نظرا لاتساع التجارة في القرن التاسع عشر في منطقة الخليج، ونظرا لازدياد النفوذ البريطاني في المنطقة قررت الدولة العثمانية بناء حصن الفاو عند مصب شط العرب لتكون على بينة مما يجري في رأس الخليج من نشاط بريطاني، وقد توافد المسؤولون الأتراك لزيارة الفاو للوقوف على سبل تقوية الاستحكامات العسكرية عند مدخل شط العرب.
فزار الفاو رديف باشا سنة 1874م، وأمر ببناء حصن، فأنشأت قلعة طينية صغيرة ومخفضة الارتفاع نسبيا جنوب محطة التلغراف بـ200 ياردة (180م تقريبا)، وعلى وجه التحديد في الحوز المعروف بحوز الميناء، والذي كان يسمى قبل ذلك بحوز الكرنتينة (أي المحجر الصحي).
وقد اعترض آل الصباح ملَّاك الأراضي في الفاو على أعمال البناء من نقل الأتربة حركة العمال بحجة تعرض بساتين نخيلهم الى التلف، وقد جرت بينهم وبين السلطات العثمانية مشادات عنيفة، قام بسببها الجنود العثمانيون بكسر السدود واغراق الأراضي الزراعية، فاضطر آل الصباح للسكوت على مضض.
ولكن هذه القلعة لم تكن بالمستوى المطلوب لموقع استراتيجي مهم كالفاو، ففكر العثمانيون ببناء قلعة ثانية أخرى من الآجر تكون أكبر وأكثر متانة، وتتسع لعدد أكبر من الجنود.
ففي آذار 1882م زار الفاو تقي الدين باشا والي بغداد، فرأى أن هذه القلعة الطينية صغيرة ولا تفي بالغرض، واقترح بناء حصن مستدير خلف غابات النخيل، لكن المقترح لم ير النور.
ثم زار المنطقة قائد القوة البحرية في البصرة في مايس 1883م لاختيار أرض مناسبة لبناء الحصن.
وفي كانون الأول 1885قرر علي باشا والي البصرة الشروع في بناء الحصن، وقد رصد مبلغ مالي كتكلفة للبناء قدرت (18000) باون. وشرع بالعمل بها في 17مايس 1886م، بإدارة كامل بك الذي ذهب الى الفاو بصحبة 160 جندي. وفور وصوله اختار أرضا مساحتها 50 فدانا، في المكان المعروف بحوز القشلة، وكان يسمى قبل ذلك حوز أبو سعيد، وهو يبعد عن ساحل الخليج بثلاثة أميال (5كم تقريبا) وعن ضفة الشط (500م تقريبا).
واستدعى أصحاب السفن وعرض عليهم التعاون في نقل التراب من قرية الدورة الواقعة شمال قضاء الفاو لأجل دفن الأرض، كما شرعت السفن في نقل الطابوق والاسمنت والحديد اللازم للبناء من البصرة، واستمر العمل في القلعة حتى سنة 1903م، بمشاركة 160 عامل و200 جندي، وبعد تمام العمل وبناء القلعة رفعت درجة الفاو إداريا الى قائمقامية.
وكان يبلغ طول الحصن 50م تقريبا وعرضه 25م وهو مزود بدعامات حديدية، ووضعت أمامه سبعة مدافع، وبلغ عدد الجنود والضباط فيه ما يقرب 170مقاتل، لكن هذه القلعة لم تصمد في الحرب عند الغزو البريطاني سوى ساعة واحدة حيث سقطت على يد البريطانيين عام 1914م.
|