كلمة إلهام تشير في دلالتها التضمنية كما بحسب المعنى المتعارف عليه الى إستلهام اوإستنباط فكرة قابلة لأن تنمو وتتفتح ذلك بناء على ارتباط عقلي أوروحي تأملي مع جهة المنشأ، اوالمصدر، اوالمسبب الذي على اساسه تتوارد الخواطر والأفكار.

هذا الإرتباط قد يكون في بدايته حسيا، أي ان ولادته تبتدئ مع الحواس الخمس، والتي مصدرها القلب- الأداة التي تمنح النفس توهجا به يتعكز العقل على ضالته المنشودة، تلك التي بها يستدل على الطريق الذي يسير به نحو النقطة -الفكرة.

إذن هو السعي القلبي المتبوع بالإرادة، لتحقيق ما يصبو اليه الوعي التأملي، أو هوالإنتقال من اللاوعي الى الوعي، الإنتقال من التفكر الى الإيجاد، من الخيال الى الصورة، من الفراغ الى النقطة، من النقطة الى الخط.

اوهو البحث عن قارب للإبحار في عالم المعرفة، عبر مسارات لا حدود لها ولا قيود في جغرافية الامتدادات الروحية المتجهة صوب فضاء المعرفة الصورية.

هو التركيز على شاكلة نيوتن، يوم تحول مشهد سقوط التفاحة الى موضوع اسمه الجاذبية.

آنذاك الأقدار لم تكن تحكي عن قصة نشوء قانون ما، ولكن هي صدفة حدثت لتتحول الى ضرورة كونية.

نيوتن في تلك اللحظة، أفكاره لم تكن سوى فضاء مبهم لعالم خبئ، عبره تداعت وتسلسلت الحاسة الباصرة، لتتفاعل مع ابجدية روحه التي ابت الا ان تستكشف شيئا، ليكون دالة في فيزياء الأرض.

هنا ليس بالضرورة كما يقال ان يسري هذا الإلهام في قلوب العظماء، والشعراء والأدباء وأصحاب الأفكار العظيمة، والمبدعين فحسب، بل انه الهدية القدرية المنتظرة- تلك التي على ضوئها ستسلقي العقول ذات يوم، بحثا عن تفاحة اخرى ستسقط، مبشرة بولادة قانون سيتم استكشافه حتما لعالم بلا حروب.