لم تكن حالة الاستعصاء في العملية السياسية ومواجهتها للعراقيل المختلفة وليدة اليوم ،وانما صاحبتها منذ اعلان نتائج الانتخابات المتقاربة وعدم فوز احدى الكتل فوزاً يتيح لها تشكيل الحكومة لوحدها او ان تكون مقاعدها قريبة من الاغلبية المطلقة ليكون لها القول الفصل ،حتى اذا لم ترغب بالانفراد بالسلطة وتسعى الى مشاركة الاخرين فيها.
فكرت بعض القوى في حلول لهذا المشكل المعقد من بينها اعادة الانتخابات لعلها تعيد رسم الخارطة النيابية من جديد ،طبعاً بعد تهيئة مستلزمات اجرائها وتلافي الثغرات والنواقص التي صاحبت الانتخابات السابقة ،وفي مقدمة ذلك تشريع قانون للاحزاب وقانون ونظام انتخابي اخر وما الى ذلك من متطلبات انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة تنعدم فيها امكانات التزوير المنظم.
الدعوة التي وجهتها كتلة الاحرار وان وضعت على لسان النائب بهاء الاعرجي باجراء انتخابات مبكرة هي ليست جديدة وحل لجأت اليه الكثير من النظم السياسية في بلدان اخرى عندما تدخل في دوامة ازمات لايبدو افقاً مرئياً للخروج منها ،لاستثمار الوقت ولوضع القطار على سكة استمرار الحكومة والدولة في عملها والايفاء باحتياجات المواطنين .
ان اجراء انتخابات مبكرة يشكل حلاً معقولا ومناسبا،فالأزمة وان جرى التوافق على تسويتها تبقى احتمالات تفجرها مجددا قائمة وكبيرة ،والاهم انه عودة للشعب ليؤكد رأيه ويجدد ثقته عن توليه شؤونه او يتحول عمن يعتقد سبب استمرار معاناته وتفاقمها .
لا تخشى من الانتخابات الا القوى السياسية التي تقدر انها فقدت جمهورها وثقة الاهالي بها ، وذلك لعدم تقديمها شيئا ملموسا من وعودها وتحقيق برامجها .
جميع القوى السياسية الحاكمة تزعم انها على صواب وتمثل طموحات شعبنا وان الاخر لم يعد يمثل الا نفسه ولن يحصل على ما حصل عليه ولكي نتأكد من صدقية الادعاءات ، لتدخل هذه القوى في تنافس وامتحان مثلما النظم الديمقراطية والمتحضرة يكون افضل حكم على شعبية اي منها.
المصالح الوطنية تقتضي اعطاء فرصة لصناديق الاقتراع لتعزز من هي القوى التي تعول عليها في وضع نهاية للازمات وتسوية الاختلافات بدلاً من الصراعات المدمرة التي لايبدو لها اية نهاية
في ظل توازن القوى ولا رجحان لاحد منها ليحسم الاوضاع وعسر التوافق بشأن المسائل الرئيسة .
|