• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عْاشُورْاءُالسَّنَةُ الرَّابِعَةُ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عْاشُورْاءُالسَّنَةُ الرَّابِعَةُ

   ما أَعظمَ قولَ الله تعالى {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}!.
   يتهرَّبونَ من المسؤوليَّة بذرائِعَ شتَّى من أَجل أَن لا يتورَّطوا بالمشكلةِ إِذا بهِم يرَون أَنفسهُم في وسطِها يكتوُون بنارِها ويتضوَّرون من آلامِها.
   إِنَّ الهربَ من المشكلةِ ليست حلّاً! كما أَنَّ تأجيل الحلِّ أَو ترحيلهُ هو الآخر ليس حلّاً أَبداً! لأَنَّ المشاكلَ عادةً مثل كُرة الثَّلج تكبر كلَّما تدحرجت! ولذلكَ فالمواجهةُ لحلِّها مهما كان الثَّمن هو الحلُّ! ولقد رأَينا ماذا حلَّ بالعراق اليوم بسببِ ترحيلِ المشاكل الحقيقيَّة عاماً بعد عامٍ بحججٍ وذرائعَ شتَّى حتَّى زادت الآلام وتعقَّدت الأُمور وسالت الدِّماء أَنهاراً حتَّى كِدنا أَن نعودَ إِلى المربَّع الأَوَّل!.
   لقد دعا الامامُ الحُسين السِّبط (ع) أَلنَّاسَ في مدينةِ جدِّهِ المدينة المنوَّرة وتحديداً كبار الصَّحابة من المهاجرينَ والأَنصار إِلى نُصرتهِ ودعمِ موقفهِ الرَّافض لبيعةِ الطَّاغية يزيد عندما نودي بهِ [خليفةً للمسلمينَ] إِلّا أَنَّهُم تجاهلوا دعواتهُ وخطاباتهُ كلٌّ تحجَّج بذريعةٍ ولاذَ بآيةٍ أَو حديثٍ سمعهُ مِن رسول الله (ص) وفسَّرهُ بما تهوى نَفْسهُ للهربِ من المسؤوليَّة!.
   تحجَّجوا بأَنَّ رفضَ البيعةِ يورِّطنا في فتنةٍ لها أَوَّل وليس لها آخِر! تمزِّق الأُمَّة وتفرِّق الجمع وتُنسي النَّاسَ دينهُم! وكأَنَّ الخليفة السكِّير الذي يلعب بالقرودِ يذكِّرهم بالله!.
   لم يكونوا رُبما يتصوَّرون بأَنَّهم كانوا في تلك اللَّحظة يخطِّطون للفتنةِ لأَنفسهِم ليقعُوا فيها وليس ليهربُوا منها كما ظَنُّوا! فالَّذين دعاهُم رَسُولُ الله (ص) للقتالِ إِتِّقاءَ الفتنةِ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} تذرَّعوا بخوفهِم على أُسرهِم وبيوتهِم ونسائهِم إِذا ما تركوها بِلا رجالٍ تدافعُ عنها وتحميها! فماذا كانت النَّتيجة؟!.
   سقطوا في الفتنةِ التي تحجَّجوا بها وتحوَّلوا إِلى عورَةٍ وسوءَةٍ يُشارُ لهم بالبنانِ بدلاً من أَن يحموا عوراتهُم ويصونوا سوءاتهُم! فكانت فضيحتهُم قُرآناً يُتلى آناءَ اللَّيلِ وأَطرافَ النَّهارِ {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}.
    ويحدِّثُنا التَّاريخ أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) أَصبحَ من غدهِ، بعد أَن رفضَ البيعةَ للطَّاغية يزيد، يستمع الأَخبار، فإذا هو بمروانَ بن الحَكم قد عارضهُ في طريقهِ فقالَ: أَبا عبد الله إِنِّي لَكَ ناصحٌ فأَطِعني تَرشد وتُسدَّد!.
   فقالَ لَهُ الامام (ع) {وما ذاكَ؟! قُل أَسمع}.
   فقالَ مروان: إِنِّي أُرشِدُكَ لبيعةِ يزيد فإِنَّها خَيْرٌ لَكَ في دينِكَ وفي دُنياكَ!.
   فاسترجعَ الحُسين السِّبط (ع) وقال {إِنَّا لله وإِنَّا إِليهِ راجِعُونَ وعلى الإسلامِ السَّلام إِذا بُلِيَت الأُمَّة بِراعٍ مثلَ يَزيد} ثمَّ قال (ع) {يامروان أَتُرشدُني لبيعةِ يَزيدٍ؟! ويزيد رَجُلٌ فاسقٌ! لقد قُلتَ شططاً من القولِ وزَللاً! ولا أَلومكَ! فإِنَّكَ اللَّعينُ الذي لعنكَ رَسُولُ الله وأَنتَ في صُلْبِ أَبيكَ الحكَم بن العاص! ومَن لعنهُ رَسُولُ الله فلا يُنكر مِنْهُ أَن يدعو لبيعةِ يَزيدٍ! إِليكَ عنِّي يا عدُوَّ الله! فإِنَّا أَهلُ بيتِ رَسُول الله الحقُّ فينا ينطقُ على أَلسنتِنا، وقد سمعتُ جدِّي رَسُولُ الله يقولُ {الخِلافةُ محرَّمةٌ على آلِ أَبي سفيانَ الطُّلقاء وأَبناء الطُّلقاء، فإِذا رأَيتُم مُعاوية على مِنبري فابقُروا بطنهُ! ولقد رآهُ أَهلُ المدينةِ على مِنبَرِ رَسُولِ الله فلم يفعَلوا بهِ ما أُمِروا فابتلاهُم بإِبنهِ يزيد}.
   ١/ أَلعَتبُ إِذن ليسَ على أَيتامِ الطَّاغية ولا على مَن لا يفهم معنى الوطنيَّة وحبَّ الوطن إِذا جرُّوا البلادَ إِلى مصائبَ شتَّى وأَفسدوا وسرقوا ونهبوا المالَ العام! إِنَّما العتبُ كلَّ العتَبِ على مَن اسودَّت جبهَتهُ من كَثرةِ الصَّلاة ونحفَ جسدهُ من كَثرةِ الصَّوم إِذا سرقَ البلاد وارتشى وأَفسدَ في الدَّولة! وهو الأَمرُ الذي ابتُلينا بهِ اليوم في الْعِراقِ الجديد!.
   ٢/ إِنَّ ثمن السُّكوت على الظُّلمِ والانحرافِ والفسادِ والفشلِ هو المزيدُ من الفِتن العمياء والمزيدُ من الفِتَنِ بالظَّالمين! وهذا ما يلزمَنا الحذرَ مِنْهُ دائماً! لنقفَ بوجهِ الانهياراتِ!.
   ٢٤ أَيلول ٢٠١٧
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=105060
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13