• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رجل الغد..  .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

رجل الغد.. 

  لا أعرف.. هل وحدي الذي التقيته وحاورته أم هناك قبلي من التقاه..؟ له وجه نوراني وشيبة بيضاء وقورة، وله هيئة ضخمة مهيبة، سألته مبتدئاً حواراً معه:ـ حدثني عن حقيقة خيبر يا شيخ، أجابني:ـ لنقف أولاً عند دلالات قول النبي (ص): (لأبعثن غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبانه، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه خيبر).

 قلت: لقد تعرضت أحداث خيبر لتزوير خطير، وشهدت اخبارها تعتيما كبيرا غايته اسهام بعض الأسماء في فضائل علي وانجازاته في هذا اليوم، وفي هذه الوقعة المبهرة، والذي يظهر من سياق الجملة ان هناك محاولات سابقة لقادة عسكر باءت بالفشل ان هناك شيئا ما حدث، فاشتد على قلب النبي (ص)..!
عقب الشيخ تاريخ:ـ نعم هناك قيادات فشلت، ورايات انتكست، منها راية بيضاء لكنها رجعت ولم تبدِ أي جهد شجاع، وفي اليوم الثاني خملت الراية من قبل قائد آخر، لقد كانت للهزيمة اقرب مجرد أن واجههم (ناشر) أخ مرحب، كشفت الأنصار حتى انتهوا عند رسول الله (ص) فلهذا قال قولته، أي بمعنى قرر الاعتماد على القوة الربانية، قرر اللجوء الى معناه  الى روحه، الى علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قلت:ـ طيب شيخنا الجليل، إن من خسر وانكسرت صولته وانتكست رايته كيف له ان يحلم او يتأمل أن يكون هو رجل الغد؟ أجابني حينها الشيخ تاريخ بكل هدوء:ـ لأن رجل الغد يحمل العديد من السمات، أولا الظرف الذي جعل الجميع يستثني علي بن أبي طالب من دائرة التفاضل هي اصابته بالرمد، فلذلك اهتمّ شمول التشخيص بالتحرك تحت رعاية ربانية، ويعني حتى الذي فشل بالأمس يحلم أن يتحرك عند الغد تحت هذه الراية. ثانياً لو انتهينا الى مميزات رجل الغد من خلال مفردات الحديث الشريف: "لأبعثن غداً... أي لأعتمد، والاعتماد هنا ميزة وأفضلية لحدث استباقي، رجلاً يحبه الله ورسوله يحبانه الله ورسوله، شهادة تزكية بتوقيع نبي، وهذه من أفضل المميزات التي منحت لرجل الغد، لا يولي الدبر... شهادة تقليد وسام الشجاعة من النوع المعنوي، ومن من الرجال لا يتمنى مثل هذا الوسام، يفتح الله على يديه في حالة وجود الرمد في عين علي بن أبي طالب، ويعني أن هناك استثناء قسريا من الحرب، يصبح الحلم مباحاً للجميع بارتقاء لقب رجل الغد، فكانت المفاجأة غير المتوقعة للجميع أن يدعو النبي علياً (عليه السلام)، ويشفيه من رمده بكرامة ومعجزة تحدث أمام مرأى الجميع، فما اشتكى من عينيه أبداً، وعقد له الراية، وقال له: اذهب وقاتل ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك.
قلت يا شيخ: أنا عندي سؤال، لماذا أحضر النبي علياً في واقعة قوية بهذا الحجم، وهو أرمد؟ أجاب قد يرى البعض أن الرمد حدث أثناء الواقعة، وهي قراءة استباقية وبرهان من البراهين التي وهبها النبي الى علي، ولأجل أن لا يقال أن علياً لم يترك لنا فرصة البرك بقيادة حرب، مساحة الحرب مفتوحة، لكن علينا أن نقف عند السؤال الذي سأله علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا رسول الله علامَ أقاتلهم؟ فهل يجهل علي (عليه السلام) على أي شيء يقاتل، أم هو حرص توضيحي لمن قاد الجيش في الأمس، ولم يسأل؟
 فكان الجواب قانوناً إسلامياً ونهجاً رسالياً على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، واني رسول الله، فإذا فعلوا حقنوا دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله (عز وجل)، وهذا يعني انه (ص) فكر في امتياز خيبر كرقعة جغرافية ليس من اجل مالها ومحاصيلها، بل من أجل عدم  استغلالها لصالح الحرب، وتهديد المسلمين، منهم خانوا ونقذوا العهد، ونرجو من المدينة الى خيبر، فصارت خيبر بؤرة خطر على المسلمين، لكن الذي لابد أن تقف عنده هو ان الامام راح يهرول حتى رأيته تحت الحصن، طلع يهودي من رأس الحصن مستغرباً هذه الجرأة فقال:ـ من أنت؟ فردّ (عليه السلام):ـ أنا علي بن ابي طالب، فقال اليهودي:ـ غلبتم، ويعني انهم أصحاب دراية استباقية لنتائج الحرب هذه واحدة، أما الثانية خروج مرحب وخوفه من اسم حيدرة؛ كونه صاحب دراية استباقية  بمن سيقتله، قلت: ما الذي أخرجه؟ قال:ـ أولاً وسوسة الشيطان انه ليس هو المقصود. ثانياً حراجة الموقف؛ كونه رجل اليهود وشجاعهم. وثالثاً الغضب الذي تملكه بعد مقتل أخيه، ولو انتبهنا الى عدته فهو لبس درعين، وتقلد سيفين، واعتم بعمامتين، ولبس فوقها حجرا قد اثقبه بقدر البيضة لعينيه، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار.
وأكمل الشيخ تاريخ:ـ لولا أني أؤمن بكرامة الله في علي (عليه السلام) لأصابني الذهول الى اليوم، رفع باب الحصن التي طولها أربعون ذراعاً، وجعلها جسراً ليعبر المسلمون الخندق.
 قلت: شيخنا، صف لنا الباب؟ أجاب:ـ كان يعجز عن فتحه او غلقه اثنان وعشرون رجلاً، وقد جرب أربعون رجلاً حمل الباب فعجزوا، قلت: يا شيخنا، ماذا قال النبي (ص) حينها بحق علي (عليه السلام).
 أجابني الشيخ تاريخ:ـ إن الدلائل واضحة والكلمة موجودة والشهادة معرفة من قبل جميع أئمة المذاهب: لولا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالة لا تمر بملء الناس إلا أخذوا من تراب رجليك ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي، انت تبرئ ذمتي، وتقاتل عن سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني، وانك غداً على الحوض خليفتي. 
(ملاحظة ..نشر هذا الموضوع باسم الكاتبة رجاء بيطار سهوا في صدى الروضتين )


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118787
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13