خرج طلاب إلى شوارع باريس أمس (الثلاثاء)، للاحتجاج على خطط الحكومة الفرنسية للإصلاح،
، في وقت واصل فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشاوراته أمس، مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين لمحاولة إيجاد حل للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد منذ نحو شهر.
ويلتقي ماكرون اليوم (الأربعاء)، ممثلي المصارف والشركات الكبرى لدعوتهم إلى «المشاركة في الجهد الجماعي» الذي من شأنه رفع القدرة الشرائية للفرنسيين وتحسين ظروفهم المعيشية، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.
وقابل محتجو حركة «السترات الصفراء» الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفرنسي سعيا لتهدئة احتجاجاتهم، بتحفظ شديد.
وتراوح استقبالهم لها بين من رأى فيها بوادر تقدم، وبين من اعتبرها دليلا على عدم اكتراث السلطة بالمحتجين، بينما سخرت المعارضة السياسية من أقصى اليمين وأقصى اليسار من التدابير التي أعلنها ماكرون.
وبينما رأى بعضهم في وعود الرئيس بوادر حل، إلا أنهم اعتبروها «غير كافية» أو «غير كاملة» لإيقاف التحركات الاحتجاجية لحركة لا زعيم محدداً لها ومطالبها متنوعة ومتعددة.
وقال أحد المتحدثين باسم «السترات الصفراء» في مدينة رين يدعى آروان، «هذه المرة هناك بالفعل تقدم. بينما كان (ماكرون) يمضي في الكلام، كانت ابتسامتي تزداد عرضاً».
ورأى المتظاهر في مونسو ليه مين بيار غييل لافيدر، أن «ماكرون لم يعِ حجم ما يحدث»، مضيفاً: «كل إعلان كان يلقى استهجانا وكان رد الفعل الأول هو أنهم لا يبالون بنا».
بدورها، سخرت المعارضة السياسية من التدابير التي أعلنها ماكرون.
وقال زعيم اليسار المتطرف جان لوك ميلنشون: «إن ماكرون اعتقد أن توزيع النقود يمكن أن يهدئ تمرد المواطنين الذي اندلع»، واعدا بمظاهرة جديدة السبت المقبل «ستشهد تعبئة كبيرة».
ورأت رئيسة التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا، يمين متطرف) مارين لوبان، أن ماكرون «يتراجع لكي يقفز بشكل أفضل».
أوروبيا، أعلنت بروكسيل أنها ستدرس بعناية كيف ستنعكس على الموازنة الفرنسية وعود ماكرون.
وقال مفوض شؤون اليورو نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، في ستراسبورغ حيث يعقد البرلمان الأوروبي جلسة عامة: «إننا نتابع من كثب الإجراءات الجديدة المحتملة التي جرى الإعلان عنها، لكن لا يمكننا التعليق عليها قبل أن يتم الإعلان عنها بطريقة صحيحة وبالتفصيل».
وكان ماكرون أعلن أول من أمس عن رفع أجور العمال الأشد فقراً وتخفيضات ضريبية للمتقاعدين في مزيد من التنازلات التي تهدف إلى نزع فتيل أسابيع من الاحتجاجات التي شابها العنف في كثير من الأحيان ومثلت تحديا لسلطته.
وقال الرئيس الفرنسي إن الحد الأدنى للأجور سيزيد 100 يورو شهريا ابتداء من 2019 من دون تكاليف إضافية على أصحاب العمل. كما ستلغى الزيادة الأخيرة على ضرائب التأمين الاجتماعي لأرباب المعاشات الذين يتقاضون أقل من ألفي يورو، لكنه أكد أنه سيلتزم بأجندته الإصلاحية ورفض إعادة فرض ضريبة على الثروة.
واعتبر الخبير الاقتصادي جان دانيال ليفي، أن ماكرون لم يعلن عن تحول اجتماعي حقيقي بل مبادرات اجتماعية.
وقال: «مداخلة واحدة لا تكفي لأننا نواجه فرنسيين ينتظرون حصول إجراءات ورؤية ما إذا كان هذا التغيير في المواقف مستداماً».
إلى ذلك، كشف استطلاعان للرأي نشرت نتائجهما أمس، انقسام الفرنسيين بشأن استمرار احتجاجات «السترات الصفراء» بعد خطاب الرئيس ماكرون.
وأشار استطلاع أجراه معهد «اوبينيونواي» إلى أن 54 في المئة يرغبون في توقف التحركات، مقابل 45 في المئة يريدون استمرارها.
وكشف استطلاع آخر أجراه معهد «أودوكسا» أن معظم الذين شملهم يؤيدون استمرار الاحتجاجات مقابل 46 في الئمة يريدون أن تتوقف.
وبحسب استطلاع «أوبينيونواي»، قال 48 في المئة إنه مقنع (13 في المئة مقنع تماماً و36 في المئة إلى حدٍ ما)، مقابل 50 في المئة عبروا عن رأي مخالف (30 في المئة ليس مقنعاً و20 في المئة ليس مقنعاً على الإطلاق).
ورأى 40 في المئة بحسب استطلاع «أودوكسا»، الخطاب مقنعاً إلى حدٍ ما، فيما أعرب 59 في المئة عن رأي معاكس.
|