الشيخ محمد جواد البلاغي (عليه الرحمة) (1865-1933م)
يا تريب الخد في رمضا الطفوفْ ** ليتني دونك نهباً للسيوفْ
يا نصير الدين إذ عز النصيرْ ** وحمى الجار إذا عز المجيرْ
وشديد البأس واليوم عسيرْ ** وثمال الوفد في العام العسوفْ
كيف يا خامس اصحاب الكسا ** وابن خير المرسلين المصطفى
وابن ساقي الحوض في يوم الظما ** وشفيع الخلق في اليوم المخوفْ
يا صريعاً ثاوياً فوق الصعيدْ ** وخضيب الشيب من فيض الوريدْ
كيف تقضي بين أجناد يزيدْ ** ظامياً تسقى بكاسات الحتوفْ
كيف تقضي ظامياً حول الفراتْ ** دامياً تنهل منك الماضياتْ
وعلى جسمك تجري الصافناتْ ** عافر الجسم لقىً بين الصفوفْ
يا مريع الموت في يوم الطعانْ ** لا خطا نحوك بالرمح سنانْ
لا ولا شِمرٌ دنا منك فكانْ **ما أمار الأرض هولاً بالرجوف
سيدي أبكيك للشيب الخضيبْ ** سيدي أبكيك للوجه التريبْ
سيدي أبكيك للجسم السليبْ ** من حشاً حرّان بالدمع الذروفْ
سيدي ان منعوا عنك الفراتْ ** وسقوا منك ظماء المرهفاتْ
فسنسقي كربلا بالعبراتْ ** وكفاً من علق القلب الأسوفْ
سيدي أبكيك منهوب الرحالْ ** سيدي أبكيك مسبيّ العيالْ
بين أعداك على عجف الجمالْ ** في الفيافي بعد هاتيك السجوفْ
سيدي ان نقضي دهراً في بكاكْ ** ما قضينا البعض من فرض ولاك
أو عكفنا عمرنا حول ثراكْ ** ما شفى غلتنا ذاك العكوفْ
لهف نفسي لنِساكَ المعولاتْ ** واليتامى إذ غدت بين الطغاةْ
باكياتٍ شاكياتٍ صارخاتْ ** وُلَّهاً حولك تسعى وتطوفْ
يا حمانا من لنا بعد حماكْ ** ومَنِ المفزع من أسر عِداكْ
ولمن نلجأ ان طال نواكْ ** ودهتنا بدواهيها الصروفْ؟
يا حمانا من لأيتام صغارْ ** ومذاعيرَ تعادى بالفرارْ
راعها المزعج من سلب ونارْ ** حيث لا ملجا ولا حامٍ رؤوفْ؟
لست أنساها وقد مالت إلى ** صفوة الأنصار صرعى في الفلا
أشرقت منهمْ محاني كربلا ** كشموس غالها ريب الكسوفْ
هاتفاتٍ بهمُ مستصرخاتْ ** باكياتٍ نادباتٍ عاتباتْ
صارخاتٍ أين عنا يا حُماة ** يا بدور التّمّ ما هذا الخسوفْ؟
يا رجال البأس في يوم الكفاحْ ** يا ليوث الحرب في غاب الرماحْ
كيف آذنتم جميعاً بالرواحْ ** ورحلتم رحلة القوم الضيوفْ
ما لكم لا غالكم صرف الردى ** لا ولا اردتكُمُ بيض الضبا
أفترضون لنا ذلّ السبا ** وعناء الأسر ما بين الألوف؟
|