• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نظرة جديدة الى نشاطات الشركات الكبرى في الولايات المتحدة الامريكية .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

نظرة جديدة الى نشاطات الشركات الكبرى في الولايات المتحدة الامريكية

اختار الرئيس الأمريكي دويت ايزنهاور , رئيس شركة جنرال موتورز وزيرا للدفاع عام 1952. ومن اجل مصادقة الكونغرس على تعينه , سائله احدهم الوزير المرشح , كوزير , هل ستوافق على قرارات قد تعارض مصلحة شركة جنرال موتورز ؟ كان جواب الوزير المرشح للسؤال " سأضع دائما مصلحة المواطن الأمريكي فوق مصلحة الشركة ", وأضاف , انه " لا يتصور هناك تعارض بين الاثنين ".

وجهة نظر الوزير المرشح حول الشركات العملاقة مثل جنرال موتورز لا تختلف كثيرا عن وجهة النظر الإيجابية التي كان يحملها المواطن الأمريكي حول الشركات العملاقة آنذاك. فقد اظهر استبيان اعد عام 1950 , ان 60% من الشعب الأمريكي قابل ومرتاح من نشاطات الشركات الكبرى . احد علماء الإدارة آنذاك صرح قائلا " هناك لا خلاف بين الامريكان حول نشاطات الشركات الكبرى الإيجابية للمواطن وللبلد , عدا غريبي الاطوار من اقصى اليمين واقصى اليسار".

ولكن هذا الحب بين المواطن الأمريكي و الشركات الكبرى تراجع جدا واصبح المواطن الأمريكي ينظر الى الشركات العملاقة على انها شركات ليس لها مصلحة بالمواطن الأمريكي عدا الركض وراء الربح . ففي استبيان اعد عام 2017 , كشف ان 21% فقط من اجابوا على الاستبيان قالوا انهم مازالوا لديهم الثقة بالشركات الكبرى وان هذه الشركات تقدم خدمات كبيرة الى الشعب الأمريكي.

النظرة السلبية للشعب الأمريكي الى نشاطات الشركات الكبرى جاءت بسبب الفساد المالي والإداري لمجموعة من الشركات الكبرى مما أدى الى ضياع المليارات من أموال المستثمرين الصغار والذين كانوا يحلمون بثروة من اجل التقاعد . كما وان موجة العولمة والتي أدت الى هجرة الكثير من الشركات الامريكية الكبرى الى خارج البلاد مما أدى الى خسارة الملايين من العمال الأمريكيين أعمالهم. يضاف الى ذلك خروج عدد من النظريات الاقتصادية والإدارية تشجع الاعمال الصغيرة وتعتبرها الطريقة المثلى في تقليص فجوة الثروات او القوة المجربة التي تستطيع الوقوف امام طمع وجشع الشركات الكبرى.

في هذه الاثناء خرجت مجموعة من علماء الإدارة والاقتصاد تدعو ان كل ما قيل ويقال عن نشاطات الشركات الكبرى السلبية هو ليس بعيدا عن الحقيقة , ولكن تشخيص و وصفة الشفاء من هذه النشاطات السلبية كان خطا. هؤلاء العلماء اعتمدوا على الحقائق التالية:

1. ان قوة الشركات الكبرى الاحتكارية لم تزداد بين أعوام 1950 و 2017 , الا قليلا جدا .

2. ان الضرائب التي تجنيها الحكومة الاتحادية من الشركات الكبرى هي اعلى بكثير من نسبة الضرائب على الأرباح التي تجنيها الحكومة من الشركات الصغيرة.

3. لقد اتهمت الشركات الكبرى بتسريح كبير للعمال في أوقات التراجع الاقتصادي, ولكن الدراسات والاحصائيات وجدت ان نسبة التسريح في الشركات الصغيرة اكبر . الإحصاءات لعام 2015, بينت ان احتمالية تسريح العمال في الشركات الصغيرة هو اربع مرات اكبر من احتمالية التسريح في الشركات الكبرى.

4. معدل أجور العمال في الشركات الكبرى يزيد في المعدل على 54% من معدل أجور عمال الشركات الصغيرة . عمال الشركات التي يزيد عدد العاملين فيها على 500 عامل يتمتعون بمنافع التسريح والضمانات المختلفة بما يساوي 2.5 مرة من الشركات الصغيرة.

5. الدراسات اكتشفت أيضا ان اغلب فرص العمل خلقت في الاقتصاد الأمريكي لم تكن من الشركات الصغيرة , وانما خلقت من قبل الشركات الكبرى .

6. على الرغم من الدعاية الكبيرة من ان معظم الاختراعات والاكتشافات قد خرجت من كراجات البيوت ومن لمعاهد والجامعات , الا ان الحقيقة هو ان من خلال  مختبرات الشركات الكبرى خرجت معظم الاكتشافات وذلك لان الشركات الكبرى لديها قدرة الصرف على البحوث والتطور.

ماهي الرسالة من هذه المعلومات للمخطط العراقي ؟ لا ادعوا ان العراق يحتاج لدخول صناعة السيارات والطيارات في المرحلة الحالية , ولا ادعوا ان يكون العراق القائد في صناعة الصلب والحديد , او في صناعة أجهزة الحاسوب او صناعة الأجهزة الدقيقة . ولكن ادعوا ان هناك عدد من الصناعات من الممكن ان تكون من الحجم الكبير مثل صناعة الأثاث , البتروكيماويات , البناء, والإنتاج الزراعي. ان تأسيس شركات كبرى حتى لو كان بمساعدة شركات كبرى اجنبية او باستثمار خارجي فان لهذه الشركات سيكون لها منافع عظيمة للمواطن العراقي منها استيعاب اعداد كبيرة من خريجي الجامعات التخصصية والتي مع كل الأسف البعض منهم قبل بالعمل في اعمال لا تخص اختصاصه بسبب قلة فرص العمل , تثقيف العراقيين على النظريات الإدارية الجديدة , التعرف على المكائن ولألات وكيفية تصليحها, التعرف على طرق التسويق في الداخل والخارج والذي يفتقر المواطن العراقي من معرفتها, وأخيرا , ان أجور ومنافع التي تقدمها الشركات الكبيرة لعمالها واداريها هي اكبر بكثير من اقطاع المشارع الصغيرة.   




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=117409
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15