• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قراءة في المجموعة الشعرية «سواقي النهر الأول» للشاعر غني العمار .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

قراءة في المجموعة الشعرية «سواقي النهر الأول» للشاعر غني العمار

يعد التكثيف التدويني من أهم مميزات البناء الشعري الحداثوي، والذي يمنح القصيدة انفعالات العاطفة في تجليات بناء المشهد الشعري، والشاعر غني العمار في مجموعته (سواقي النهر الأول)، نوّع أساليبه التعبيرية، ليكتنز مفهوم الشعرية عبر عدة أساليب تنبض بالدلالات المعبرة عن المكابدات الشعورية؛ سعياً لإثارة جذوة القراءة. أربعة وسبعون نصاً شعرياً احتوت المجموعة، اعتمد الشاعر العمار فيها على الأسلوب الاستفهامي والذي يعتمد على تكثيف دلالات النص:

هل لي أن أحلم بمرايا من مطر أمام منزلي؟ ليصل الى دالة السؤال: (اضغاث أحلام منعتني من الطلوع الى الخبز).

هذ المحور الاستفهامي المتكون عبر استعارات شعرية متقنة، وليكشف منه ألم الواقع الذاتي:

(وأنا دون دواء

أوصي الأصدقاء

وكم من مرة أوصي؟) ص 5

ليس من مهمتنا في هذا البريد أن نقرأ المجموعة قراءة نقدية، بقدر ما يهمنا استعراض المدون الشعري، لكننا نجد أن استخدام الاستفهام يأتي لتعميق دلالة القصيدة:

(في منطقتنا الحكومة نائمة

قال لي جاري:ـ تحرك

وما يجدي الشعر؟) ص 6

يعمل الشاعر العمار على تأهيل القصيدة لتدخل المبنى الاستفهامي، فهو يذكر ضحايا سبايكر، والصقلاوية، والرد العاجز في نون الخيبة: نشجب، نستنكر، واخواتها! يصل الى الفعل الاستفهامي:

(هل نستجدي قاتلنا؟) ص 11

هذا الاستفهام هو جزء من الأجزاء التي تؤدي الى عوالم التصريح:

(فمعك أبناء علي والحسين يكتبون على جباههم أن لا عودة إلا بالنصر) ويعضدها بأفق التوقيع:

(وحروب يحلبها السلطان لفم لن يغلق

الجيش هو الجيش

والحشد هو الرد) ص 14

السؤال الذي يمنح آفاق التأويل:

(كم نذبح هذا العام؟

لنقدمه شمعاً في مائدة الجنرال..

سؤال يتلوه سؤال

وما زال نشيد طفولتنا

يقتله التجوال

عفواً منع التجوال) ص 16

ينفتح حينها التأويل على الكثير من المعاني الثرية بدلالات الواقع المذبوح:

(ففاضت في ما بعد، انهار من خيبات الدم

وسبايكرات عدة) ص 18

الشاعر العمار لا يقف عند حدود الاستفهام، بل على فضاءات وكأنها أجوبة لسؤال:

(ورجال الحشد مع الجند..

لأننا نلم اصابعنا.. وأن اختلفت في كف العراق) ص 28 في كثير من الزهو يكون السؤال دلالة النص:

(من يقتل من؟ يا للمهزلة)

ويأخذ الاستفهام في الخطاب الشعري عندما يلج التاريخ/ الجراح/ يثير التعاطف عبر الاستفهام الذي يهندمه الوعي:

(ما من عباس آخر يأتي بالماء

خيام هرعت

ونار الحروب وصلت الخباء

فهل تنام على ضيم

يا أبا الفضل وانت الماء؟) ص 46

ويصنع الشاعر العمار الحميمية ليدخل من خلالها أسلوب القناع بلغة تبحث عن إجابة التأريخ:

(والسلطان أمير

منع القلم عن الجريان

وقط حقوق الفنان

وأوت كل قصائدنا

وروايات الزمن الممهور الى الوديان

الى الكهف سنينا

هل نبعث من يشري خبز الآس؟) ص 50

ومثل هذه الأسئلة تضع المتلقي أمام تصورات الرؤية:

متى نحصد غلّ اصابعنا؟

ونغني لمدن يا جرف الماء) ص 51

الأسلوب الاستفهامي عند الشاعر العمار استطاع أن يستخلص البنى الدلالية ليصوغ منها انتماءاته الذهنية التي ينتمي الشاعر اليها؛ سعياً للتعبير عن رؤيته الخاصة:

(فاخترت مراياها

المبتلة بشفاه الدم

تراب الصحراء

هل من ناصر؟ ويظل الصوت) ص 58

والعمل الإبداعي يعزز الواقع بحمله النازف من وعي المجزرة (سبايكر):

(أما حمامات سبايكر

رقصت على جوع موثقة الريش) ص 65

فنجده يصرخ طوال قصيدته من اين لكم عطشه؟ او نجده يصرخ مستفهماً:

(يا سيدي ماذا أقول؟) ص 67

ويبدو ان متابعتنا للاستفهام بهذا الشكل، يجعلنا نكون سطحيين اذا تجاوزنا الجوهر الإبداعي، لنعمل شراكة مع الشاعر العمار، فنتبع منابع الاستفهام أو محاوره الجريئة.. ففي قصيدة (أنت دربي):

(يا شفيعي يا أبا الزهراء

ما أزهر ورد فيه من دمعك ثوبي

كلما آذوك آذوني

وجاروا

أي جار جار في قتل وسلب؟) ص 71

نجده يدخل استفهامياته التاريخ بتمكن، يجعل من الاستفهام حراكاً قائماً بذاته ليعيش التاريخ واقعاً يتنفس عطر أنفاسه:

(هل أورق النهر أم ضجّ الفرات دماً؟

به صراخ صغار أيقظ الحجرا

سأوصل الماء دمع الجود يلكزني

ها قد حضرت وجود الماء ما حضرا

يا نفس هونـــي.. وكيــــف الماء أشربه؟) ص 108




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=133724
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 05 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19