بعد التحول الذي عاشه العراق بعد زوال نظام حاكم مستبد يحجر على العقول والالسن بقطعها أو دفنها على جميع المستويات الفكرية منها والإبداعية كل في مجاله حتى لو كان فيه إيجابا لصالح الحاكم آنذاك وهذا مما لايخفى على من عاش الحقبتين معا .
وبما أن الحجر قد أزاله الله تعالى وولى الى حيث مقره تأريخيا والتاريخ لا يرحم .
فارتفع الحاجز وزالت الحجب عن العقول والقلوب فبدأ يظهر ما كان مكنونا لعقود وطفى وطفح على ساحة مفتوحة لا حدود لها من بضائع الفكر العام بشتى صنوفه.
فوجد نفسه حيرانا متسائلا
أيستقل في مايحمل ؟
اوينضوي مع وتحت الاقرب؟
او يأوي الى عاصم حافظ يشد أزره ويبقى متفرجاً عاقلاً متحصناً؟
وبما أنه وليد على الصراع الفكري والسياسي والاجتماعي العام لاالخاص.كان محط انظار كل طامع ومرفأ لتصدير كل من يحمل فكراً لإختراقه أو توجهاً سياسياً للهيمنة عليه أوتطبيعه إجتماعياً ليكون تابعاً وتحت طائلة عادات وتقاليد الطامع لتمرير ما يريد.
ولكون المجتمع الشيعي العراقي وليد على المقارعة أو المناكفة ويحمل عقلنة وحَذراً متجذراً لما مر به في الحقبة السابقة ،فنأى بنفسه عن أن يكون نداً ظاهراً في معتركات الفكر وطرفاً في صراعاته أو له بروز صارخ في جدل ومماطلة السياسة بهدف الهيمنة على الموجود إلا بقدره لكي يستقر .
ومع هذه التحفظات اتكأ ولجأ على والى خندقين يصعب اختراقهما على المناوئ والند والطامع على شتى الاصعدة الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية.
الملجآن.
الاول /التمسك بالتقاليد والاعراف التي هي في الغالب حصن للردع و أواصر للتماسك وحافظ للحقوق وموانع للتجاوز، فكبلت واغلقت وحجمت جميع منافذ ونوايا الانفلات والهرج على شتى المستويات وما نعيشه الان من هدوء وعقلانية إجتماعية بفضل هذا التقاليد والاعراف النبيلة وبدونها لتحولنا الى غابة كما في باقي المجتمعات التي لا تتوافر فيها هذه القيم والحدود وللمطلع ان يقارن ويرى.
الثاني/المجتمع الشيعي او أمة التشيع في العراق كانت مدركة ان الملجأ الاول حدوده
اشبه بالداخلية فهو حيطة تحفظية وحائط حماية في نفس الدائرة المجتمعية، لكن لا يجزم بضمان استمراره وشدة تماسكه واستمراره. ولكونه يحمل ارضية عقدية وأُسس تدينية وعاطفية تأهل ليكون له ملجأ حصين يلوذ به ويلجأ إليه كلما تعرض لعصف خطير قد يودي به الى المهلكة والضياع قاهر لحدوده المجتمعية ذو سطوة جبارة لا يرحم ولا يبقي ولا يذر لا يعطي سوى خيارين أمّا الخنوع ويكون المجتمع لعبةً وبضاعةً تباع وتشترى أو الابادة والزوال كما نراه اليوم وما نتعرض له كل فترة من قبيل عمالة الحاكم وخذلانه وتلاعبه بمصائر الناس وحرمانها من ابسط حقوقها والضغط والمحاصرة على نفوسها، أو التقاتل والتصدي لجانب الإبادة والضياع والمسح التام لمن يحمل كثيراً من المسميات وآخرها داعش ولازال.
الملجأ وهو خير ملجأ والواقع يشهد بذلك هم علماء الامة أدام الله عزهم ونصر بهم شيعتهم ووحد بهم كلمتهم لازالوا على الثغور مرابطين ولمصالح الناس و على دينهم محافظين، فهم دوماً لديهم خيار ثالث يوقف خيارات المناوئ بل ويصدمه ويوجعه ويقهقر ويهدم بنيانه ويجعله يعيد حساباته من جديد ولكل حساب علاج حاضر كما نرى.
ولولا هذان الملجآن مع خذلان متشيعة السياسة وتشرذمهم ودنو فكرهم وطمع نفوسهم وغرقهم في دنيا ٱبليس وحماقة عمالتهم المفرطة،لما بقي لأُمة التشيع في العراق باقية.
|