• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تَزوجني وفي قلبهُ أخرى .
                          • الكاتب : مصطفى محمد الاسدي .

تَزوجني وفي قلبهُ أخرى

قصة واقعية من وقائع الحرب في العراق - عن ابطال الحشد الشعبي

 

كنتُ شابةً يافعة الجمال أدعوا الله دائمًا أن يرزقني زوجًا كما أحب أن يكون شهمًا ونبيلًا ولا يخلو من صفات الرجولة شيئاً، لم يمر وقتًا طويلًا على دعائي حتى جاءت إلى منزلنا في ذلك اليوم إحدى النساء التي تعرفهن أمي وطلبت يدي منها وبعد فترة قصيرة فاتحتني أمي بالموضوع وأخبرتني أن الرجل صاحبُ صيتًا طَيبًا ومعروفًا بأخلاقهِ، انا كعادتي الخجولة لم أبدي رأيي والتزمتُ الصمت وعلى وجهي بدت علامات الرضا والطمأنينة، في حينها كانت هناك حربًا دائرة في أحدى مناطق العراق ومضى عليها أكثر من عام كان أكثر شباب الحي الذي أسكنُه قد تطوعوا للدفاع عن أرض العراق رغم انّا كنا نسكن في مدينة بعيدة في جنوب العراق والحربُ الدائرة في غربهِ.

 

 

مَضت الأيام وبدأنا نهيء للزفاف وانقضى الوقت حتى جمعني الله وإياه في غرفةٍ واحدةٍ كان لقائي الثاني له في هذه الغرفة ولقاءنا الأول حين قدم مع أهله لخطبتي، رفع عني غطاء مقنعة بدلة الزواج وقعت نظراتي عليه وانا خجله ينتابني شعور القلق كان وجههُ مضيئًا وابتسامتهُ تبث في قلبي الطمأنيّنة والراحة وكأني به قد سكن فؤادي منذ فترة طويلة، مضت الأيام وازداد تعلقي به ولم أكن أتحمل فراقهُ أبدًا كان يُغيب عني لأسبوع كامل رغم أننا قد تزوجنا حديثًا، حتى رَجع من سفرهِ وعلى وجههِ خيباتُ الأمل، بقيت قلقة حينها لما أصابه لم يكن يطيق الحديث معي من شدة قلقه حتى سألته ما بك هل حصل شيئا لك في سفرك؟.

 

 

أجابني حينها قائلًا إن هناك امرًا مهمًا كان يخفيه عني أمرًا لم أتمكن من استيعابه أخبرني انه يحب غيري ويرغب كثيراً في الرحيل إليها حتى سألته هل تحبها أكثر مني اجابني منحني الرأس نعم، لم يكن بمقدوري إلاّ أن اتمالك نفسي وغضبي وحيرتي جمعتُ كل قواي واجبته إذن إذهب لها وتزوجها فأنا حيثما تكون سعيدًا سأكون سعيدة لم يحرك ساكنًا حتى سألته ما بك إذهب وانا راضية قال حتى إن ذهبت فأنا لا املك المال، أخبرته هذه مجوهراتي بعها وحقق مبتغاك، رفض ولم يقبل بذلك رغم الحاحي له ولكن لم يكن أمامه خيارًا آخر أخذها وذهب مسافراً إلى حبيبته وبقيت انا محبوسة النفس مكتومة الروح عروسًا لم يمر على زواجها اكثر من شهر!.

 

 

كان كل همي ان يعود واراه مجددًا مر الشهر الأول والثاني ومرت ثلاثة شهور ولم يعد زوجي ولم يزورني كان يحدثني في الهاتف وأتواصل معه أخبرته اني حامل واحتاج وجوده جنبي أسمع الاخبار التي بقربه لم تكن أخبارًا جيدة أصوات قصف وحرب مستمرة الححت عليه بالعودة كان دائمًا يخبرني أنه مشغول ولا يستطيع زيارتي بقيت حينها اجرع الحسرات تلو الحسرات على أمل اللقاء وعندما يحدثني أخفي دموعي وصوتي المبحوح وانا أندبه بداخلي يا لك من زوجٍ تترك زوجتك في الشهر الاول لتبحث عن أخرى ويا لي من زوجة تبيع مجوهراتها ليتزوج بها زوجها.

