المحاور الرئيسة - من الرموز والنخب والطاقات - معنيّةٌ أساساً بتشخيص حاجة الظرف المعاصر ، وهي التي تعي أنّ الترف الفكري والتبذير المعرفي والإسراف العلمي رهانٌ قاصر .. إنّنا بحاجة ماسّة إلى نشر المبادىء الإنسانية الأصيلة الممهّدة لبلوغ المقاصد الرفيعة .. لانقول : إنّ تداول هذه المسألة الفقهية وتلك الحادثة التاريخية والواقعة الاجتماعية والسياسية ... نفياً وإثباتاً وتحليلاً ونقداً ، خالٍ من الفائدة ، لكن مثل بحوث : دقائق عبادات النبي ، المنامات ، الغنوصيات ... هل تلبّي الحاجة وتجيب عن التساؤلات المطروحة ؟ ولاسيّما أنّ " العقلانية " هي صاحبة الصوت الأرفع والفضاء الأرحب والتلقّي الأسرع في عالم اليوم .. فما ترانا فاعلين ياتُرى ؟ فنحن لم نرفد الوسط المعرفي بنتاجٍ علميٍّ عقلانيٍّ استدلاليٍّ على صعيد أمثال : المنقذ ونهاية التاريخ ، العقل العملي ( الأخلاق ) ، التطوّر الدلالي للّفظ ، الفكر النقدي ، إشكالية تشخيص الموضوع الفقهي ، التأويلية ، البنيوية بمراحلها ،الأصالة والحداثة ... وسائر البحوث الفكرية النابضة التي لها صلة وثيقة بنا تلاقياً أو تنافراً .. لم نرفده -للأسف - سوى بمحاولات خجولةٍ معدودة لاترقى إلى حجم الحاجة في ظلّ الصراع الحضاري القائم .. بل البعض منّا منشغلٌ ومتحمّسٌ لإبطال وجوب الخمس ، نفي وجود هذه الشخصية التاريخية وتلك، محاسبة المعصوم ، التشكيك بهذا الأصل وذاك المبنى .المطلوب مخاطبة الناس خطاباً إقناعيّاً لا إسكاتيّاً بالدليل الواضح والبرهان القاطع والاستدلال الجامع ، بما يتناسب مع لغة العصر وحاجة المكان والزمان .
إنّ التحريك العاطفي والتأثير الأحاسيسي جرعةٌ وقتية سرعان مايأفل مفعولها ويضمحل .. إنّما ترسيخ القيم النبيلة عبر الأساليب الأنيقة والتقنية الحديثة والأدوات الفاعلة ، له الأثر الخضل في مواجهة الغزو الثقافي الآخذ بالانتشار الخطير رويداً رويدا .
وتبقى الجهود التقليدية لحفظ المبادىء موردَ اعتزاز واحترام ، لكنّ العالَم يتغيّر ومعه تتغيّر طرق الحفاظ على الأُصول المباركة .
لذا ينبغي بذل أكبر السعي للوقوف على حاجة الظرف ، المستلزمة معرفةَ أنجع السبل والأدوات التي تساهم في تثبيت وبثّ الرؤى السليمة والمضامين الصحيحة الهادفة إلى إسعاد البشرية دنياً وآخرة .
|