• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بين الشريعة والعشيرة .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

بين الشريعة والعشيرة

يوسف صحفي ومترجم ، يجيد وضع العراقيل ،ويطرح اسئلة مشككة ، ويبدو أن لديه مشكلة مع الله .
في السيارة كان الى جواره شيخ طاعن، جرى بينهما حوار حول التقاليد العشائرية والإحترام اللازم للشرائع الدينية،سأله يوسف : هل تلتزم التقاليد العشائرية أم الشريعة ؟ ورد الشيخ: الشريعة طبعا . سأله ثانية: إذا زنت إبنتك غير المحصنة ماذا ستفعل لها ؟ قال اقتلها . رد يوسف: لكن الشريعة لا تجيز القتل بل التعزير ! انا طرحت ذات السؤال ؟ وكانت الاجابة ذاتها .
الشيخ المحترم يلتزم بتعاليم اللحية وحف الشوارب، وإطلاق اللسان بعبارات التمجيد والتحميد والتهليل ،فانه من أكثر المتدينين حضورا وإندفاعا ورغبة في إرضاء الله .
الشريعة أيضا توجب عليه دفع المال (الخمس ، والزكاة), والتصدق بالمال والصدق والأمانة والوفاء بالعهد ، وإيتاء الحقوق الى أهلها, وعدم أكل مال اليتيم ,وتطبيق الشريعة في مواردها.. والناس يلتزمون بتعاليم الشريعة غير المكلفة والصعبة ويزيغون عن الأوامر والنواه والواجبات التي من شأنها تقويم حياة الناس ومعاشهم لأن فيها قدراً من المتاعب .
يميل الناس في الغالب الى التلاحم والتكاتف حول التقاليد والأعراف ومواثيق العشيرة ، لكنهم يجدون صعوبة بالغة في إحترام التعاليم الدينية,وهذه مشكلة قديمة قدم الإنسان وقدم علاقته بالدين ، وفي أحوال مختلفة كان الأنبياء يتعرضون الى ضغوط وإهانات وتعديات ولعل أبرز مظاهر ذلك قيام شخصيات قريبة من النبي محمد بالتعدي عليه، وهو في بيت الله المقدس حين سلطوا عليه بعض الرعاع ليشتموه ويرمون ببقايا أمعاء ذبيحة، وكانت أبنته فاطمة تمسح عن ثيابه ووجهه ما علق بها ,وكان يدعو ربه بالرحمة في قومه . وفي سبيل مصالحهم الدنيوية تحالفوا مع اليهود وقبائل نافذة لهزيمته .
يذكرني ذلك بالمرحوم السيد حبيب وهو أحد الصالحين, وكان يعظ الناس في بعض الأنحاء ،ويتكلم عن الجنة والنار والعقاب والثواب وعن تعاليم الله وكانوا لاهين عنه بالنوم والضحك والثرثرة حتى أفقدوه صوابه ،وفي لحظة إنفعال أخذ يغني لهم فطربوا وتركوا الثرثرة وصحا من غفوته من كان نائما وقالوا له : الآن إستقمت يا سيدنا .القرآن في بعض مواضع منه نصح بعدم الضغط على الاعراب ليتعلموا الحدود الشرعية وهم عادة الموغلون في البداوة وعيش الصحراء والذين لا يتفقهون ولا يرغبون في معرفة الواجبات التي عليهم الإتيان بها في حياتهم .العشيرة في إلتزاماتها تلبي غرائزية الإنسان ولا تهدده بالنار وتفرض عليه إلتزامات عصبية ,ولا يكلفه ذلك الكثير . وتجده منحازا لتقاليدها متحفزا لتلبية نداءاتها ولديه الإستعداد ليقاتل المناوئين ويقتلهم ،في حين تنحسر الرغبة لديه في الإستجابة لنداءات وتعاليم الدين رغم إنه الأولى بالإستجابة والأحق, وتترتب على عدم الإيفاء بها عقوبات وحدود في الدنيا والآخرة.جرّب أن تردد عبارة (بين الشريعة والعشيرة) لعشر مرات حينها سيختلط الحابل بالنابل.  
hadeejalu@yahoo.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12055
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13