• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سبب اخر من اجل اعادة الحياة الى القطاع الصناعي والزراعي في العراق .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

سبب اخر من اجل اعادة الحياة الى القطاع الصناعي والزراعي في العراق

تتفق جميع الدراسات الخاصة بالتنمية الاقتصادية بوجود علاقة طردية بين ارتفاع دخل المواطن السنوي والطلب على الخدمات . فكلما زاد دخل المواطن السنوي كلما ازداد الطلب على التربية والتعليم , الصحة,  السياحة, المرافق الترفيهية , المطاعم , النقل والمواصلات , الامن , وخدمات كثيرة أخرى. هذه الزيادة على قطاع الخدمات , يجعل من حصة قطاع الخدمات في مجمل الإنتاج المحلي اكبر من حصة القطاع الزراعي و الصناعي في جميع الدول الصناعية والتي يتمتع مواطنيها بدخل مرتفع مقارنة مع مواطني الدول الغير الصناعية. على سبيل المثال , يشكل قطاع الخدمات في الولايات المتحدة الامريكية نسبة 80.2%  من الإنتاج المحلي , بينما يشكل القطاع الصناعي 18.9% , والقطاع الزراعي 0.9%  في عام 2017. هذه النتائج لا تختلف عن اقتصاد اليابان , بريطانيا, فرنسا, او المانيا . ففي المانيا بلغة حصة انتاج الخدمات في الإنتاج المحلي نسبة 69.3% , بينما بلغة نسبة الإنتاج الصناعي والزراعي , 30.1% و 0.6% على التوالي عام 2017.

بينما يسمح اقتصاديات الدول الصناعية زيادة الطلب على الصناعات الخدمية , وذلك بسبب ارتفاع دخول الافراد فيها , فان اقتصاديات الدول العالم الثالث لا يسمح بذلك , لأنه ببساطة , ان دخل المواطن فيها لا يسمح بالصرف على الكثير من الخدمات التي قد يحتاجها او يحتاجها احد افراد عائلته. أصحاب الدخول المحدود , على سبيل المثال , لا يمكنهم من ارسال أطفالهم الى روضة الأطفال او قضاء يوم الجمعة مع العائلة في متاحف المدينة , او التردد على المطاعم داخل المدينة او خارجها . من اجل زيادة الطلب على الخدمات تحتاج الى زيادة في الإنتاج الزراعي والصناعي , لان كلا القطاعين من يخلق الثروة , بينما قطاع الخدمات يساعد على نموها . بكلام اخر لا يمكن لقطاع الخدمات من قيادة التنمية الاقتصادية , وانما من يقود التنمية الاقتصادية وازدهار الاقتصاد الوطني هما القطاع الصناعي والزراعي. وعليه من اجل زيادة الطلب على الخدمات , يجب ان يكون هناك قوة شرائية للمواطن , ومن اجل ان يتمتع المواطن بقوة شرائية قوية , يجب ان يكون هناك انتاج زراعي وصناعي . ولكن من اجل تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي , البلد يحتاج الى تعليم وصحة ومواصلات , وبدون هذه الخدمات فان حظ البلد في التنمية الاقتصادية يكون ضعيفا .

المشكلة , ان الكثير من دول العالم الثالث , والعراق من ضمنها, أصبحت تتبع نموذج الدول الصناعية , وهو زيادة الطلب على الخدمات مع تراجع في حصة الانتاج الزراعي والاقتصادي . على سبيل المثال , بلغ حصة الخدمات من الإنتاج المحلي العراقي 54.6%  , بينما بلغت حصة الانتاج الزراعي والصناعي من الإنتاج المحلي 4.8% و 40.6% على التوالي عام 2017 . حصة الخدمات في الإنتاج الوطني العراقي ستكون حتى اكبر لو حذفنا حصة الإنتاج النفطي في العراق والذي يدخل ضمن القطاع الصناعي , لان انتاج النفط يشكل ما يقارب 90% من مجموع الصناعات العراقية.  هذه النسب تأكد بشكل قاطع ان انتاج وتصدير النفط اصبحتا المحرك الحقيقي لزيادة الطلب على الخدمات , وان قطاع الخدمات في العراق سوف يتراجع كثيرا مع تراجع انتاج النفط او انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية .

هذه الحالة يجب ان لا تستمر طويلا , لان الاعتماد على الصادرات النفطية لتوفير ما تحتاجه المائدة العراقية من طعام او ما يحتاجه المواطن من خدمات لها عواقب كثيرة شعر بها المواطن العراقي بها منذ منتصف عام 2014, وهو العام الذي بدأت أسعار النفط  في الأسواق العالمية تتدحرج . ان استمرار انخفاض أسعار النفط والذي ينعكس بصورة عكسية على الميزانية الاتحادية مع بقاء القطاع الصناعي والزراعي غير نشطين قد يؤدي الى تدهور قطاع الخدمات , ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وانهيار الاقتصاد الوطني. ان سبب انتعاش قطاع الخدمات في الدول الصناعية سببه هو ارتفاع القوة الشرائية لمواطنيها و ان أساس هذه القوة هو وجود قاعدة صناعية او زراعية او كلاهما قوية , وبدون هذه القوة شرائية لا يمكن لقطاع الخدمات من التقدم والازدهار في هذه الدول.

وعليه , وحتى يكون هناك قطاع صحي متقدم , وقطاع تعليمي ناجح وكفوء , وهناك مؤسسات تعتني بثقافة المواطن (المتاحف, دور السينما و المسارح , والفن بكل اشكاله ) , وهناك سياحة داخلية وخارجية بكل أنواعها , يحتاج العراق الى إعادة الحياة الى قطاع الزراعة والصناعة . كلا القطاعين سوف يوفران فرص عمل ضخمة الى العاطلين عن العمل , يقلل الاعتماد على الاستيرادات, يوفر عملات اجنبية كبيرة للبلد , زيادة في معدل دخل المواطن العراقي , وزيادة في الطلب على الخدمات , وهو الطريق الصحيح الذي اختطته الدول الصناعية نحو التقدم والازدهار.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114880
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15