اختلف النسابة في هوية صاحب المقام المعروف بـ (سيدي محمد ألأنور) الواقع في شارع خليفة، بالقرب من مقام السيدة سكينة (رض) ، في منطقة مصر القديمة في القاهرة. على أقوال:
- فمنهم من ذهب الى القول بأنه : محمد (الأنور) هو ابن زيد بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى (ع) بن الإمام علي بن ابي طالب (ع) ، وهو عم السيدة نفيسة (رض) . وها القول منسوب الى الشيخ الصبّان في (رسالته) ، كما نقل ذلك عنه علي باشا مبارك في (خططه التوفيقية) ج 5 ، ص 101. ونقل عنهما ذلك أيضاً الدكتور محمود صبيح في (منتداه).
- ومنهم من قال أنه : محمد (الأنور) ابن زيد الأبلج بن الإمام الحسن المجتبى (ع) ابن الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، وهو أيضاً بحسب هذا النسب عم للسيدة نفيسة (رض) بشكل مباشر، أي أنه شقيق أبيها حسن الأنور (رض) . وهذا القول منسوب للشريف علي محمود محمد علي حفيد النسّابة (حسن قاسم) بحسب ما ذكره الدكتور محمود صبيح في (منتداه) أيضاً.
- ومنهم من قال ان صاحب المقام هو محمد الأصغر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، ورغم نقلهم وقولهم بهذا النسب لصاحب الضريح ، إلا أنّهم استدركوا ذلك بالقول : أنه غير مثبت لدى علماء الأنساب. وهذا قول أصحاب المدونة الإلكترونية والتي حملت عنوان ( أضرحة يحج إليها الشيعة في مصر - ) ، على موقع (كايرو دار) الخاص بمحطة اليوم السابع المصرية.
- ومنهم من قال : أنشئت قبة سيدي محمد الأنور في العصر الفاطمي ، وقد كانت جزءاً من زاوية حلّ محلها مسجد عام 1195 هـ ، والمسجد ملحق بمشهد سيدي محمد الأنور ، وهو ليس مدفوناً به وإنما مسجد رؤيا . وهذا القول ذكره عاصم رزق في مدونته حول سيدي محمد الأنور.
وينقل كل من الدكتور محمود صبيح ، وموقع (كايرو دار) ، وعاصم رزق ، وغيرهم من المهتمين بالدراسات التاريخية ، عن علي باشا مبارك في (خططه التوفيقية) قوله : (( هذا الجامع في شارع الخليفة بالقرب من مسجد السيدة سكينة (رض) ، له باب على الشارع يدخل منه الى غرفة مستطيلة مفروشة بالحجر ، وعلى وجهه نقش بيت شعر في لوح رخامي : مسجد حلّ فيه نجل زيد .... ذلك الأنور الأجل محمد . عام 1195 هـ . وهو مسجد صغير قائم على عامود واحد وبه منبر من الخشب وله منارة قصيرة .... وبداخل المسجد ضريح سيدي محمد الأنور رضي الله تعالى عنه ، وقد قمت بزيارته ووجدت المسجد على حالته وعليه قبة جليلة ، وفوق القبر تابوت من الخشب عليه كسوة وليس عليه مقصورة مثل باقي المقامات ...)).
وفي دلالة على الأهمية المعنوية والدينية لهذا المسجد والمقام لدى أهالي تلك المنطقة ، فقد نقل العديد من الكتّاب الحادثة التالية: في أواخر القرن الماضي وبداية مطلع القرن الحالي ، أقدمت وزارة الدولة لشؤون الآثار الى إغلاق هذا المسجد والمقام بهدف إعادة ترميمه ، فما كان من أبناء تلك المنطقة إلاّ أن تجمعوا وهرولوا الى عرض مساهمتهم المادية عن طريق جمع التبرعات لترميم المسجد والمقام ، حيث أن إغلاقه أحزنهم كثيراً وأثار امتعاضهم رغم قناعتهم بضرورة الترميم . وبعد الأنتهاء من إعادة ترميمه أقيم فيه ولا يزال موالد نبوية في العديد من المناسبات ، وخصوصاً في المولد النبوي الشريف كما ذكر ذلك علي باشا مبارك في ( خططه التوفيقية).
وبناءً على كل ما تقدم ، وبعد مراجعتنا لأكبر عدد ممكن من الكتب والمصادر التاريخية ، لا سيّما كتاب ( عمدة الطالب) للنسابة المشهور جمال الدين أحمد بن علي الحسني ، المعروف والمشهور بإسم ( ابن عنبة) ، والذي ذكر فيه أعقاب وذرية زيد بن الحسن المجتبى (ع) بشيء من التفصيل ، رغم كل ذلك لم نتمكن من الخروج بنتيجة وافية وشافية بشكل أكبر وأهم من الذي تقدم معنا ذكره. وعليه ، نقول بأن أغلب الإعتقاد بحسب ما مرّ معنا : أن هذا المقام هو لغصن شريف من أغصان الشجرة الطيبة الطاهرة الشريفة ، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وذريته المباركة رضوان الله عليهم ، والله تعالى أعلم بحقائق الأمور ، ظاهرها وباطنها ، وهو العليم الحكيم.