دخلت الدعوة الى الحوار السياسي بورصة المزايدات، حتى باتت غالبية الكتل تمتلك مبادرة خاصة بها. وفيما تختلف هذه المبادرات في تسمياتها وفي بعض المفردات عن أخرياتها، إلا إن الهدف والغاية واحدة، وهو الذهاب الى طاولة الحوار.
ورغم ان كثرة المبادرات، تؤكد الحاجة الفعلية للحوار والنظر إلى بعض النقائص التي ظلت قائمة في العملية السياسية حتى اليوم، إلا أن المفارقة تكمن في أنه بالرغم من كثرة المبادرات على أختلاف مرجعياتها؛ أن أحداً لم يجلس بعد على الطاولة، وأحداً ايضاً لم يحدد موعداً مبدئياً، يعد بمثابة إعلان إنطلاق الخطوة الأولى!.
والسبب في ذلك هو أن الجميع يحاول جر نار الأزمة لمبادرته وأثبات زعامته، ومن جهة أخرى يعكس هذا في واقع الأمر مدى هشاشة الثقة بين الفرقاء السياسيين.
وأزمة الثقة السياسية هذه تجرنا الى التساؤل: هل ينجح الحوار في أنهاء الخلافات، ورأب الصدع الحاصل في العملية السياسية؟ .. وهل هناك ضمان بعد ذاك بأن لا تعود الكتل السياسية الى أجواء التوتر وإفتعال الأزمات ؟ ..
حتى الأن، ليس هناك ما يوحي بأن القوى المهيمنة على النفوذ تنوي الإتفاق على برنامج عمل سياسي من شأنه أن يعالج العديد من ملفات الأزمة السياسية المتفاقمة .. وليس هناك ما ينبئ بأن تلك القوى تملك القدرة على نقل البلاد من حالة الأزمة الى حالة الأستقرار.. كما ليس هناك ما يشير الى أن الثقة الغائبة طيلة ثماني سنوات خلت، يمكن أن تولد من رحم الفجأة بمجرد الجلوس على الطاولة.
فاصلة
أن السياسية البهلوانية التي شهدناها على امتداد السنوات الماضية، بعثت الكثير من الروائح الكريهة ولا تزال تبعث، كما أنها تثير الكثير من القلق المشروع، والكثير الكثير من قلة الأمان والطمأنينة.
ويبقى توجه الفرقاء السياسيين اليوم الى الحوار اشبه بهدنة في حرب !. كما أنه يمثل أختباراً أخيراً للقوى السياسية المتنفذة في السلطة، ومدى استعدادها لحل الأزمة المستعصية. |