الاصوات مصدرها الفراغ ويزداد عمق الصوت كلما ازدادت مساحة الفراغ فكما الفارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ ولا تقابلهم الا وانت مغلق اذنيك، أما العاملون فهم في سكون وثبات؛ لأنهم مشغولون ببناء منابر التاريخ ، وفي الناس مفلسون حساباتهم مصفرة رسبوا في مدرسة الحياة، والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتسويد صفائح الناس كي تبيض صفائحهم، فهم كحية العمياء تلدغ الطفل وتلدغ الجدار وتلتف على من يقابلها وهؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم لغواً ، وحججهم ذرائع، وأدلتهم كلام ليل يمحوه النهار وصفهم النكرة وشكلهم مبعثر وغايتهم سدى ،فلا تطلق عليهم صفة كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا طبيب ولا عالم ولا يُذكر مع الموظفين النزهاء، ، بل هو صفر على يسار الرقم، عيشهم بلا هدف، ومضيهم بلا سدد، و سيرهم بلا جد، ليس لهم شواهد تمجدهم، فهم في القاع ومن في القاع لا يخاف السقوط، ولا تنتضر من عبدا مدح حرا ابدا ولا تسمع عنه سوء لانه لايذكر في مجالس الشرفاء ولا تسمع عنه شائع لانه ملطخ في العار.
يذكرفي أدب العرب أن شابا طرق على سمعه كلام سوءا عن صاحبه فاراد ان ً يبرا نفسه من الشبهات فقال لأبيه: يا أبي أنا لا يمدحني أحد ولا يسبني أحد مثل فلان فما السبب؟ فقال أبوه: لأنك ثور في مسلاخ إنسان، إن الفارغون يجدون لذة في تحطيم امجاد الناس وسمعتهم ويحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد، لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم، ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مسلته ونسج ثياب فضله، إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع، ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً الا انها حين تروم الرد بالمثل توخز السعف في عيون من يحتك بها ، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مرة الطعم، لا منظر بهيجاً ولا ثمر نضيجاً، إن السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو اجوف,تلك عبر وشواهد ودروس فشبيه الشي منجذبا اليه فجد السير بحثا عن عملا يشبهك فان لم يجدك قومك نظروا الا ماصنعت |