إن الصلاة والسلام على الآل ثابته في كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وقول الأصحاب الكرام . قال تعالى : « ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما » الأحزاب : 33 ، فقالوا : يا رسول الله ! كيف نصلي عليك ؟ فقال صلى الله عليه وآله : « قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " .
وذكر الفخر الرازي في تفسيره : 7 / 391 أن أهل البيت ساووا النبي صلى الله عليه وآله في خمسة أشياء : في الصلاة عليه وعليهم في التشهد ، وفي السلام ، وفي الطهارة ، وفي تحريم الصدقة ، وفي المحبة . وقال صلى الله عليه وآله : معرفة آل محمد براءة من النار ، وحب آل محمد جواز على الصراط ، والولاية لآل محمد أمان من العذاب . ( ينابيع المودة : 1 / 21 في المقدمة نقلاً عن ذخيرة المآل طبعة 7 قم ) . وقال صلى الله عليه وآله : لا تصلوا علي الصلاة البتراء ، قالوا : وما الصلاة البتراء يا رسول الله ؟ قال : تقولون : أللهم صلي على محمد وتسكتون ، بل قولوا : أللهم صلي على محمد وعلى آل محمد . ( الصواعق المحرقة لابن حجر : 131 ، فتح القدير للشوكاني : 4 / 280 نقله عن صحيح مسلم ، تفسير الخازن : 5 / 259 ( . وعن مجاهد وأبي صالح عن أبي ابن عباس قال : آل ياسين آل محمد ، وياسين اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وآله وسلم . ( المصدر السابق : 1 / 8 ، وانظر الفخر الرازي في تفسيره : 27 / 166 ، نظم درر السمطين للزرندي : 111 / الصبان في إسعاف الراغبين : 116
فمن هذه الدلائل وغيرها ثبت أنه صلى الله عليه وآله أدخل نفسه في آله ، فمن صلى أو سلم على آله كأنه صلى وسلم عليه ، لأنه منهم وهم منه ، ومن صلى أو سلم عليه بضم آله فقد أكمل الصلاة والسلام عليه .(
-------------------------------------------------
انظر ، صحيح البخاري : 6 / 217 و 291 و : 7 / 157 ، تفسير الفخر الرازي : 7 / 391 و : 27 / 166 ، ينابيع المودة : 1 / 21 ، الصواعق المحرقة 146 ، نور الأبصار : 105 ، إسعاف الراغبين : 118 ، شرح المواقف للزرقاني : 7 / 7 ، نظم درر السمطين : 111 ، سنن أبي داود : 1 / 258 ، مسند زيد : 34 ، فتح العزيز : 3 / 504 ، المجموع : 3 / 464 ، روضة الطالبين : 8 / 95 ، تلخيص الحبير : 5 / 187 ، الاقناع لموسى الحجاوي : 1 / 126 ، مغني المحتاج : 1 / 174 ، حواشي الشرواني : 2 / 66 ، كشف القناع : 1 / 17 ، سبل السلام : 1 / 193 ، فقه السنة سيد سابق : 1 / 615 ، صحيح مسلم : 4 / 123 ، مجمع الزوائد : 2 / 144 ، فتح الباري : 11 / 134 ، تحفة الاحوذي : 2 / 494 ، المصنف لابن أبي شيبة الكوفي : 2 / 391 ، الاحاد والمثاني للضحاك : 4 / 56 ، السنن الكبرى : 6 / 17 ، المعجم الكبير : 17 / 252 ، الكامل في التأريخ : 3 / 23 ، سبل الهدى والرشاد : 11 / 10 .
اقول : من هذه النصوص المنقولة في امهات كتب الحديث والرواية لدى اهل السنة لايوجد نص يثبت الحاق الصحابة بالصلاة على النبي (ص) , فقولهم : اللهم صل على محمد واله وصحبه اجمعين , قول ادخلت عليه عبارة غريبة عنه موضوعة عليه , ولعلها من موضوعات الامويين وما اكثرها . والناظر في الصحيفة السجادية الجامعة لكثير من ادعية الامام زين العابدين يلاحظ خلو تلك الادعية من ذكر اصحابه (ص) في الصلاة عليه وعلى اله , فلو كان الصحابة من الداخلين في الصلاة عليه لما اغفلها الامام (ع) البتة , نعم ورد في دعاء يوم الاثنين المروي عن الامام (ع) - وهو من الملحقات بالصحيفة وليس منها - قوله " اللهم وصل على محمد خاتم النبيين وتمام عدة المرسلين واله الطاهرين واصحابه المنتجبين " ووصف الامام للاصحاب بالمنتجبين قيد ينبغي الوقوف عنده وتأمله , فليس مراد الامام (ع) جميع الاصحاب وانما يريد المختارين ممن اخلص الصحبة ولم يبدل .
