القصيدة التي نظمها الشاعر قبل سقوط النظام السابق بعدة أشهر, والقيت القصيدة في وقتها في عدة مناسبات وعلى حشد كبير من الأخوة العراقيين والاخوات العراقيات
وعجَّ عجاجُها فغداً يثورُ عراقٌ فالعروقُ به تفورُ
إذا ما كانَ في الثوراتِ شرٌّ فكلُّ شرارةٍ وبها شرورُ
فما كان العراقُ بذاتِ يومٍ على الطرقاتِ تنهشهُ النسورُ
ولا كان الفراتُ بإبن سوءٍ موائدهُ الكواعبُ والخمورُ
ولا أمسى بدجلة َ أو رباها أنينُ البؤس ِ أو ثديٌّ يغورُ
ولا للشّحِّ في الفيحاءِ دارٌ بها الخيراتُ تطفحُ والسرورُ
ولا الحدباءُ قد نزعتْ حلاها فوجهُ الأرض ِ تبرٌ والنميرُ
ولا ألفَ النخيلُ سوى شموخ ٍ يطأطأُ دونهُ الأسدُ الهصورُ
ولا كانَ الشمالُ على فراق ٍ كذا مرّتْ دهورٌ بل عصورُ
فما بال العراق ِ يئنُّ جوعاً وكلُّ ترابهِ مــــاءٌ ونورُ
وما بال الأنام ِ تنامُ خوفاً وكانتْ كــلّما مُسَّتْ تثورُ
وما بال النساء ِ موشحاتٍ بحزن ٍ والدموعُ هي المهورُ
وما بال الشبابِ ينطُّ غرباً وإنْ أكلتْ آمـــــــانيهم بحورُ
الى كمْ ذا تعاني من مرارٍ أجبْ يا أيها البلدُ الصبورُ
تريدُ منَ الزمان ِ صفاءَ طبع ٍ وطبعُ الدهرِ منقلبٌ غدورُ
فكمْ ديستْ أمامَ العين ِ خلقاً وكم منْ خلفنا طُعنتْ ظهورُ
وكلٌّ يدّعي حقاً لشعبٍ كـــــــــأنَ لسانهُ عيٌّ قصيرُ
مصيرُ الشعبِ حقٌّ لا لفردٍ ولا للغيرِ يحكمُ ما المصيرُ
*** **** ***
فعاثَ الجاحدُ الشيطانُ غضباً وفي أحشائهِ كمنَ الغرورُ
ولفلفَ ما يشاءُ من المعالي وأرخصُها مهيبٌ أو مشيرُ
تناسى كمْ وكمْ ملكٍ تماهى وآخرهُ الترابُ ولا حصيرُ
فدارَ بنا الى الهيجاءِ عكساً وقال لنا الزمانُ كذا يدورُ
ووجّهَ وجههُ للشرق ِ طوراً وحيّا غَيّهُ الملكُ الغريرُ
ولمّا عدَّ عدَّتهُ بليلٍ وغطّتنا الدهيما والهجيرُ
وعادَ العائدُ الخسرانُ طبعاً وقال جنوبنا سهلٌ يسيرُ
فخبّأ كلَّ أسرار الرزايا بجعبتهِ وهنّأهُ الكثيرُ
وأبدى منْ تمنّعهِ عُجاباً وحيّر مّنْ يحيرُ ولا يحيرُ
ولمّا جدَّ جدّهم بضربٍ أخيراً فكَ جعبتَهُ الكبيرُ
فصار عراقنا الغالي مُباحا ً فلا نصرٌ لديهِ ولا نصيرُ
فلا أبناؤهُ حرصوا عليهِ ولم يرفأ بهِ هذا الاخيرُ
وأضحى بين مطرقةٍ تهاوت عليهِ وبين سلطانٍ يجورُ
فما فزنا بتقنيةٍ وعلمٍ ولم تبقَ الشويهةُ والبعيرُ!
وبعد العنبرِ الفوّاح مسكاً فلم يقبلْ بنا ذاكَ الشعيرُ
وبعد النفخ ِ والتطبيلِ زهواً يصعّرُ خدَّهُ الحملُ الصغيرُ
آلا تبّاً لدهرٍ منْ رياءٍ مفاخرُهُ الهزائمُ والعبورُ
فكم من أمِّ معركةٍ توالتْ وجُلُّ بنينها عار ٍ وعورُ
وكم نهفو الى الخطواتِ غيّاً ولا تدري عواقبَها الأمورُ
فزيدي أيّها الظلماتُ زيدي فعقبى هذهِ الظلماتُ نورُ
فيأبى الكونُ للدنيا سكوناً فإنْ سكنتْ ستنتفضُ القبورُ
*** **** ***
وكانَ لنا غديرٌ في البراري وما لهُ في الدُّنى أبداً نظيرُ
لهُ فيءٌ يظللّنا جميعاً وعبّقَ جوَّهُ الصافي عبيرُ
وتلهو في ملاعبهِ زهورٌ فلا بدرٌ يضاهيها وحورُ
وبينَ الأيكِ مفترشٌ رحيبٌ وفي محرابهِ الرجلُ الوقورُ
تلوذُ بهِ الاراملُ واليتامى وينعمُ من تكرّمهِ الفقيرُ
فكانَ غديرُنا خيراً مشاعاً كريمُ النفس ِ معشرُهُ أثيرُ
وكانَ الصدرُ متسعاً لضيق ٍ وإنْ لضبابنا ذُبحتْ صدورُ
وكم مرّتْ عصاباتٌ عليهِ لقد زالتْ ومازالَ الغديرُ
بلادٌ أدمٌ فيها ونوحٌ تطيرُ الكائناتُ ولا تطيرُ
فلو كان الهشاشة ُ ما بنينا لما بقي الخورنقُ والسديرُ
ومثوى الدرِّ والذهبِ المصفّى الا صلّوا فيا نعمّ الاميرُ
ويا نعمَ العراق وأرضُ طيبٍ يعلّي شأنهُ الباري القديرُ
ختاماً أيّها الغالي بجزم ٍ لأنتَ البدءُ والمثوى الأخيرُ
|