كان صوت آذان الجمعه يتخلل دم ولحم ذلك الفتى المعجون بماء الفقراء الاصلاء وكانت كلمات الصدر تلامس وجدان عماد ذلك الفتى الثائر الذي كان يتسلح بكلمات الصدر مثلما تسلح فيما بعد ببندقيته ليقف على الساتر مدافعآ عن وطنه ضمن إسناد حركة النجباء الظافرة وفي ساحة المعركة كان عماد يتخلق بأخلاق الفرسان الشجعان كما يفعل في اجازته فلقد كان يوزع راتبه الذي يستلمه على عدد من اصدقائه المقاتلين الذين لديهم أطفال وكان عند نزوله يتكفل بمصروف عائلة وأمراة عجوز قال لها إن اسمه حيدر وليس عماد وأخفى عنها اسمه الحقيقي..
نال اول وسام عندما جرح في معارك الشرف ضد الإرهاب وعاد مرة أخرى بعد شفائه ليقاتل وبعدها ايضا أصيب بجراح بالغة وبعد شفائه عاد مرة ثانية ليقاتل مع رفاقه لأن عماد كان يؤمن أن المعركة هي معركة وجود وعقيدة ومعركة الورد ضد الشوك ومعركة الندى ضد ريح الشر وكان يؤمن أن الورد لن يموت في الوطن لأن مائه دم طاهر من وريد كل شريف في هذه الأرض المعطاء...
في آخر مرة قال له والده(بني عماد أما يكفيك هذا ..مرتان تجرح واني اخاف عليك..فقال لوالده وهو يبتسم(حجي بالثالثة المنية )..
فعلآ كانت في الثالثة منية عماد عندما رحل إلى الله شهيدآ مثلما يرحل القديسون الشرفاء بصمت وكبرياء ونصر..لاينكسر إلا من عرف حقيقتهم وتقرب منهم..
رحل بعد جرحين وكان فراقه اكبر جرح لمن عرفه
في ليلة ما فوجئ اهل مصطفى بطرق الباب الساعة الواحدة ليلا وصراخ بصوت عالي لامراءة كبيرة بالسن وهي تصرخ حيدر يمه حيدر ومزقت ثيابها فسألوا شاب معها فقال حيدر هوه عماد الذي كان يعيلنا لمدة سبع سنوات مضت وعند نزوله مجاز يزورنا ويجلس معها يلاطفها ويمزح معها ويقول لها اسمي حيدر .....
وأوصى احد اصدقائه قائلا إذا استشهدت اتصل بالمرأة بعد انتهاء الفاتحة وقل لها ولدك حيدر أستشهد ذهبت المرأة في يومها إلى النجف وأرادت المبيت عنده قبره...
ولكنها لم تستطع بسبب تدهور حالتها الصحية...
هكذا يرحل الشجعان كل شئ يحزن عليها حتى حمام الصحن واغصان الشجر وعطر الورد..!
|