( 1 )
« لقد ولع بعض الباحثين عن حياة الرسول الكريم صلى الله عليه واله فصوّروه بإطناب كبشر عـادي ، وأكثـروا من الأستشهاد بآيات تنفي الغلو فيه ، نحو قوله تعالى : « قل إنما أنا بشر مثـلكم يُـوحَى إليَّ » ويكثرون بالاستشهاد بمثل قوله تعالى : « إ إنـمـا الآيـات عـنـد اللـه » ونحو ذلك ثم هم وصفوه بالعبقرية ، وبالبطولة ، وبالقائد ، حتى أكـثروا مـن إصـدار الكـتب عنـه بتلك الأسماء «عبقرية محمد» و «محمد القائد» و «محمد البطل» وأمـثالها.
وهـذه كـلّـهـا ممّا لا ينبغي أن تحـلّ مـحلّ وصـف محمد بـالنبي و الـرسول ، ومـا ذلك مـنهم الإ لاستبعـاده عـن حقائق النبوة وآيات الوحي ، ودلالـة المعجـزة الخارقة على صدقه والأية في تصديقه، فهم قلدوا المستشرقيـن الـذين كادوا المسلميـن مـن حيـث لا يـشعـرون مثـل جـوستـاف لـوبون و غولدزيهر و لامنس وغـيرهم ممن سممّـوا افكـار طـائفة من أناس تربـوا في مـدارسهم ، فكان سـوء حظهـم أن صاروا ببغـاوات يرددون ما يتلى عليهم ، وقد خدعوا بزبرجـة الألفـاظ وبهرجة الألقاب في عصر النهضة العلمية ، حيث هبت رياح الغرب في الشرق »[١] .
________________________________
[١] مزيل اللبس في مسألتي انشقاق القمر ورد الشمس ، للسيد محمد مهدي الخرسان ص٢٤-٢٥
( 2 )
« كان أحد أساتذتنا الكبار يقول : إنَّ الفيلسوف الذي يضطر إلى استعمال مصطلحات كثيرة مثل : الإمكان الذاتي ، والإمكان الاستدلالي ، والإمكان الاستعدادي ، وواجب الوجود بالذات ، والعقل الأول ، والعقل الثاني .. إلى آخر ما هنالك من المصطلحات الفلسفية ، إنَّما يدلُّ على عجزه وضعف وسيلته ، لكونه لا يستطيع الاستغناء عن هذه الأغلفة والصيغ .
ولكنَّنا نرى الأنبياء وبغير أن يستعملوا أي اصطلاح أو غلاف من تلك الاصطلاحات الأغلفة والصيغ ، يقولون ما يريدون ببيانهم المبين وبكلمتين اثنين أو ببضع جمل بسيطة ، حتى ليحار الفيلسوف ، كيف يستطيع الأنبياء أن يقولوا ما يريدون بهذا الأسلوب السهل الممتنع وبهذه البساطة ...
فالأنبياء فضلاً عن كونهم أفضل من الفلاسفة في الوصول إلى الناس ، فإنَّ عملهم أكبر وأجل ، لأنَّهم يوصلون رسالتهم إلى القلوب ، أي إلى كل الوجود البشري ، بحيث إنَّ من يؤمن بنبي يكون مرتبطاً به بكل وجوده »[١]
_____________________
[١] السيرة النبوية « ضمن مجلد محمد وعلي النبي والإمام » للشيخ مرتضى مطهري ص٩٧ ط : دار الإرشاد .
( 3 )
« العشاق يعشقون كل ما ينسب إلى معشوقيهم حتى ولو كان وسخاً وسيئاً بذاته ، إذ إنهم يعشقونه لكونه منسوباً إلى المعشوق على حدّ درجة الانتساب ، فهو يحب أقرباء المعشوق إلى أن يصل إلى خادم البيت ، كما أنه يحب الناس الذين هم في بيت محبوبه أكثر من حبّه للجمّال ، ويحب نعجته أكثر من حبّه لكلبه ، ويحب كلبه أكثر من حبّه لخيل الآخرين ، بل حتى من الآخرين ، ولو تردد الأمر بين إنقاذه كلب حبيبه وكلباً آخر لواحد من الناس ، فإنه يختار كلب حبيبه ، ولا إبهام في هذا الموضوع ، بل هو أمر وجداني يدركه كل واحد على قدر طاقته ، بل لا يوجد مخلوق بلا عشق ومحبة ، فهو عين الحياة التي تسري في كل الموجودات ، ومن الذرة إلى الدرة ، ومن المتقدمين إلى المتأخرين »[١]
أقول : وإن كنا لا نؤيد إطلاق كلمة « عشق » على محبة ومودة أهل البيت عليهم السلام ولكن الكلام جميل وهو نفسه ينطيق على محبي سيد الشهداء عليه السلام وما حصل في أيام الأربعين خير دليل .
_________________________
[١] سياحة في الشرق ، مذكرات السيد محمد حسن القوجاني ص٢٢.
|