قبل الخوض في تفاصيل البروباغندا وتأثيراتها على المجتمعات المستهدفة، يجب تعريفها وبيان تشعباتها اولاً، فتعرف في المجالات الاعلامية على انها مجموعة من المعلومات والرسائل الموجهة بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص. وهي مضادة للموضوعية في تقديم المعلومات، بشكل أدق هي عرض المعلومات بهدف التأثير على المتلقي المستهدف. وكثيراً ما تعتمد على إعطاء معلومات ناقصة، والامتناع عن تقديم المعلومات الكاملة، فهي تقوم بالتأثير على الأشخاص عاطفيا بهدف تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين لأجندات سياسية. وتأتي على ثلاث اصعدة فسياسياً تعني الترويج واقتصادياً تعني الدعاية ودينيا تعني التبشير.
وساهمت وسائل الإعلام في تعميق هذه الظاهرة فكانت أداة قوية في يد الحكام الديكتاتوريين، الذين سّخروا الإعلام كوسيلة مثالية وفعالة لنشر بروباغندا رخيصة لهم، بعيدة عن المنطق والحقيقة والصدق، وللالتفاف على مطالب وحقوق الشعوب، ومنح الشرعية لحروبهم وأطماعهم التوسعية، ولهيمنتهم على المجتمعات. ولأن امريكا هي المصداق الواضح لمعنى الاستكبار فكانت البروباغندا من أهم سياساتها التحريضية ضد الألمان في الحرب العالمية الأولى، حيث قام رئيسها (ويلسون) بتأسيس لجنة دعائية ساهم في عضويتها مفكرون وأكاديميون. كما تأسست في بريطانيا وزارة للدعاية، أخذت على عاتقها المهمة نفسها في تلك الحرب. فوصفها الزعيم النازي أدولف هتلر، الـ (بروباغندا) بـ الفن، لكسب قلوب الجماهير؛ حتى لو بالخداع والتضليل!.
وأخر امثلة البروباغندا هو ما عملت عليه العصابات التكفيرية (داعش) من خلال اصداراتها الاعلامية التي كانت تصل الى 900 اصدار دعائي مرئي في الشهر الواحد، استطاعت من خلاله جذب الالاف من الشباب للقتال في سوريا والعراق.
وكشفت دراسة حديثة عن تراجع بروباغندا التنظيم في ضوء الضربات التي وجهتها القوات العراقية والسورية والحلفاء له على الأرضي العراقية السورية. هذا على مستوى التسويق الخارجي للدعاية ويبقى الخطر الاكبر وهو بروباغندا داعش على المستوى الداخلي عن طريق العقول التي اشبعها التنظيم بالفكر المتعصب، وخاصة عند الاطفال الذين نشاؤا نشأة تعصبية في ضل سيطرة التنظيم على مناطق سكناهم. مما يدعوا الى وضع خطط لنشر الوعي المجتمعي في التعايش السلمي وتبيان الافكار الظلامية الاجرامية الطارئة على مجتمعاتنا الاسلامية، التي جاء بها داعش بتمويل صهيوأمريكي بتنفيذ وهابي من دولٌ باتت معلومة للرأي العام!.
|