عندما تتراجع، أو تغيب، إسهامات (المواطن) في الرقابة، فان أي جهد للمؤسسات الحكومية، لن يؤدي دوره على النحو الذي يحقق غايات هذه الرقابة، وأهدافها.
ولكن من الذي يراقب، ومن الخاضع للرقابة، كي لا تتسع دائرة الجدل حول حقوق الإنسان، والتعددية، وحريات التعبير ..الخ وكي لا تتحول مرونة الجدل إلى خلافات، والى إضعاف دور الرقابة في سيادة النظام، فان الدول (المركزية) منذ كانت إقطاعية، مرورا ً بالدكتاتورية، وانتهاء ً بالرأسمالية، تختلف، ليس في التطبيق، بل في الغايات، عن الدول التي تبنت المساواة، إن كانت اشتراكية، أو ديمقراطية.
فالرقابة، بالمعنى (العلمي/الحيادي/ الشفاف) ليست رقابة أجهزة الدولة على المواطنين، وليست هي، في الوقت نفسه، رقابة الشعب على مؤسسات الدولة، حسب، بل هي التي تعمل على تطبيق المعايير المتفق عليها، من غير استثناءات، في دورها العام.
إنها رقابة تأخذ بنظرها المبدأ التربوي، منذ الولادة، مرورا ً برقابة الضمير، وانتهاء ً بالتشريعات. ذلك لأنها مترابطة، وأي خلل في أية حلقة سيشكل ضعفا ً على نتائج التطبيقات. فالقانون وحده، شبيه بالأوامر غير المطاعة، فانه لن يحقق الشفافية من غير (الضمير) ومن غير وجود تربية عامة للمواطن بضرورة عدم التجاوز، وعدم الاعتداء، الأمر الذي يجعل من الرقابة أداة تنموية، لأنها متصلة بالحريات، والحقوق، والبناء، وأي خلل ـ في أي حلقة من الحلقات ـ يجعلها كلمة بلا معنى، كعملة بلا رصيد، وكسلاح خال ٍ من العتاد.
وإلا فان تجاوزات المواطن: من إهماله لنظافة المدينة، إلى تجاوزه على الحق العام، في استقطاع مساحات من الأرض، والتجاوز على شبكات الكهرباء، أو لا مبالاته في تطبيق القوانين المختلفة ..الخ، لا يتقاطع مع أي تراخي من لدن الجهاز الرقابي للدولة في المجالات كافة، من غير إهمال ان رقابة الضمير، بالمعنى السليم، ستشكل معيارا ً لسلامة حقوق المواطنين كافة، وحرياتهم، كي تكتمل هذه العناصر في أداء ما تتوخاه الرقابة، من تطبيق للعدالة، وفي الوقت نفسه، للمحاسبة، والردع، وفق التشريعات، والضمير، والقيم التربوية للمجتمع ـ وللدولة ـ في نهاية المطاف.
|