 

 

لم تمر أيام كثيرة حتى رن الهاتف واسرعت حينها لارفع السماعة واذا به صوت والدي وهو يخبرني ان اجهز واحضر أغراضي أستغربت منه واخبرته لماذا يا ابي نحن في أمان وزوجي قادم في الطريق حينها أصبح صوت والدي اقوى وقال جهزي غراضك قادمون الك وأغلق الهاتف، لم ارتح ابدًا أحسست أن هناك شيئاً مريب ومخيف بدأ القلق ينتابني رفعت السماعة لأتصل على زوجي وما من فائدة عشرات المرات اتصلت ولا يرد؛ زاد قلقي كثيراً رفعة السماعة مرة أخرى لأتصل على أخيه رد بصوتٍ خافتٍ مبحوح نعم يا أختي قلت أخبرني ماذا يجري والدي اتصل وطلب أن أحضر أغراض ولم أفهم شيء هل طلقني زوجي هل انتهت فترتي اخبرني بذلك، اجابني أن أحضر اغراضي فقط وأغلق الهاتف.

 

 

ذهبت حينها لألملم أغراضي ودموعي تفيض على وجهي ما الذي فعلته حتى يهجرني ويطلقني هل أستحق كل هذا، كلها ساعات ودق باب المنزل وإذا بوالدي ومعه والدتي واخو زوجي لم أتحمل حتى إرتميت في حضن امي وانا أصرخ هل طلقني هذا الخائن هل طلقني بعد كل ما فعلته لأجله ضمتني امي وبكت بحرقة قلب ولم تستطع ان تتكلم حتى تدخل أبي لتكون الكارثة التي لم اتوقعها أبدًا وقال : اهدأي يا بنتي زوجك الآن شهيدًا عند الله أستشهد في الموصل مدافعًا عن العراق.

 

 

هنا وقفت وانا منصدمة ماذا يفعل في الموصل أخبرني إنه ذاهب ليتزوج هل زوجي ذهب للجهاد لا الزواج ألم يحب بنت غيري لطمت وجهي حينها وبدأ والدي بالحديث : زوجك خرج من عندك وفي قلبه عشق الشهادة لم يذهب لغيرك ابدًا حتى وصيتهُ كانت تزهوا بأسمك ولم تفارقيه يومًا أما مجوهراتك اشترى بها ما يلزمه للجهاد، حينها انا سقطت وحاولت ان اتمالك نفسي دخلت غرفتي وانا اقلب ملابسه هل كانت الشهادة حبيبتك هل للعراق وقعا في قلبك اكثر مني تمنيت ان تخبرني حينها حتى أحاول منعك لكنك قررت يا حبيبي قررت أن تكون في الجنان وأن أبقى أنا أسيرة هنا، كانت روحه تهيم في المكان حتى كلماتها كان يسمعها وكأنه يصف حالتها :

 

حين قدوم جنازتي

كانت تمشي مسرعة من بيتها إلى بيتي

عثرت مرة ومرة أخرى وأخرى عثرت

هل انت هنا ؟

هل كنت هنا !

ألم تلحظ وجودي

ألم تحرك ساكنًا ؟ لم أعهدك تراني أسقط وانت ترقد مستلقيًا هكذا

هل سأمت الرد

ما هذا الدم الذي عليك

أين المنديل المعطر الم أخبرك أن تحافظ عليه

ما هذا الخشب

اكل هذا الخشب لك

هل بدلتني بهذا الصندوق

قررت الرحيل ؟

 

حاولت الرد عليها مرارا ولم افلح

كان العراق يغلق فمي وفم اخوتي

 

وداعا حبيبتي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=112997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 12 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14