بعد ان نفذ ترامب وعده بالاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، يعتزم الرئيس الامريكي دونالد ترامب القيام بخطوة جديدة لصالح اسرائيل تتمثل بإصدار مرسوم يتضمن اعلانه بسيادة اسرائيل على مدينة الجولان المحتلة، وقال ترامب في تغريديه له على تويتر: "بعد مرور 52 عاما، حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل الكاملة على مرتفعات الجولان، التي تتسم بأهمية استراتيجية وأمنية بالنسبة إلى إسرائيل والاستقرار الإقليمي". واضاف ترامب ان "الوقت قد حان" من أجل اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
تقع هضبة الجولان في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة ــ كلياً في ما مضى وجزئيًا في الوقت الحاضرـــ، وهي جزء من سوريا وتتبع لها. ومنذ حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثي مساحتها، وعُدّت من قبل الأمم المتحدة من ذلك الحين أرضًا سورية محتلة، تطالب الحكومة السورية بتحريرها وإعادة السيادة السورية عليها، وامام هذه الحكم من قبل الامم المتحدة الذي هو بالتاكيد يصب في تعزيز شرعية النظام السياسي السوري على الجولان، يخترق الرئيس الامريكي دونالد ترامب موقف الدول الاعضاء في الامم المتحدة مستغلا الاوضاع السياسية والامنية التي تضرب سوريا، ويبدو ان خطوة ترامب الجديدة هذه تؤكد مرة اخرى على الذهنية السياسية والايديولوجيا التي تتحكم في سلوك الرئيس الامريكي، وانه تعامل مع الملف السوري وفق خارطتها الجيوسياسية والجيوامنية، بعد اعلان الانتصار الذي حققته جماعة قوات سوريا الديمقراطية(قسد) الكردية على تنظيم داعش في آخر معاقل تنظيم داعش في الباغوز، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة، مما يضع هذا الجزء من سوريا تحت سيادة جماعة قسد الكردية، وفي ذلك يريد ايصال رسائل الى خصومة الدوليين والاقليميين، ففي اعلان (قسد) النصر الميداني على تنظيم داعش وانتهائه في الأراضي السورية، دعت (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، الحكومة السورية إلى حوار يبنى على الاعتراف بالحكم الذاتي شمالي سوريا، فيما طلبت من تركيا مغادرة الأراضي السورية، وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني في بيان خلال مؤتمر صحفي في حقل العمر النفطي "ندعو الحكومة المركزية في دمشق إلى تفضيل عملية الحوار، والبدء بخطوات عملية للوصول إلى حلّ سياسي على أساس الاعتراف بالإدارات الذاتية المنتخبة في شمال وشرق سوريا والقبول بخصوصية" قواته. في حين كانت الحكومة السورية قد أكدت عزم الجيش استعادة مناطق سيطرة سوريا الديمقراطية بـ"المصالحات" أو عبر "القوة" العسكرية.
اما تركيا فهي تحاول ان تحتفظ بقوات ضمن ما يعرف بعملية "درع الفرات" في مناطق شمالي سوريا، وخاصة في عفرين، بينما كانت تجهز لحملة عسكرية لاجتياح مناطق الأكراد شرقي الفرات، خشية تشكيل كيان مستقل في هذه المنطقة ياتي اعلان النصر الكردي الحليف للولايات المتحدة، فينما يتحقق هذا الانجاز بالنسبة للولايات المتحدة صرح الرئيس الامريكي اعلانه بالاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان المحتلة ففي ذلك رسالة ايضا الى ما يعرف بمحور المقاومة وفي مقدمتها ايران اضافة الى النظام السوري بقيادة بشار الاسد، وحزب الله، من ان امن اسرائيل وحماية مجالها الحيوي تعد اولوية بالنسبة للادارة ترامب، وعليه يمكن قراءة اسباب اعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على الجولان رغم القرار الاممي ومعارضة اغلب دول العالم ومنها دول الاتحاد الاوربي بمايلي:
1. ذهنية ترامب المتحيزة دوما الى اسرائيل، وتعبير عن سلوك ترامب ومواقفه التي نادى بها منذ الايام الاولى من حملته الانتخابية مستغلا تصاعد خطاب الكراهية في الدول الغربية اتجاه المسلمين.
2. تاثيرات الصداقة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الامريكي دونالد ترامب، ومستشاره للامن القومي جون بولتن اضافة الى اعضاء كثير في الكونغرس الامريكي، ومحطات اعلامية شهيرة في الولايات المتحدة، وهذا ما نوه عنه المبعوث الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة الأمريكية، يورام إيتنجر، من أن العلاقة القوية لنتنياهو مع الرموز القضائية والسياسية والاعلامية في واشنطن، وداخل المجتمع الأمريكي نفسه، خاصة المجتمع اليهودي.
3. العامل الجيوسياسي تماس سوريا باسرائيل وبالتالي السيطرة على تحركات ما يعرف بمحور المقاومة وتقليل المخاطر الامنية التي يمثلها هذا المحور بالنسبة لإسرائيل.
4. الاعتراف بسيادة اسرائيل بالنسبة لادارة ترامب يعني ان استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا حققت ما تريد من خلال اللاعب الاسرائيلي في سوريا في قبال اللاعبين الاقليميين كايران وحزب الله، اذ تسعى الولايات المتحدة للتصدي لنفوذ ايران في المنطقة خاصة مع قيام طهران بتمويل وتسليح جماعات في اطار مكافحة التنظيمات المسلحة ومنها الارهابية المناهضة للنظام السوري.
5. اخيراً قد يكون هذا الاعلان لاسباب تتعلق بالمشهد السياسي الاسرائيلي فقد عد مراقبون ان تصريحات ترامب بخصوص الجولان تأتي لدعم رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو في الانتخابات المقبلة خاصة وانه يتعرض لحملة من منافسيه بسبب تهم رشوة وفساد.
|