في اول صرخة ولادة بغرفة عشوائية غارقة بمياه الأمطار ولدت تلك المراة المحزونه ولدها الثاني واسمته(باقر) تيمنآ بولادة الباقر عليه السلام ووسط الجوع والفقر والعوز وقسوة الزمن كبر باقر وهو يراقب عيون امه وقلبها الذي كانت تطبخه لهم طعامآ في لحظات العوز ويرى والده الذي اتعبته الدنيا بصغره وكبره..
كثيرا ما كان ذلك الطفل الصغير رجلآ كبيرآ ونبيلآ يرفض كل شكل من أشكال المساعدة من اي شخص كان ويبادر للمعونة بكل فقره وسحنات وجهه الأسمر..
كان يريد أن يكبر بسرعة ليرد لأبويه جزءآ من الدين الذي في رقبته والذي استشعره وهو طفل صغير حاول أن يعمل عاملآ في البناء او في السوق يدفع عربة..
كانت امه متعلقة به إلى درجة انها تسأل عنه لا اراديآ حتى وهو موجود بين اخوته وكانت تمرض معه وتتشافى لشفائه..
اصابها السكر والضغط لحظة ولادته وعندما كبر وبدأ يعمل كان اول شيئ يشتريه لأمه هو حبة دواء للسكر والضغط..!!
اصبح شابآ يافعآ وتلك المرأة ترقب غصنها الذي يكبر وتستعد لفرحة زواجه الذي خططت وجمعت له قبل اشهر..
وضع بيدها قبل ايام ٣٠٠الف دينار عراقي وكانت تظن امه انها نقود لجهاز عرسه لكنها فوجأت أنه يقول لها ان هذه النقود هي لتذهب لطبيبة لتجري فحوصات لها لأن وجهها كان شاحبآ متغيرآ..
تبسمت الأم وهي تبكي وشعرت بألم الطلقة الأولى كم كانت عظيمه وهي تضع هذا الشاب ليبصر النور..
فاجمل شئ للأم أن ترى ثمرة سهرها وطلقها ودمعها على ارض الواقع يترجمه الأبن إلى فعل..
كان يقبلها من قدمها صباحآ وينام في حجرها واذا رآها حزينة يحزن
في آخر اتصال له قال لها إنه ان عاد من العمل ووجد النقود التي اعطاها لها لغرض الفحوصات موجودة ولم تذهب للطبيب فإنه لن يتزوج ولن يفكر بالزواج...
ضحكت وقالت له(ولك محضره جكليت وهوسات وهلاهل بكد السمه والكاع بس كون تعرس والطبيبة ما شايلة يا بعد امك ))!
في منتصف تلك الليلة تأخر باقر وبرد عشائه الذي سخنته امه أكثر من مرة ورنت عليه ولكنه لم يرد...
اعادة الاتصال بنغمة الوجع وتوقيت الدمع وصحوة الجرح ولم تنم حتى الصباح..
كان باقر يومها في ثلاجة الموتى في الطب العدلي وقد دهسته سيارة شخص مخمور عندما كان متعبآ يرفع الغطاء عن سيارته الحمل التي يعمل سائقآ فيها وأصر يومها الطب العدلي على تشريح جثة باقر الذي كانت عيونه مفتوحه ورأسه مهشمآ تماما من الخلف وقدميه ويديه واضلاعه مكسرة..
كان طبنا العدلي رغم قسوة المنظر ومعرفة اسباب الوفاة يريد تشريح جثته وفعلا شرحوه..!!
لم نستطع ان نريه لأمه وهو بهذه الصورة التي لو شاهدته لماتت من ساعتها وتوجهنا به صوب النجف..
مكرود شاب مسكين دهسته سيارة مخمور مستهتر ودهست معه احلام امراة شروكية وقلوب محبين له ..
اصعب شيء ان تدهس السيارة شابآ في التاسعة عشر من العمر فالسيارة ستقتل اكثر من شخص وستسبب الإعاقة لروح اكثر من شخص يرى في ذلك الشاب كل حياته..!!
|