كُنا نشاهد ونستمع إلى البروفيسور علي منصور كيالي وهو يوضح مدلول الآية القرآنية ﴿إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾، اذ طرح سؤال هل اللون الأصفر يسر الناظرين؟ واخذ يسرد الألوان التي وردت في القران الكريم، وان الألوان لها تأثير كبير على الانسان ونفسيته وحتى سلوكه وشفائه من الامراض فأن لكل لون تأثيره على منطقة معينة من الجسم.
اذ اهتم العلماء بدراسة الألوان، وبيان أثرها على الإنسان، وأثبتوا في ظل تجارب علمية وعملية أن اللون له موجات تؤثر في أفكار الإنسان، كما أنها تؤثر في حركته الجسمية، وأصبح للألوان في ظل النهضة العلمية علم له أصول واتجاهات، تقوم على أسس من الدراسات المختلفة والبحوث المتنوعة.
لذلك خلق الله الأصوات والألوان لتنظيم المجتمع البشري، على حد تعبير الرازي في تفسيره إن معرفة الإنسان للإنسان تحصل إمّا عن طريق العين أو الأذن، فخلق الله الألوان والصور والأشكال المختلفة لتعرفها العين وتشخصها. المصدر: تفسير الأمثل.
واللون في حد ذاته آية من آياته تبارك وتعالى، قال تعالى: ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْض مُخْتَلِفًا أَلْوَانه إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾. ومن آياته عزوجل اختلاف ألواننا وألسنتنا: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾.
ومن هنا فان اللون هو ذلك التأثير الفسيولوجي الناتج على شبكية العين، سواء كان ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن شعاع الضوء الملون، فهو إحساس إذاً وليس له وجود خارج الجهاز العصبي للكائنات الحية، والعين على درجة كبيرة من الحساسية خاصة للون الأخضر، وتنعدم هذه الحساسية عند نهايتي الأحمر والبنفسجي، فالعين قادرة على إدراك أقل اختلاف في اللون ويمكنها أن تميز من 200 إلى 250 لون.
وقد عبّر القرآن بالألوان عن اختلاف الجبال والناس والدواب والأنعام والثمار والزرع وما يخرج من بطون النحل.. وكيف جعل الله تعالى اختلاف الألوان آيات لقوم يتفكرون ويتأملون؟!.
تأملوا كيف ورد اللون الأخضر في الآيات التي تصف حال أهل الجنة وما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة والمتعة والأمان النفسي! فعلى ماذا تشير الألوان التي وردت في القران الكريم؟ وعليه سنقف عندها بالتفصيل.
أولاً: اللون الأبيض، ورد في القران الكريم في مجموعة من الآيات ويشير الى:
1. لون الجبال، قال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ﴾.
2. وجوه أهل الجنة، قال تعالى: ﴿وأما الذين ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
3. عين النبي يعقوب(عليه السلام) من البكاء على يوسف: ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفي عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾.
4. خيط النهار للصيام، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾.
5. يد النبي موسى(عليه السلام)، قال تعالى: ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ﴾.
6. شراب اهل الجنة، قال تعالى: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾.
ثانياً: اللون الأحمر، ورد في القران الكريم مره واحد ويشير الى:
1. لون الجبال، قال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُود﴾ٌ.
ثالثاً: اللون الأصفر، وقد ورد في خمسة مواضع ويشير الى:
1. لون بقرة بني اسرائيل: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾.
2. لون الريح: قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾.
3. تحول لون النبات، قال تعالى: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا﴾. 
4. تمثيل اللهب بلون الجمال، قال تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَت صُفْرٌ﴾.
رابعاً: اللون الأزرق، ورد في القران الكريم مره واحد ويشير الى:
1. عيون اهل النار، قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾.
قيل معناه زرق العيون من شدة ما هم فيه من الأهوال والحزن. وقد ورد في القرآن في هذه الآية دلالة على أن هذه الأجسام لا تبلغ الموت أو الحياة. فالمعروف أن لون الدم هو الأحمر وعندما يتحول إلى الأزرق فهي تعني احتباس الأكسجين الشديد وفساده، وهي أصدق تعبير عن الحشر، وكلمة زرقاً تدل على شدة الازرقاق.
خامساً: اللون الأسود، ذكر سبع مرات في ست آيات، ويشير الى:
1. لون الجبال، قال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾.
2. وجه من بُشر بالانثى، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾.
3. قرب الليل لافطار رمضان، قال تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.
4. وجوه اهل النار، قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.
5. الذين كذبوا على الله، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾.
سادساً: اللون الأخضر، لقد حظي هذا اللون في القرآن الكريم بالاهتمام أكثر من أي لون آخر، فهو يمثل في البيان الإلهي الخير والجمال والسلام، وهو أفضل الألوان كلها وأشرفها، فقد ويشير الى:
1. الشجر المستخرج منه النار، قال تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ﴾.
2. الأرض بالعشب والشجر، قال تعالى: ﴿الم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾.
3. بسط ووسائد الجنة، قال تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾.
4. ثياب أهل الجنة، قال تعالى: ﴿وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ﴾. 
5. السنابل التي رآها ملك مصر، قال تعالى: ﴿إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾.
وعليه أن اللون الأخضر يعني الحياة بما فيها من معاني للاستقرار والراحة، ويحمل أيضاً دلالة الخصوبة. ذلك فضلاً عما اكتشفه العلماء من أنه عندما تدخل طاقة الضوء إلى الجسم فإنها تنبه الغدة النخامية والجسم الصنوبري مما يؤدي إلى إفراز هرمونات معينة تحدث مجموعة من العمليات الفسيولوجية، وبالتالي السيطرة المباشرة على تفكيرنا ومزاجنا وسلوكياتنا، وكذلك فللألوان تأثير على مكفوفي البصر تماماً كالمبصرين نتيجة لترددات الطاقة التي تتولد داخل أجسامهم، وهذه الفكرة استخدمها الصينيون القدماء في علاج الأمراض وتسمى بال فينج شوي.
وحديثاً أجروا تجارب لاستخدام الألوان في علاج بعض الأمراض، وذلك بجعل المريض يرتدي ثوباً من لون معين أو يجلس في غرفة حوائطها وفرشها من نفس هذا اللون، ويقوم بتركيز نظره لفترة محددة عليه في الوقت الذي يحصر فيه ذهنه ويتأمل مكان الألم الذي يعانيه، فكان مما اكتشفوه أن اللون الأخضر بالذات يقتل الجراثيم والبكتريا ويسكن الآلام ويقاوم الإنهاك والشعور بالتعب، فيشعر صاحبه بأريحية وسعادة ويشفي من الأمراض الميكروبية، وبذلك عرفوا السر في استخدام الفراعنة للون الأخضر في مقابرهم لحفظ المومياوات من التحلل البكتيري.
ان اللون الاخضر له اثر كبير في علاج الإمراض العصبية والنفسية والهستريا والإرهاق العصبي، وكذلك له الاثر في زيادة قوة الادراك والتحمل ويبعث الامل والاعتدال، كذلك له الأثر في ازالة حالات الارق وتخفيف ضغط الدم، وتسكين اوجاع الاعصاب، ويلاحظ ان اغلب الذين ينتخبون اللون الأخضر في الوهلة الأولى رحما واقعيون، ويتمتعون بتعادل روحي ونفسي. المصدر: نفحات القران.