• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كُبة أمي ... وموازنة البرغل...!! .
                          • الكاتب : احمد اللعيبي .

كُبة أمي ... وموازنة البرغل...!!

 

في معامل الطابوق في التاجي كان مسقط رأسي وبداية عملي إذ كان عملي وانا صغير في السابعه من عمري  إيصال الحمار إلى ماكنه اللبِن لتحميله حتى يفرغ اللبِن على الأرض ليفخر بعدها في معمل خاص  ليصبح طابوقآ يباع في سيارات كبيرة وبأعداد مختلفه مثلما يحدث اليوم..
كنا نجوع كثيرآ لاننا نعمل طول النهار لذلك كنا نترك الحمير ونهرع لبيوتنا لنتناول مانجده من طعام فمرة خبز ومرة لبن ومرة خيار..
وفي احد الأيام لم أجد أي شي سوى قدر كبير كانت قد وضعته امي على نار هادئه مثل نار قلوب أمهات الشهداء و قالت انه كبة برغل صنعته خصيصا لنا وانها بذلت جهدآ جهيدآ في الطبخ من ناحية فرم اللحم وعجن البرغل وكانت الكبة حلم بطوننا الصغيرة وقتها وجاء وقت الغداء وأمي تقول (يمه اصبروا شجاكم )مثلما ينادي اغلب الساسة شعبهم المظلوم ويطالبونه بالصبر ..وصبرنا بشوق للرائحة والطعم وتشويق امي لنا خصوصا اننا تعودنا على الرز واللبن او الدجاج بمرق ابيض طيلة السنوات الماضية تماما مثل وعود الساسة بالماء والكهرباء والعيش الكريم الذي اودى بحياة كريم ..!!
ولم نعهد امي طباخة ماهرة للبرغل ولكننا صدقناها لانها أمنا ومن( جماعتنا ) وتعدى موعد وقت الغداء مثل تعدي وقت الموازنه وجاء العصر ونحن ننتظر البرغل..
وجاءت اللحظة التي انتظرناها طويلا وهي عملية توزيع البرغل لان امي كانت قد طبخت البرغل وفق نظام المحاصصة والنسب التي تهمها فتركت اربع قطع لوالدي بصفته رئيس تحالف بيتنا  وقطعتان لجدي ومثلها لجدتي وثلاث قطع لعمي لأنه كان على استعداد ان يقلب جدر الكبة ان لم تأتي حصته وفق استحقاقه في موازنة امي ونحن الصغار كل واحد منا وضعت امي في صحنه كبة واحده وبقيت عمتي التي كانت تكنس الدار وتحلب الأبقار وتعجن وتخبز بدون كبة واعطتها امي مرقة بيضاء مع بقايا كبة مفتتة فيما بقي أحدنا يحدق بوجه الآخر ولاذ الصغار والكبار بالصمت لهذه القسمة ...
وزعت امي الملاعق بنظام التشمير اي (ألكَف خاشوكتك )..
وقبل الأكل عقدت امي اجتماعآ على طريق التبسبس مع والدي واجتماعآ آخر عن طريق الإشارة مع جدتي..
حاولنا ان نأكل الكبة لكنها كانت صلبة جدآ مثل صلابة المكونات العراقية ذات الأقلية العددية واللسان الطويل لساستها  فأنكسرت ملعقة جدتي مثل إنكسار المكون الأكبر بسبب فشل ومداهنة بعض ساسته...
وأمام ضغطة يد عمي على الكبة قفزت كبته بصحن اخي الأصغر وانسكب المرق على دشداشة جدي ..
ولم نستطع أن نفتح بطن الكبة حتى استعنا بسكين لنجد ان امي وضعت اللحم بجهة والبرغل بجهة أخرى ووزعت اللحم وبنسبة ١٧%امام كبة والدي فقط..
كانت كبة امي حلم بعثرته الملاعق واصابنا الجوع وذهبنا نبحث عن فتات خبز في التنور مثل ما بحث البعض عن فتات خبز في مؤتمر الكويت..
لم نسمح بعدها لأمي بطبخ البرغل واكتفينا بالبحت والشلكين والبثيث والمحروك أصبعه..
الغريب أن عمتي التي حرموها من الكبة هي التي تطبخ وتعمل لنا كل هذه الاكلات تماما مثل اولئك الذين وقفوا على السواتر فطبخوا كل شئ ولم يعطوهم كبة برغل واحدة..!!
احمد العيبي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116489
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13