لقد ميز الامام علي (ع) بين صنفين من الصحابة , صنف اخلص لله تعالى في جهاده فاطاع النبي (ص) حق الطاعة , فقال (ع) في هذا الصنف كما جاء في الخطبة الخامسة والخمسين من نهج البلاغة " فلما راى الله صدقنا انزل بعدونا الكبت وانزل علينا النصر حتى استقر الاسلام " . ومن صفات هذا الصنف من الاصحاب يقول الامام (ع) كما في الخطبة السادسة والتسعين من النهج " كانوا يصبحون شعثاً غبراً قد باتوا سجداً وقياماً يراوحون بين جباههم " . والصنف الاخر من الاصحاب كان عالة على الاسلام ومزيد مشقة على النبي (ص) , ولو اعتمد عليهم رسول الله في الدعوة الاسلامية " ما قام للاسلام عمود ولا اخضر للايمان عود " حسب قول الامام علي في الخطبة الخامسة والخمسين من النهج .
فهل لمنصف ذي عقل ودين متجرد عن الهوى ان يساوي بين الاصحاب جميعا ؟ وهل لمنصف ان يدخل ابا سفيان ومعاوية ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص واضرابهم ممن كتب التاريخ اعماله بمداد اسود في عداد ال محمد (ص) ؟ .
ان الصلاة على محمد وال محمد دعاء لهم برفع الدرجات وانزال مزيد من البركات , كما انها وفاء منا وتادية حق لصاحب الرسالة الاعظم (ص) لما اعطاه وما تحمله من مشقة من اجل انقاذنا من الشرك الى التوحيد , ومن الضلالة الى الهدى , فضلا عن ان الصلاة على النبي واله هي مقدمة ناتي بها بين يدي حاجاتنا الى الله تعالى عندما ندعوه سبحانه لقضائها , او دفع بلاء نزل بنا , فهل اصحاب النبي على الاطلاق لديهم ما يؤهلهم لان يكون ذكرهم وفاء لصاحب الرسالة وفيهم من قتل ذريته ؟ هل الصحابة جميعا لهم القرب من الله تعالى بحيث تستنزل بهم الحاجات ويدفع بهم البلاء ؟ هل تقضى الحاجات ويدفع البلاء بابي سفيان ومعاوية وعمرو بن العاص مثلا ؟ .
اننا عندما نذكر ال محمد (ص) عند الصلاة عليه انما نذكرهم لامرين :
1 – انها سنة نتعبد بها كما ورد في الاحاديث النبوية الشريفة التي سقناها اعلاه .
2 – ان آل محمد (ص) لا توجد ثلة تماثلهم في الفضل والطهارة والقرب من الله تعالى , فيذكرهم الامام علي (ع) في نهج البلاغة في الخطبة مائتان وسبعة وثلاثون فيقول : " هم عيش العلم وموت الجهل , يخبرك حلمهم عن علمهم وصمتهم عن حكم منطقهم , لايخالفون الحق ولايختلفون فيه , هم دعائم الاسلام وولائج الاعتصام , بهم عاد الحق في نصابه وانزاح الباطل عن مقامه , وانقطع لسانه عن منبته , عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لاعقل سماع ورواية فان رواة العلم كثير ورعاته قليل " .
انها صفات عصموية لا تتاتى لغير الانبياء واوصياء الانبياء , وهذه الصفات النفسية والعملية هي التي رفعتهم الى مقام التعادل مع كتاب الله تعالى , القران الكريم , فالقران كتاب حق لاياتية الباطل من بين يديه ولا من خلفه حسب تعبير القران نفسه , واهل البيت (ع) لايخالفون الحق ولا يختلفون فيه حسب تعبير الامام علي (ع) , ومن هنا كانوا احد الثقلين في قول الرسول الاعظم (ص) : اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ... " ولا يوجد بين الصحابة على الاطلاق من هذه صفته , لذا فان ذكر ال محمد في الصلاة عليه بصيغة ( اللهم صل على محمد وال محمد ) اقرار منا بحقيقة لاغبار عليها , ولا يقر بها الا من شرح الله صدره للايمان .
|