• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مدرسة الحلة الفقهية .
                          • الكاتب : د . حميد حسون بجية .

مدرسة الحلة الفقهية

اذا كان لمدينة الحلة ان تفخر بشيء فان افضل ما يمكن ان تفخر و تتفاخر به هو  مدرستها العلمية في الفترة الممتدة من القرن الخامس وحتى القرن السابع الهجريين. تذكر كتب التاريخ أن  أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) قال "ستكون مدينة يقال لها الحلة السيفية، يمدنها رجل من بني أسد يظهر بها قوم أخيار، لو أقسم أحدهم على الله لأبر بقسمه."                      
          بدأت الحكاية عندما غادر الشيخ 
أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي سنة 448 هجرية بغداد متوجها الى النجف الاشرف 
بعدما لحق به من أذى بعدما قام بمناظرة المعاندين سنين عديدة مما ادى الى محاربته 
وحرق مكتبته ومنبره في بغداد على ايدي اصحاب السلطان طغرل بيك السلجوقي. وقد قدر من 
كان يحضر مجالسه من العلماء للمناظرة  بما يربو على الأربعمائة عالم مجتهد.
         انتقل المركز العلمي من النجف الاشرف الى الحلة في اوائل القرن السابع 
الهجري. وبقي الأمر على ذلك الحال الى ان عادت الى النجف الاشرف في عهد المقدس 
الاردبيلي المتوفي سنة 993 هجرية. وقد انتهت سلطة الاسديين السياسية والحربية في 
مدينة الحلة. بيد أن الحركة العلمية والادبية استمرت في مدينة الحلة. ويقول الاستاذ 
الدكتور حسن الحكيم "وبعد مقتل سيف الدولة عام 501 هـ، بقيت مدرسة الحلة تؤدي دورها 
العلمي، اذ كان علماؤها وادباؤها يقدمون نتاجا علميا وفكريا كبيرين." وقد نبغ في 
هذه المدرسة فقهاء كبار كان لهم الاثر الكبير فيتطوير مناهج الفقه والاصول الامامي 
، وتجديد صياغة عملية الاجتهاد ، وتنظيم أبوابالفقه من قبيل‍ ( المحقق الحلي 
والعلامة الحلي وولده فخر المحققين وابن أبي الفوارسوالشهيد الاول وابن طاووس وابن 
ورام ) وغيرهم.
         ومن مزايا مدرسة الحلة الفقهية أمور مهمة منها: 1. ظهور الكتابات الفقهية 
الموسوعية، فمثلا موسوعة العلامة الحلي(تذكرة الفقهاء) في الفقه المقارن، وهي من 
السعة والاستيعاب اذ لم يؤلف مثلها. 2. تنظيم أبواب الفقه واستحداث فروع جديدة، 
ويتجلى ذلك بوضوح في كتاب المحقق الحلي(الشرايع) وما فيه من تنظيم رائع لابواب 
الفقه سار عليه المتأخرون. 3. ولكثرة الاختلاف بين الفقهاء لبعدهم عن زمن الامام 
المعصوم والرواة الأوائل، كان لا بد من استنباط الاحكام، وذلك ما برعت به هذه 
المدرسة. 4. ظهور طريقة جديدة في تصنيف الحديث. فقد جمعت المسائل المختلف فيها أو 
ما يسمى بـ(الأشباه والنظائر). ومن اجل الاطلاع على هذه المدرسة عن كثب، نتناول 
بالحديث اعظم علمائها، الا وهو المحقق الحلي.
 المحقق الحلي(602-676هـ =1205-1277م)
   ورد في (الأعلام) لخير الدين الزركلي(ج2: 123 )بخصوص اسمه ونسبه ومؤلفاته: هو 
جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسين بن سعيد الهذلي الحلي، نجم الدين أبو القاسم:. 
فقيه امامي مقدم، من اهل الحلة(في العراق)كان مرجع الشيعة الامامية في عصره. له علم 
بالادب، وشعر جيد. من تصانيفه(شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام)و (النافع)، 
و(المعتبر في شرح المختصر)و(اصول الدين)و(نكت النهاية) في الفقه، وغير ذلك. توفي في 
الحلة. و يقول عنه علي الطباطبائي في (رياض المسائل ج 1 ص54) أنه: كان ألسن أهل 
زمانه ، وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا  .  كان مجلسه يزدحم بالعلماء والفضلاء 
ممن كانوا يقصدونه للاستفادة من حديثهوالاستزادة من علمه. 
 
    و يذكر أن  المحقق الطوسي حضر يوما مجلس درسه قادما منبغداد ، فأراد المحقق 
الحلي أن يتوقف عن التدريس ، احتراما لوروده فالتمس منهالطوسي أن يستمر في 
درسه.    وكان بحث المحقق في القبلة ، فجرى الحديث عنمسألة استحباب التياسر في قبلة 
أهل العراق ، فاعترض الطوسي على المحقق بأنالاستحباب لا معنى له ، إذ التياسر إن 
كان من القبلة فحرام ، وإن كان إلى القبلةفواجب.   فأجاب المحقق : من القبلة إلى 
القبلة. فسكت المحقق الطوسي.  فلما رجع إلى بغداد كتب المحقق الحلي له رسالة لطيفة 
في تحقيق المسألةاستحسنها المحقق الطوسي.ومما قام به المحقق الحلي تجديد الكثير من 
مناهج البحث الفقهي والاصولي ، اذ كان رائد هذه المدرسة.  ويكفيهأنه ربى تلميذا 
بمستوى العلامة الحلي ، وخلف كتبا قيمة في الفقه لا يزالالفقهاء يتناولونها 
ويتعاطونها ويسيرون على نهجها باعتزاز.   توفي المحقق الحلي سنة 676 هجرية ، وكان 
سبب وفاته  سقوطه من أعلى درج في داره، واجتمع لتشييعه خلقكثير ، ودفن في الحلة ، 
وقبره هناك يزار ويتبرك به.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
  
 
                                           د.حميد حسون بجية
 
 
      



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1341
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 11 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15