• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كيف طمس معاوية الاموي ذكر معاوية العلوي .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

كيف طمس معاوية الاموي ذكر معاوية العلوي

"قبل ان ادخل في صلب الموضوع مباشرة اود ان انبه اولئك النفر الذين يعدون نبش التاريخ اثارة لأزمات تضعف العرب والمسلمين الاقوياء ، ان ينصرفوا عن قراءة مقالي هذا الى اي شيء مفيد ، اما انا فمن حقي ان انظر لهذا التاريخ كمرآة حقيقية لما نلقاه اليوم من عنت وشقاق ، فليوفروا على انفسهم عناء قراءة ما لا ينفع لاوفر على نفسي تلقي الكثير من السباب والفحش الذي لا يسمن ولا يغني ، مع شكري للقارىء والمنصرف معا" .
 
       لم اجد من بين جميع من عرفت من شخصيات التاريخ الاسلامي مَن تنطبق عليه الكريمة "يُخْرِجُ الحيَّ مِنَ المَيّتِ"  كهذه الشخصية الفذة التي ظلمها معاوية وابنه يزيد اَنْ صارا لها جدا وابا . من يدري فلعل في هذا الانتساب سرا من اسرار عظمة هذا الحاكم الذي مات كمدا وحزنا واحتقانا لانه حُمِـّلَ امرا راى بكل حصافة العظماء انه ليس اهلا له فطلقه ثلاثا لا رجعة بعدها ليكتب اسمه في قوائم الخالدين المنسيين رغم رحيله المبكر عن الحياة. انه معاوية بن يزيد بن معاوية بن ابي سفيان الذي تقلد الملك مرغما اربعين يوما فقط مع وجود روايات تمدد هذه الفترة الى شهرين او ثلاثة اشهر كحد اقصى . مما لا شك فيه ان يزيد مهـّد وهيـّأ لابنه معاوية كلَّ اسباب الخلافة الناجزة ، ووضعها لقمة سائغة في فمه وهو دون العشرين . صحيح ان الاضطرابات كانت تعم الكثيرَ من المدن الكبرى في الدولة الاسلامية ، وان الكثير من المسلمين كانت "انجازات" يزيد الاب طرية في اذهانهم ، كما ان طموحات ابن الزبير لم تكن بعيدة عن عيون بني امية وكانت تثير في نفوسهم مخاوف جدية ، الى جانب كل ذلك فان شيعة اهل البيت الذين كانوا على مرجل يغلي لما جرى من تطاول مفجع على امامهم السبط الحسين بن علي عليهما السلام ، راحوا يتحينون الفرص للثأر له، الا ان ذلك كله لم يحُل دون تسلم معاوية الثاني سدة الخلافة من ابيه بانسيابية لا تشبه من قريب او بعيد المرارات التي تحملها معاوية الاول لتنصيب ابنه يزيد . ولعل ابرز سبب اراه في ذلك هو الابتعاد الزمني من عصر الرسالة الاول وفترات حكم الخلفاء الاربعة وانقراض كوكبة الشخصيات الروحية المؤثرة التي عاصرت الرسول الكريم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم . فضلا عن ذلك فان يزيد عندما اوكلت له المهمة كان هنالك اربعة معارضين اشداء على الاقل ممن يُهاب جانبهم ويُحسب لهم الف حساب قبل القيام باي تحرك يخص اِمرةَ المسلمين ، واعني بهم الامامَ الحسين "ع" وعبدَ الله بن ابي بكر وعبدَ الله بن الزبير و عبدَ الرحمن بن سعيد او ما يسمى بالعبادلة الثلاث . ما اسعى اليه هو الاشارة الى الشجاعة النادرة التي تحلّى بها معاوية الثاني وهو ينزع عن جسده ثوبا مهلهلا ، كان بامكانه ان يتسربل به الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا . ترى ماذا رد معاوية الصغير عندما دعي لان يعهد لمن يليه ، انظر الى هذه الوثيقة التاريخية المهمة بعين الفاحص المتجرد :
 "إنّ هذه الخلافة حبلُ الله ، وأنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب وركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه ثمّ قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له ونازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقصف عمره وانبتر عقبه وصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى وقال : من أعظم الاُمور علينا علمُنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأباح الخمر وخرّب الكعبة ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، ولئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها".
 كل هذه الشهادة التاريخية الدامغة لا تقنع مشايخ سياتون بعد الف سنة او اكثر من ذلك التاريخ  ليضحكوا على الذقون الساذجة ويسوّدوا صحائف طويلة عريضة من اجل ان يثبتوا بان براءة يزيد من قتل الامام الحسين لا تقل عن براءة الذئب من سفك دم يوسف . وقد اراح الكثير من هؤلاء المشايخ انفسهم عندما اعربوا عن يقينهم بان الحسين قتل بسيف جده المصطفى فنأوا بانفسهم عن هذا الجدل العقيم . وتروي كتب التاريخ لنا حوارا شيقا جرى بين معاوية وامِّه التي قالت له : "ياليتك كنت حيضة" ، فرد عليها قائلا  : "والله لوددت اَنْ كنتُ ذلك ولم أعلم أن لله ناراً يعذب بها من عصاه ، إن لم يرحم ِاللهُ أبيَ وجديَ فويلٌ لهما" . يذهب الكثير من علماء الشيعة ومؤرخون الى ان موقف معاوية الثاني لم يكن آتيا من فراغ انما تسرب الى قلبه الفتيّ من خلال معلمه "عمر المقصوص" الذي اتُهـِم بانه شيّع خليفتهم ، فدفع ثمن تلك التهمة غاليا عندما دفنه جلاوزة الدولة الاموية حيّاً . من أسف ان لا يترحم الشيعة اليوم على احد من حكام الدولة الاموية سوى الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي يعود له الفضل في رفع اللعن عن الامام علي عليه السلام الذي دام على المنابر اكثر من سبعين عاما ، تلك " السنة الحسنة" التي سنها ابن ابي سفيان في عهده فكان له اجرها واجر من عمل بها الى ان يلقى الله يوم الدين. واني لاشعر بان ثمة تجاهلا متعمدا لمنجز معاوية الثاني الذي حاول جاهدا ان يرفع شيئا من الظلم الذي نزل بآل بيت رسول الله عليه افضل الصلاة واتم التسليم على يد ابيه وجده. لست في مقام عقد مقارنة في أي الخليفتين هو الاعرف بحق أهل البيت عليهم السلام، لكني اتمنى ان يماط اللثام المفروض جهلا او تعمدا على هذه الشخصية التاريخية التي طمر ذكرها الامويون في جميع الازمان وساعدهم على عملية الطمر المتعمد هذه رجال الشيعة ومؤرخوهم . فرحم الله معاوية بن يزيد ما تعاقب الانوران ورحم الله عمر بن عبد العزيز ، الذي كتب صفحة مشرقة في تاريخ خلافته عجز المئات من الولاة من بعده من امويين وعباسيين ان يخطوا مثل سطر واحد من سطورها المشرقات . وابن عبد العزيز ومعاوية الثاني احسن العارفين بان علي بن ابي طالب كان من رفعة لا يضر معها سباب المبغضين ، ولا يعليها مديح المحبين ، لكن طوبى لمن استطاع ان يدخر من دنياه الفانية لآخرته الباقية ما يرضي الله ورسوله وضميره في يوم تشخص فيه الابصار   

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مصطفى الهادي ، في 2012/01/27 .

السلام عليكم
لقد جئت بها بيضاء ناصعة ، فبارك الله بك وسدد يراعك .
شكرا



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13494
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14