في كل ليلة وعندما تهدأ النفوس وتهجع العيون وتصمت كل الألسن امسك قلمي لأميط عنه لجامه وأطلق عنانه واكتب منولوج نفسي وما يختلج في صدري من عبارات وآهات وزفرات قد تكسرت من حسراتي المتراكمة وليخط قلمي حوارات نفسي معها حينما تسأل وتجيب تكاد تقتلني عندما لا تجد جواب لما تستفهم عنه تلك نفسي في سجال دائم وفكري لمنشغل بإجاباتها فارمق النجوم بطرفي واشعر باني سقيم لكني لم ارتب يوما بوجود ربي وعنايته ولطفه وأعود لأكتب شيئاً على قرطاسي الذي يمزق كل سحابات الأمل حينما يكون فارغا حينما تتلعثم كل الحروف والكلمات وتأبى أن تنصاع لمداد قلمي ولكني أعود وأعود مرات ومرات وفي كل مرة ابحث عن من يسمع كلامي ولكن الكل منشغلون فكل حزب بما لديهم فرحون والكل متحزبون لم يفقهوا غير لغة السلاطين وصوت الدراهم والرنين وشيئا من كلام الواعظين وكل يقول أنا على جادة الصواب المبين وأنا من بين كل هذا لا اعرف إلا حيرة قلمي المتلعثم عند أول السطر في الورقة الفارغة .وبينما الكل منشغلون وكذلك أنا بالحديث مع نفسي لم أحس الا واني على الثرى والناس حولي ماذا جرى فأفقت من سكرتي لأقول بلسان عربي مبين " مالكم تكأكأتم علي كما تتكأكأون على ذي جنة، افرنقعوا عني " فقال احدهم الم اقل لكم انه مجنون فرد عليه صاحبه وهو يحاوره لعله عاشق مفتون فقلت سبحان الله هل تكلمت بلسان الجان فلم يفهمني الإنسان إنهم لم يفهموني لفرط ما غيروا في لغتي فصرت كأني في غير قومي ومن ولدوني أهكذا يصنعون بلغة الكهف والنون
لغة قدر الله لها أن يتكلم بها كل العالم حينما يناجيه ولعل هذا ما ارق مصطفى جواد فقال لهم قولوا ولا تقولوا
|