عن حقانيات المواجهة وحقانيات الصراع وانما تهتم بتأمين المصالح والحلفاء، ومع سقوط الانظمة الاستبدادية في المنطقة العربية منذ سقوط رئيس النظام العراقي السابق والى احداث اليوم ترى الولايات المتحدة ان الحرس الثوري هو احد ابرز العناصر التي يعتمد عليها النظام الايراني في مواجهة نفوذ ايران وحلفائها في المنطقة العربية، وبالرغم من ان الحرس الثوري عندما انشى وبقرار من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية وقتها، السيد الخميني، كان يهدف الى حماية النظام الناشئ، وخلق نوع من توازن القوى مع القوات المسلحة النظامية، وأنها بحاجة إلى قوة كبيرة تكون ملتزمة بأهداف النظام الجديد والدفاع عن "قيم ومبادئ الثورة" وقد نظم عمله بقانون ايضا، ومع مرور الوقت تحول الحرس الثوري إلى قوة عسكرية، وسياسية، واقتصادية كبيرة في ايران، ومثل له ذلك دفعه كبيرة في اداء مهامه خارج الاقليم الايراني وهو بذلك ازعج الولايات المتحدة وحفائها في المنطقة وبعد خطوة الانسحاب من الاتفاق النووي اتخذ ترامب خطوة اكثر خطورة وهي تصنيف الحرس الثوري منظمة ارهابية كخطوة تفسر بان التوتر بين امريكا وايران لا تنطوي على الملف النووي وانما الخطر هو يتمثل بأدوات ايران في المنطقة ومنها الحرس الثوري، وبقدر تعلق الامر بالموقف الاوربي من خطورة تصنيف الحرس الثوري الايراني منظمة ارهابية كسابقة لا مثيل لها في العلاقات الدولية حيث ان تاريخ العلاقات الدولية يشهد لأول مرة إدراج اسم جيش لدولة عضو في منظمة الأمم المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية، فان موقف دول الاتحاد الاوربي متباين من هذه المسالة لاسباب مختلفة الى ان دول الاتحاد لم تتناغم مع قرار الولايات المتحدة بتصيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، ففي ندوة اقامها احد المراكز البحثية في العراق استضاف فيها الاسباني رامون بليكوا سفير منظمة الاتحاد الاوربي، وهندريك راموان سفير بلجيكا في العراق، وكنت حاضر شخصيا فيها، قال رامون بليكوا ان قرار تصنيف الحرس الثوري منظمة ارهابية لم يتخذ مثله قرار حتى في اوج الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي اثناء ما عرف بالحرب الباردة، هذه المواقف واضح انها لم تكن منسجمة بالمرة مع توجهات ترامب في تصعيده اتجاه ايران.
اخيراً يمكن تلخيص موقف دول الاتحاد الاوربي من التوتر الامريكي ــ الايراني بملفاته وخلفياته المختلفة بانه موقف مغاير تماما عن وقف الامريكي فالأمريكان في تعاملهم مع ايران دولة ند في حين دول منظمة الاتحاد الاوربي تسعى الى تحقيق الوئام بين الطرفين وهي بذلك تتعامل مع الملف الايراني ليس كما تعاملت دول اوربية مع الملف العراقي ابان حكم صدام حسين ودول الاتحاد اليوم تدرك مدى لا عقلانية قرار ترامب وسلوكياته منذ فترة ايام حملته الانتخابية والى اليوم وقد مثل قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي خيبة امل بالنسبة للدول الاوربية الراعية للاتفاق، كما انها رفضت بالمرة العقوبات الاقتصادية على ايران وقالت انها ملتزمة تعاملاتها الاقتصادية مع ايران وربما هذا ما يجعلها في حرج وتحدي لقرارات ترامب، اما موقفها من التوتر الاخير وخطورة المواجهة العسكرية حذرت دول الاتحاد الاوربي من خطورة أي مواجهة عسكرية من جوانب عديدة ومنها الجانب الاقتصادي حيث تعد ايران مصدر نفطي رئيس لعدد من دول الاتحاد الاوربي، فضلاً عن زيادة حالة الاضطراب التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط وتداعيات ذلك عن الامن الاوربي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=134955
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 06 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13